ماذا يحصل داخل "إخوان" مصر؟

30 مايو 2015
الجيل الشاب خرج منتصراً من الأزمة (فرانس برس)
+ الخط -

"أزمة أجيال خرج فيها الجيل الشاب منتصراً، واكتسبت الجماعة حيوية العمل السياسي الجاد"، هكذا يلخص قيادي إخواني بارز، ما يحدث داخل جماعة الإخوان المسلمين في مصر. وتشير التطورات الأخيرة إلى أن الجماعة تعيش أزمة أجيال بين القيادات القديمة من أبناء جيل المحنة في الستينيات، والقيادات الشبابية، بعدما كشف مقال للقيادي في الجماعة محمود غزلان حول "السلمية المطلقة" في مواجهة السلطات، عن تفاعلات حادة، لم تكن ظاهرة بدرجة كافية ربما لأسباب تتعلق بطريقة إدارة الإخوان لأزماتهم وملفاتهم، واختلافهم. بدأت الأزمة الأكثر حدة منذ سنوات، بعدما استشعر عدد من القيادات التاريخية بالجماعة، الذين ظلوا مختفين طوال عامين، الخطر خوفاً مما اعتبروه، على حد قول أحدهم "انجرار الإخوان لموجة عنف واسعة ضد الدولة والنظام السياسي القائم بشكلٍ يقضي على الجماعة، ويفقدها شعبيتها في الشارع".

يوضح المصدر أن تلك القيادات "التاريخية"، قررت الظهور من جديد والخروج من مخابئها في محاولةٍ منها للسيطرة على الوضع، وأصدرت بياناً في صورة مقالٍ موقّع باسم الدكتور محمود غزلان أكدت فيه "سلمية تحرك الإخوان"، وأن "مَن يحيد عن هذا الخط فهو ليس من الجماعة"، ما أثار غضب الشباب الموجودين في الشارع في مواجهة البطش الذي يمارسه نظام الانقلاب.

إلا أن تلك العودة استقبلها الشباب برفض شديد، على اعتبار أن "قيادات الإخوان التاريخيين ما زالوا يعيشون ويفكرون بنفس طريقة تفكير محنتهم في الستينيات، إبان الأزمة التي عصفت بالجماعة في عهد الرئيس الراحل، جمال عبد الناصر، وهو ما يرى فيه الشباب أنه سيؤدي بالجماعة إلى نفس النتائج والمصير، أي السجون"، بحسب مصدر مطلع عن قرب على الأزمة الحالية للجماعة.

وفي ما يتعلق بالخلاف حول الشؤون التنظيمية والإدارية بالجماعة، يوضح مصدر آخر أن "الخلاف يكمن وراء رؤيتين، الأولى ما عبّر عنها محمد منتصر المتحدث الرسمي باسم الجماعة، والخاصة بأنه تم إجراء انتخابات على كافة المستويات والأصعدة بالجماعة في فبراير/شباط 2014 انتهت إلى انتخاب الأمين العام الجديد للجماعة داخل مصر، ومكتب لإدارة الأزمة، مع تجديد الثقة في اسم الدكتور محمد بديع كمرشد للجماعة، بالإضافة إلى اختيار متحدث رسمي باسم الجماعة وهو منتصر نفسه، والتشكيل الذي لم يضم أسماء محمود عزت نائب المرشد، وكل من حسين وغزلان". يتابع: "فيما يرى جناح القيادة الجديدة ذات الطابع الشبابي أن قيادات الإرشاد ظلوا مختفين طوال عامين، ثم جاؤوا ليعلنوا عن أنفسهم في الوقت الراهن، بعد عامين كاملين تحملوا هم فيهما عبء إعادة تنظيم الجماعة، ورصّ صفوفها بعد أزمة اختفاء كافة القيادات واعتقال الباقين".

ويجزم المصدر بأن "القيادات الشبابية بسطت سيطرتها على الأرض إعلامياً وفي الشارع، بين منظمي التظاهرات والفعاليات الإخوانية، وهو ما دفع مسؤولي المكاتب الإدارية بالمحافظات والقيادات الوسيطة بدعمهم والوقوف خلفهم، في ظل غياب تام لمؤيدين للقيادات التاريخية في المحافظات". في المقابل، فإن "ورقة القوة الوحيدة في يد جناح القيادات القديمة هي أنهم ما زالوا المسؤولين عن مصادر التمويل في الداخل وفي العلاقات مع الخارج"، بحسب مصادر "العربي الجديد".

