أكدت الرئاسة الفرنسية، اليوم الأربعاء، إنشاء "مركز وطني لمحاربة الإرهاب" يشتغل تحت إمرة الرئيس ايمانويل ماكرون، وذلك غداة هجوم "نوتردام" على دورية للشرطة.
وجاء ذلك خلال اجتماع لمجلس الدفاع الوطني ترأسه ماكرون وحضره رئيس الوزراء إدوار فيليب وأعضاء الحكومة بالإضافة إلى قيادة أركان الجيش وكبار مسؤولي أجهزة المخابرات الداخلية والخارجية.
وبحسب الرئاسة الفرنسية، فإن المركز سيكون عبارة عن "خلية رئاسية" تشبه إلى حدّ كبير "تاسك فورس" الأميركية، وتتولّى مهمة محاربة تنظيم "داعش"، والتنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية والعسكرية، لتفادي الاختلالات في التواصل، والعمل بشكل متواصل في القصر الرئاسي.
كذلك سيتولى المركز، الذي يحوي حوالى عشرين شخصاً من المحللين الاستراتيجيين التابعين لأجهزة الاستخبارات، قيادة استراتيجية موحدة لجميع الأجهزة الاستخباراتية وإعداد اقتراحات عملية لمحاربة الإرهاب ورفعها للرئيس وتقديم تقرير أسبوعي لمجلس الدفاع الوطني حول سير الحرب ضد الإرهاب داخلياً، وأيضاً في بؤر التوتر في سورية والعراق ودول الساحل الأفريقي.
ويشرف على "تاسك فورس" الفرنسية المدير السابق للمخابرات الداخلية بيار بوسكي دو فلوريان، الذي يرأس أيضاً التنسيقية الوطنية للاستخبارات الفرنسية التابعة لقصر الرئاسة والتي كان أنشأها الرئيس السابق فرانسوا هولاند.
وبالإضافة إلى إنشاء "فورس تاسك" الفرنسية، التي وعد بها خلال حملته الانتخابية، باشر الرئيس ماكرون حركة تغييرات مهمة على رأس أجهزة الاستخبارات. وباقتراح منه صادق مجلس الدفاع الوطني على تعيين السفير الفرنسي الحالي في الجزائر برنار إيمي مديرا للمخابرات الخارجية المعروفة باسم الإدارة العامة للأمن الخارجي.
وإيمي من مواليد 1958 وخريج المدرسة الإدارية في باريس، وسبق له أن عمل مستشاراً دبلوماسياً للرئيس السابق جاك سيراك من 1995 إلى 1998، وكان الرئيس السابق فرانسوا هولاند عينه سفيراً في الجزائر عام 2014.
كما تم تعيين لوران نونيز على رأس المخابرات الداخلية المعروفة باسم الإدارة العامة للأمن الداخلي. وهو من مواليد عام 1964 ويشغل حالياً منصب والي أمن منطقة بوش دي رون جنوب فرنسا، ومعروف بمحاربته للعصابات المنظمة في مدينة مرسيليا، وكان وراء اعتقال شخصين يُشتَبه في تحضيرهما لاعتداءات "إرهابية" في مرسيليا في أبريل/نيسان الماضي.
ويحاول ماكرون من خلال هذه القرارات والتعيينات الأمنية أن يعزّز حضوره كرئيس في مواجهة "التهديدات الإرهابية"، ويثبت أنه في مستوى هذه التهديدات وضامن لأمن الفرنسيين وسلامتهم، على الرغم من أن فوزه بالرئاسيات لم يتأسّس على شعار "مواجهة الإرهاب" بقدر ما تأسّس على فكرة التجديد السياسي لمواجهة التحدّيات الاقتصادية والاجتماعية.
غير أن اعتداء لندن الأخير الذي أسفر عن مقتل ثلاثة فرنسيين وجرح سبعة أشخاص من بينهم أربعة في حالة الخطر فرض على ماكرون العودة بقوة إلى موضوع "محاربة الإرهاب". وهو الموضوع الذي طفا بقوة، أمس الثلاثاء، عندما أحبطت الشرطة محاولة اعتداء بالسلاح الأبيض على أحد عناصرها في ساحة كنيسة نوتردام بباريس من طرف طالب جزائري أقر بمبايعته لتنظيم "داعش".
وتشهد فرنسا منذ عام 2015 سلسلة هجمات دامية أسفرت عن سقوط 239 قتيلاً، وهي تعيش تحت حال الطوارئ منذ اعتداءات 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، كما قام ماكرون بتمديدها الأسبوع الماضي ستة أشهر إضافية للمرة الخامسة على التوالي نظراً لاستمرار التهديدات "الإرهابية".