ماكرون يفشل في إقناع الأوروبيين بمراقبة الاستثمارات الصينية

24 يونيو 2017
ماكرون شارك للمرة الأولى في قمة أوروبية (فرانس برس)
+ الخط -
فشل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في إقناع شركائه الأوروبيين، بمنح بروكسل سلطات أكبر لمراقبة عمليات شراء المؤسسات في الاتحاد الأوروبي، خصوصاً من قبل مستثمرين صينيين، لحماية القطاعات الاستراتيجية في التكتل.

وأعاد رؤساء الدول والحكومات الـ28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، المشاركون في قمة في بروكسل، أمس الجمعة، صياغة الخلاصات التي تبنوها حول الموضوع إزاء معارضة بعض دول الجنوب.

وأوضح مصدر أوروبي أن ماكرون الذي يشارك للمرة الأولى في قمة أوروبية، منذ تنصيبه، "دفع بوضوح باتجاه هذا الاقتراح لكن دولاً أخرى عارضت"، في إشارة إلى البرتغال واليونان وإسبانيا، فهذه الدول الثلاث بحاجة إلى أموال "للخروج من الأزمات التي تعاني منها" وتخشى أن تعرقل مثل هذه الإجراءات الاستثمارات الأجنبية على أراضيها.

في المقابل، أعربت دول أعضاء أخرى مثل دول شمال أوروبا المتمسكة بانفتاح الأسواق عن "شكوكها" إزاء المسألة.

واستهدف اقتراح ماكرون، والذي دعمته برلين ضمناً، خصوصاً المستثمرين الصينيين الذين يثير إقبالهم على شراء الشركات الصناعية الأوروبية المتطورة القلق في السنوات الأخيرة.
وتتعرض الشركات الصينية، وهي أحياناً حكومية، لانتقادات بأنها تعرض بذلك تكنولوجيا وخبرات متقدمة بكلفة أقل وعبر منافسة غير نزيهة.

في عام 2016 شهدت ألمانيا والاتحاد الأوروبي انتقال ملكية المصنع الألماني للماكينات والمعدات "كوكا" إلى عملاق الأدوات الكهربائية الصيني "ميديا" لقاء 4.6 مليارات يورو، من دون أن يكون بإمكانهما التدخل.

وأقرت المفوضة الأوروبية لشؤون التجارة سيسيليا مالمستروم، المؤيدة لسياسة انفتاحية وللتبادل الحر، بأنها "مسألة حساسة جداً على الصعيد السياسي".

وشدد ماكرون في مؤتمر صحافي مشترك مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، إثر القمة، على أن "المنافسة العادلة أفضل من الفوضى"، مشدداً على أنه تم "تسجيل رسمي لطلب تحديد إطار أفضل للاستثمارات الاستراتيجية".

وقال قصر الإليزيه إنه "تم تعديل النص بشكل عام بعد الإقرار بضرورة وجود آلية. ويتعين الآن على المفوضية (الأوروبية) اقتراح مثل هذه الآلية. وستتابع فرنسا هذه النقطة عن كثب".

لكن الواقع هو أن خلاصات القمة وبعد إعادة صياغتها، لم تعد تدعو المفوضية إلى النظر في المسألة بالنيابة عن الدول الأعضاء خلافاً لما كان مقرراً في البدء.

وجرى حذف كلمة "رقابة" (أو سكريننغ بالإنكليزية) على الاستثمارات من النص، وتابع المصدر الأوروبي أن المفوضية ستدرس المسألة في الأسابيع المقبلة.

انفتاح أوروبي

ومن المتوقع أن يتناول رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر المسألة في كلمته حول حالة الاتحاد في أيلول/ سبتمبر المقبل.

وقال يونكر "شخصياً أنا أؤيد تماماً موقف الرئيس الفرنسي، وأريد أوروبا منفتحة وليس سهلة المنال".

إلى ذلك، دعا القادة الأوروبيون من جهة أخرى الجميع إلى الدفاع عن "تجارة منفتحة ومتعددة الأطراف"، وإلى "محاربة الحمائية"، كما أشادوا بدعم الإجراءات الدفاعية التجارية في الاتحاد الأوروبي، والتي تهدف إلى مواجهة "الممارسات التمييزية وغير العادلة" التي يمكن أن تقوم بها دول أخرى.

وأجرت المفوضية الأوروبية منذ عدة أشهر إعادة صياغة لتشريعاتها حول التجارة، خصوصاً لمكافحة الإغراق الصيني للمواد الأولية.

وتنص القوانين الجديدة على تطوير نظام احتساب قوانين مكافحة الإغراق، بحيث يتيحح فرض عقوبات أكبر على الممارسات التجاوزية.

على الرغم من هذه الخلاصات المشتركة، تواجه دول الاتحاد صعوبات للاتفاق على الصعيد التجاري بين المدافعين عن التبادل الحر وبين المتمسكين بسياسة تجارية تميل أكثر إلى الحمائية.

واستقطبت الحمائية التي يدعو إليها الرئيس الأميركي دونالد ترامب والتهديد المتزايد بالإغراق الصيني والمعارضة الشعبية لاتفاقيات التبادل الحر التي يتفاوض بشأنها الاتحاد الأوروبي (من بينها مع كندا) المواقف الأوروبية في الأشهر الماضية.

ولخص دبلوماسي أوروبي الموضوع قائلاً "الانقسام هو بين الذين يريدون أولاً تجارة عادلة وبين الذين يفضلون قوانين منصفة".

وفي بكين، أعلنت وزارة الخارجية أن الصين "ستواصل تشجيع المؤسسات الصينية على الاستثمار في الاتحاد الأوروبي" و"ستطلب منها احترام القوانين والتشريعات المحلية".

وعلّق متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، بالقول "نأمل أن يؤمّن الاتحاد الأوروبي بيئة آمنة وعادلة وغير منحازة للمؤسسات الصينية المستعدة للاستثمار أو التي لديها أعمال هناك".


(فرانس برس)


المساهمون