كما يشير القيادي الإخواني إلى أن للأزمة تداعيات خارجية "شبيهة بما حدث مع قيادات الإخوان التاريخيين في الخارج، فور الإعلان عن تشكيل إخوان مصر لمكتب إداري متعلق بشؤون الإخوان المصريين في الخارج، حيث استقبل القيادي، إبراهيم منير هذه الخطوة بالرفض، على اعتبار أن مكتب الإرشاد الدولي هو المختص بشؤون كافة الإخوان بالخارج".

اقرأ أيضاً: الإخوان تؤيد بيان نداء الكنانة وتمسك إرشاد الجماعة بالثوابت

في حينها، طالب منير إما بإلغاء المكتب الجديد الذي يترأسه الدكتور أحمد عبد الرحمن البرلماني السابق، أو على الأقل أن يكون إحدى أدوات مكتب الإرشاد الدولي. موقف أثار القيادة الشبابية ضد منير، معتبرين موقفه تضامنا مع محمود حسين الذي يرون فيها خارجا عن شرعية الإدارة الجديدة للجماعة. وعلى صعيد معركة "السلمية" التي فجّرت الأزمة، يقول المصدر: تمكن جناح القيادات الشبابية من حسمها، حينما أكدوا وأقرّوا "النهج الثوري للحراك في مواجهة الانقلاب"، وتأييدهم للبيان الموقع من 150 من علماء الدين المعروفين بـ "نداء الكنانة". بيان أباح ما أسماه بـ "مقاومة الانقلاب"، و"الدفاع عن النفس بكافة الطرق المشروعة". يختتم المصدر بأن "ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية، هو تصفية لرواسب أزمة قائمة منذ شهور طويلة، وليس بداية لأزمة جديدة". وقد تصاعدت الأزمة داخل جماعة الإخوان المسلمين في مصر، على خلفية ما أثير عن اجتماع نائب المرشد الدكتور محمد عزت، بقيادات مكتب الإرشاد في مصر، ومحاولة اتخاذ زمام المبادرة بتسيير أمور الجماعة.

بيد أن توقيت الإفصاح عن رغبة عزت أثار علامات استفهام كثيرة، حول عدم وجود تنسيق بين قيادات الجماعة في الداخل وأخرى خارج مصر. لكن الأهم هو موقف الشباب من الأزمة، والتي تميل بشكل حاسم إلى تأييد الانتخابات الجديدة، والتغيرات التي تحدث عنها المتحدث باسم الجماعة، محمد منتصر، في بيانٍ ردّاً على اجتماع عزت بقيادات مكتب الإرشاد في مصر.

ويقول أحد شباب جماعة "الإخوان" في مصر، مشترطاً عدم ذكر اسمه، خوفا من الملاحقات الأمنية لـ"العربي الجديد"، "إن أغلب الشباب مع القيادة الجديدة والمكتب الذي تشكّل من الخارج، من باب "ينجح أو يفشل، بدلاً من الاعتماد على مكتب قديم فشل في إدارة الأزمة".

ويلفت إلى أن عضو مكتب "إرشاد الإخوان" محمد طه وهدان له علاقة بشكل أو بآخر بما أُعلن عن اجتماع عزت ببعض القيادات، وغالباً الأزمة توضحت عندما اعتُقل لأنه كان حلقة الوصل، وباعتقاله انقطع الاتصال وتفجّرت الأزمة.

في المقابل، يقول خبير في الحركات الإسلامية، لـ"العربي الجديد"، إن الخلافات التي ظهرت داخل جماعة "الإخوان"، لن تؤثّر سلباً على الحراك الرافض للنظام الحالي، لأن الجناح الشاب هو الموجود في الميدان.

أما القيادي في "الجبهة السلفية"، خالد سعيد، فيعلن أن "الجبهة تعتبر أن أي مشاركة في الفتنة الداخلية في جماعة الإخوان أو إشاعة لها أو تحريض أو إذاعة معلومات عن تفاصيلها أو خوض في غمارها هو إعانة على دماء الإخوان وتخذيل للثوار ودعم للانقلاب المجرم المتسلط على حكم مصر".

اقرأ أيضاً: سودان: لا انقلاب داخل الإخوان والانتخابات لم تطِح بالقيادات

المساهمون