ماركو ماغوا: الرعب السوري لحظة الخروج من البيت

06 اغسطس 2016
(ماركو ماغوا في ملصق العرض الأخير)
+ الخط -

بعد مرور أكثر من خمس سنوات على اندلاع الحرب وموت ونزوح مئات الآلاف من السوريين العزّل، أصبحت القصة السورية بطلة لمسرحيات وروايات وكتب وشهادات ووثائقيات وأعمال تشكيلية وسينمائية، وضعها فنّانون وكتّاب سوريون وغير سوريين.

ليس بعيداً عن هذا، الثلاثية المسرحية التي قدّمها المخرج الإسباني ماركو ماغوا (1972)، وها هو يضعها بين دفتي كتاب باللغة الإسبانية، مساء الخميس، 11 آب/ أغسطس الجاري، في مدينة سانتندير. الكتاب، الذي جاء تحت عنوان "بحرنا نهاية أحلامكم"، يحمل الجزء الأخير من ثلاثيةٍ مسرحية عن موت اللاجئين السوريين في البحر الأبيض المتوسّط والتي استلهمها المخرج والممثّل الدرامي من قصص حقيقية لمهاجرين سوريين.

ما يميّز العمل هو أن ماغوا ليس جاهلاً بالمنطقة العربية، فقد عاش لسنوات فيها، ودرس العربية قبل أكثر من عشر سنوات في دمشق وتنقّل بين مدن عربية عدّة واستقر لفترات في دمشق والقاهرة وعمّان. وقد كانت انطلاقة الثلاثية المسرحية مع الجزء الأول بعنوان "أنا والسماء" الذي عُرض في أيلول/ سبتمبر 2015 في عمّان، وقام بأدواره باللغة العربية ممثّلون أردنيون وأطفال عراقيون لاجئون. ويمثّل الجزء الأول من الثلاثية لحظة الخروج من الوطن وعبور الحدود إلى بلد مجاور.

الجزء الثاني من المسرحية جاء بعنوان "لا شيء"، وعُرض في تشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي في القاهرة، وقد شارك فيه ممثّلون مصريون؛ إذ كانت لغة العرض هي العربية أيضاً. ويجسّد هذا الجزء لحظة السفر بحراً من أحد شواطئ شمال أفريقيا صوب أوروبا.

أما الجزء الثالث والأخير، والذي حمل عنوان "بحرنا نهاية أحلامكم"، فعُرض في كانون الثاني/ يناير من العام الجاري في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن. في هذا العرض، صعد ماغوا إلى الخشبة ليقدّم دور البطل السوري محمود؛ وكان الدور بمثابة مونولوغ طويل للبطل على سواحل جزيرة لامبيدوزا الإيطالية؛ حيث يصل العديد من اللاجئين كل يوم. هناك، سيحاول البطل أن يتذكّر ما الذي جرى، إلى أن يتفطّن في الأخير إلى أنه في الحقيقة ميت. وعلى نقيض العرضين الأولين اللذين قُدّما باللغة العربية، جاء هذا الجزء الأخير باللغة الإنكليزية.

الثلاثية، كما جاء في تقديم المخرج، هي صرخة يائسة للوطن وللعائلة وللصداقة وللحب الضائع: حب رائحة الزيتون وليل دمشق وحب كل ما دمّرته الحرب، في عمل كلُّ شخصياته ميتة من دون أن تدرك ذلك. بهذا يمثّل العمل بأجزائه الثلاثة المحطّات التي يقوم بها أي لاجئ سوري يحلم بالوصول إلى أوروبا هرباً من الحرب: بدءاً من الخروج من البيت، مروراً بالسفر بحراً على متن "قوارب الموت"، وأخيراً فإما الوصول إلى البلد الأوروبي أو الغرق في الطريق إليه.

لعبة ذاكرة إذن، يقوم بها المخرج الدرامي ليستعيد شخصيات حقيقية تعايش معها خلال فترة إقامته في دمشق في صيف 2005، وهو في الوقت ذاته نقد لسياسات زعماء أوروبا تجاه معضلة اللاجئين.

كان المخرج قدّم الكتاب الذي صدر عن دار النشر الإسبانية "Playa de Ákaba"، نهاية الشهر الماضي في العاصمة مدريد. وعرف التقديم حضور الروائي لورينثو سيلبا والشاعرة والقاصة لويسا خيل والكاتب إلياس لوبيث ديلانييتا، إضافةً إلى عدد من اللاجئين السوريين، ومن بينهم المدرب السوري أسامة عبد المحسن، الذي أصبح معروفاً بسبب مقطع الفيديو الذي انتشر على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي للمصوّرة المجرية بيترا لازلو التي أوقعت به أرضاً متعمّدة بينما كان يركض قاطعاً الحدود المجرية ممسكاً بيد صغيره زيد.


المساهمون