ماكرون أمام متاعب جديدة بعد عودته من عطلته السنوية

01 سبتمبر 2018
ملفات ثقيلة بانتظار ماكرون (فرانس برس)
+ الخط -
لن يكون الدخول السياسي الجديد سهلًا على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد عودته من عطلته السنوية، فالعاصفة التي أثارتها استقالة وزير البيئة نيكولا هولو، من دون تنسيق مع رئيسي الجمهورية والحكومة، لم تهدأ بعدُ، ومن الصعب القفز عليها بجرّة قلم، كما أن العثور على شخصية في مثل أهمية وكاريزما هولو تبدو صعبةً للغاية، ويُخشى أن يكابِدَ بديله الأمرَّين، علمًا أن هذه الوظيفة ضرورية بالنسبة للرئيس ماكرون، بسبب انخراطه وبلده فرنسا المعلن في مكافحة التحولات المناخية والعمل على تفادي انهيار الكوكب الأرضي، وعلى اعتبار كون فرنسا تريد أن تكون نموذجاً في هذا المجال.

وعلى الرغم من أن الرئيس ماكرون حاوَل التخفيف من وقع استقالة أكثر وزرائه شعبية باستحضار شخصية نيكولا هولو "المستقلة" و"المتحررة"، وبالتأكيد على استعداده لمواصلة العمل معه في مواقع أخرى، إلا أنّ تأثير هذا الخروج المدوي كان كبيرًا على شعبية الرئيس نفسه، إذ لم يعد يثق في سياساته سوى 34 في المائة من الفرنسيين، وفقاً لآخر استطلاعات الرأي (صحيفة لاتريبون الفرنسية 31 آب/أغسطس)، وهو ما يعني أن 66 في المائة من الفرنسيين يمتلكون، من الآن فصاعدًا، تصوّرًا سيئًا عن الرئيس الفرنسي. ويكشف استطلاع الرأي الأخير هذا أن "قضية بنعلا" ساهمت، إلى جانب استقالة الوزير نيكولا هولو المفاجئة، في تهاوي شعبية الرئيس الفرنسي.

وفي هذه الأثناء، يواصل الرئيس الفرنسي السابق، فرانسوا هولاند، مناوشاته للرئيس الحالي عن بعد، وفي هذه المرة تحدّث هولاند عن مستقبل فرنسا، موجّهاً بعض الدروس لماكرون: "يجب امتلاك أفكار وقناعات من أجل إدارة البلد، ولا يجب الاكتفاء، فقط، بمراكمة الإصلاحات بدعوى أنها ضرورية".

وحذّر، بطريقة غير مباشرة، الرئيسَ ماكرون، من "النرجسية"، التي رأى فيها "مرَضاً رهيباً". ثم دافع هولاند عن تصوره للدولة المرتكز على "التفاني والصدق والمصلحة العامة والقدرة على التضحية"، وكأنها خصالٌ يفتقدها في خَلَفه ماكرون.


ثم انتقد التوجهات الليبرالية لحكومة ماكرون، المتمثلة في "ضرب المصالح العمومية والموظَّفين"، وفي "خفض الحقوق الاجتماعية"، وعلى الخصوص "استهداف شريحة المتقاعدين".

ولا يُعتبَر خروج نيكولا هولو التهديد الوحيد للرئيس الفرنسي، فقد هدّد الصحافي والإعلامي والكاتب ستيفان بيرن، وهو المكلف من قبل الرئيس بمهمّة حول "التراث"، بالاستقالة من مهمته إذا لم تؤخذ توصياته بالجديّة المطلوبة.

وعلى الرغم من طمأنة الإليزيه الرأي العام أن تصريحات بيرن لم تُفهم كما يجب، وأن ستيفان بيرن "أنجز عملًا رائعًا"، وأنه "يحظى بدعم حقيقي من قبل الرئيس ماكرون"، إلا أن مخاطر استقالته حاضرةٌ، بسبب ما اعتبره بيرن "تهجمات كثيرة تُوجَّه ضد التراث، بما فيها تلك الصادرة من الحكومة".

وإضافة إلى هذه التهديدات، يواجه الرئيس ماكرون وحكومته تهديدًا اجتماعيًا كبيرًا، خاصة مع البدء في إصلاح التقاعد. يضاف إليها صعوبات وترددات الحكومة حول اقتطاع الضريبة من المنبع. كما أن قضية "إصلاح قانون سكك الحديد" لم تنته بعد، بعد إعلان نقابتين عماليتين عن إضراب في شهر أكتوبر/تشرين الأول القادم.

وليس في الداخل الفرنسي، فقط، مَكْمَن متاعب الرئيس، بل إن السياسة الخارجية، أيضًا، بالغة التعقيد، ويجد الرئيس الفرنسي نفسَه يقوم بمبادرات غير متبوعة من قبل الشركاء والحلفاء الأوروبيين.

وتمتد المتاعب من نوعية العلاقات التي يجب إرساؤها مع الاتحاد الروسي، إلى الوضع في سورية، إلى تعقد الملف النووي الإيراني، ثم العقوبات الأميركية على الاتحاد الأوروبي، إلى معضلة المهاجرين، من دون إغفال مستنقع الساحل والصحراء.