لا يتوقع الفلسطينيون خطاباً مفاجئاً للرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة، وتتفاوت نسبة التفاؤل حول ما سيقول، مع بعض المطالب لديه من الفصائل الفلسطينية والشعبية بالتركيز على عمق القضية الفلسطينية وسياسات حكومة الاحتلال.
وأعربت الفصائل الفلسطينية عن أملها بأن يفضي خطاب عباس غداً الثلاثاء إلى تغيير جاد وحقيقي في الموقف الدولي إزاء تعنت الحكومة الإسرائيلية وتصلبها بشأن العملية السياسية، وأن يقف المجتمع الدولي موقفاً واضحاً من هذه الحكومة، وما تلقاه من دعم لامحدود من قبل الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب.
وقال في هذا الصدد، القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أحمد العوري لـ"العربي الجديد": "لقد تعودنا على خطابات الرئيس في المحافل الدولية وفي اجتماعات منظمة التحرير الفلسطينية وما يندرج عنها من قرارات، لكن الواقع يختلف كليا هناك لقاءات مع الإسرائيليين وتنسيق كامل مع إسرائيل في كل المجالات والتي كان آخرها لقاء وزيرة الاقتصاد الفلسطينية ونظيرها الإسرائيلي في باريس، ولقاء الحمد الله مع الجانب الإسرائيلي بشكل علني في رام الله".
وأضاف أن "ذلك يدلل على أن القرارات التي تؤخذ غير ذات جدوى للشعب الفلسطيني وللقضية الفلسطينية، ولذا نرى أنه لا يوجد أي جديد في خطاب الرئيس عباس".
بينما يتوقع عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وعضو المكتب السياسي لحزب الشعب، حنا عميرة، أن يركز عباس في خطابه على الموقف المتصلب للحكومة الإسرائيلية من الحقوق الفلسطينية، والتحالف القائم حاليا بين هذه الحكومة والإدارة الأميركية الحالية بقيادة ترامب.
وأضاف عميرة لـ"العربي الجديد" أن الخطاب سيركز بالأساس وفي الجوهر على هذه الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل والتي تضرب بعرض الحائط جميع الأعراف والمواثيق الدولية بمواصلتها الاستيطان في الأراضي الفلسطينية ومصادرة أراضي المواطنين، مستفيدة مما تتمتع به من حصانة أميركية خاصة بعد قرار الرئيس الأميركي الأخير اعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال، والتطابق الكامل في المواقف بين حكومة الاحتلال وإدارة ترامب.
بينما لم يبد القيادي في حركة فتح حاتم عبد القادر، تفاؤلا إزاء ما يمكن أن يتخذه مجلس الأمن من قرارات بعد أن يلقي الرئيس "أبو مازن" خطابه من منصة هذا المجلس.
وأكد عبد القادر في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن ما ينتظره الشعب الفلسطيني من رئيسه وقيادته حين يلقي خطابه في مجلس الأمن التأكيد على الثوابت الوطنية في كل ما يتعلق بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وعدم التنازل عنها، خاصة أن الحكومة الإسرائيلية الحالية هي أكثر الحكومات تطرفا، وهي حكومة لا ترغب بالسلام أبدا، في حين تتلقى دعما غير محدود من أكثر الإدارات الأميركية تطرفا في تاريخ الولايات المتحدة، والتي فقدت مصداقيتها وأهليتها لرعاية عملية السلام.
وقال: "للأسف نحن متجهون إلى مزيد من العنف والتطرف بفعل هذه المواقف الإسرائيلية المدعومة أميركيا، وعلى القيادة الفلسطينية أن تتخذ مسارات أخرى في مواجهة الاحتلال من خلال تصليب جبهتها الداخلية، وإنهاء الانقسام، وتعزيز صمود المواطنين سواء في القدس أو في باقي الأراضي الفلسطينية التي تتعرض لأبشع أنواع الاستيطان ومصادرة الأراضي والتهويد".
من جهته يرى القيادي في الجبهة الشعبية، عبد العليم دعنا، في حديث لـ"العربي الجديد" أن الخطاب لن يأتي بأي جديد، وسيكون على غرار الخطابات السابقة التي ألقاها في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكذلك خطاب المجلس المركزي الفلسطيني، مشيرا إلى أنه ليس المهم الخطاب، بقدر أهمية تنفيذ ما جاء في خطاب المجلس المركزي، ومحاولة التحرك من أجل تطبيق ما يتحدث عنه.
وينتظر من الرئيس عباس أن يشير إلى كافة الثوابت الفلسطينية في خطابه يوم غد، وأن يذكر قضية القدس واللاجئين الفلسطينيين ودولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران، إلا أن الأمل والتفاؤل ليس حاضرا في حديث دعنا، مؤكدا على أنه لن يكون هناك أي جديد، بل سيعيد ما ذكره سابقا.
أما الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية، واصل أبو يوسف، فقال لـ"العربي الجديد" إن "الرئيس عباس سيؤكد في خطابه على الثوابت الفلسطينية وعلى قرارات الشرعية الدولية وأن القدس عاصمة فلسطين، خاصة في ظل عدم انصياع الاحتلال الإسرائيلي لهذه القرارات وتطبيقها".
وأكد أن الخطاب سيؤكد كذلك على رفض الموقف الأميركي المتعلق بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، ورفض لكل محاولات الاحتلال لتثبيت وقائع على الأرض سواء الاستيطان أو غيره، وخاصة القرار (2334) المتعلق بالاستيطان والصادر عن مجلس الأمن الدولي في شهر ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي والقاضي بعدم شرعية الاستيطان، حيث رفضت إسرائيل الامتثال للقرار في ظل استهتار منها وحماية من أميركا لهذا الأمر.
في المقابل يغيب التفاؤل عن الشارع الفلسطيني، بما سيقوله عباس في خطابه بالأمم المتحدة، لا سيما أن خطابات كثيرة له في وقت سابق لم تأت بمخرجات ولم تغير الواقع الذي يعيشه الفلسطينيون من كافة النواحي.
وقال الشاب هاشم ثوابته لـ"العربي الجديد" إن الرئيس عباس يردد الأسطوانة نفسها، ولا يتوقع أن يحمل خطابه أي جديد، الكلام ذاته يقوله في كل مرة، وما يتغير هو التاريخ واليوم، وتزداد حالة الإفلاس السياسي، وثمة إحباط كبير بين الناس من قيادة السلطة الفلسطينية.
أما الشاب أحمد هشام فيجزم أن الفلسطينيين لا ينتظرون شيئا من خطاب عباس، لأنهم بالأساس لا يثقون في الرئيس عباس، ولا حتى الأمم المتحدة، هذا الرأي يؤكده الشاب هيثم موقدي الذي قال إنه لا ينتظر شيئا من الخطاب كونه لن يأتي بشيء جديد.
وتريد الشابة منار ماهر من خطاب عباس أن يسلط الضوء على القضية الفلسطينية وممارسات الاحتلال، وعمليات القتل والاغتيال للشبان الفلسطينيين، وتبحث عن كلمة مؤثرة لعباس بعيدا عن مسار المفاوضات والسلام الذي لبس ثوب الرتابة.
ولا تتفاءل رنا القيسي بالخطاب، لكنها تأمل أن يخرج بقرارات مصيرية أمام العالم تتعلق بالقضية الفلسطينية، وبالأخص طبيعة العلاقة بين السلطة الفلسطينية وسلطة الاحتلال الإسرائيلي والاتفاقيات الموقعة فيما بينهما.