مارس شهر الإضرابات والاحتجاجات الاجتماعية في تونس

24 مارس 2017
لا ربيع في تونس بل احتجاجات واسعة(أيمن حداد/ Getty)
+ الخط -
تعوّد التونسيون منذ سنوات على أن يكون شهر يناير/كانون الثاني أكثر الأشهر التي تشهد إضرابات واحتجاجات، غير أن هذا العام شذّ عن القاعدة، حيث مر هذا الشهر هادئا نسبيا، في حين تعددت الاحتجاجات والاعتصامات والإضرابات القطاعية والشعبية والسياسية مع بداية الربيع في مارس/ آذار الجاري، وربما تمتد أيضا إلى شهر إبريل/نيسان مع الخلافات الجديدة التي برزت منذ فترة.

وتواجه الحكومة التونسية سيلا من الإضرابات في هذه الفترة، اختلفت أسبابها، لكنها أعادت إلى الأذهان ما شهدته حكومات سابقة خلال السنوات الماضية من اضطرابات متنوعة تشكل مصدر قلق يهدد الوضع الاجتماعي بما له من تبعات اقتصادية وسياسية.

وعاش التونسيون خلال اليومين الماضيين على وقع إضراب قطاع الصحة بسبب عدم وجود تشريعات تنظم ملاحقة الأطباء والممرضين قضائيا، بعدما قررت المحكمة حبس طبيب وممرض بسبب خطأ طبي، وربما يعود هذا القطاع إلى احتجاجات أكثر حدة إذا لم يتم تطويق الأزمة والتعجيل بسنّ هذا القانون.

وخرج أعوان الجمارك، أول أمس، للاحتجاج أمام وزارة المالية للمطالبة بمساواتهم مع بقية القوى الحاملة للسلاح، مثل الشرطة والدرك، وهي قضية طفت على السطح بعد إحياء الذكرى الأولى لاعتداء بن قردان الاٍرهابي، حيث منحت الحكومة ترقيات استثنائية للجيش والشرطة
لكنها استثنت أعوان الجمارك الذين يبذلون جهودا كبيرة على الحدود، وكان أول شهيد في أحداث بن قردان من الجمارك، وهو ما أثار احتقانهم وخرجوا للاحتجاج على ذلك وتقديم مطالب نقابية أخرى.


وفي ظل غياب أي تجاوب من وزارة المالية، توجّه عدد منهم إلى ميناء رادس التجاري، لكنهم فوجئوا بتعزيزات أمنية كبيرة منعتهم من ذلك، وحصل اشتباك بين الطرفين كاد أن يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.

ويُنتظر أن يدخل أعوان قطاع المالية، من مراقبي الأداء و"القباضات" المالية، في إضراب جديد في الأيام القادمة، فيما شهدت مدن عديدة احتجاجات محلية لأسباب مختلفة، كانت آخرها مدينة الجمّ التاريخية الواقعة في الوسط التونسي، بسبب سجال حول محل لبيع الخمر.

وعادت من جديد قضية "المفروزين أمنيا" إلى الواجهة، وهو ملف قديم ظن الجميع أنه انتهى بعد الاتفاق مع الحكومة على حلّه، لكنهم عادوا إلى الاحتجاج من جديد بسبب تعطيل تنفيذ الاتفاق.

وتنفّس التونسيون الصعداء بعد العدول عن الإضراب المفتوح لقطاع التعليم الثانوي، في فترة امتحانات حساسة للغاية، وتمكنت "المركزية النقابية" من إقناع الأساتذة ونقابتهم بالتراجع عن القرار، لكنها شدّدت على مطلبها بضرورة إيجاد بديل عن وزير التعليم، مع ما يحمله هذا الأمر من ضغط على الحكومة التي تتشبث بمبدأ عدم إقالة وزير تحت الضغط.

كل هذه الاحتجاجات المتزامنة، تضاف إلى بقية التحركات في مناطق عديدة من البلاد لأسباب مختلفة، وسط مخاوف من تصاعدها من جديد، بما يمكن أن يبعث برسائل سلبية قد تقوّض السلم الاجتماعي، وتهدد مناخ الاستثمار، خصوصا مع انتعاش الآمال بعودة سياحية جديدة يُفترض أن تنطلق مع الربيع.