ماذا لو طال أمد كوفيد - 19؟

13 مايو 2020
يجب ابتكاروسائل تسمح بعودة النشاط الاقتصادي إلى طبيعته(العربي الجديد)
+ الخط -
كم سيطول أمد انتشار فيروس كوفيد - 19، وإلى متى سيبقى مصدر قلق للشعوب والحكومات؟

أهم سؤال على وجه الكرة الأرضية في الوقت الحاضر. والكل يتحدث عن منحنى انتشار الفيروس المتجدّد، وعن ذروته، وعن عودة انتشاره بشكل أقسى وأمرّ.

لم يعد السؤالان ملحين: هل سينجح دونالد ترامب ثانية في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/ تشرين الثاني؟ ماذا ستكون ردة الفعل العربية في حال قيام إسرائيل بضم أراضي غور الأردن والبحر الميت إلى كيانها. هذه أمور مؤجلة تحت وطأة كورونا المتجدّدة.

ما تزال أعداد حالات الإصابة بكوفيد- 19 تتزايد في الوطن العربي، هذا في الدول التي تتوفر إحصاءات عنها مهما كانت دقة هذه الأرقام. وهنالك دول لا نعرف عنها شيئاً، مثل الصومال وجزر القمر.

وهناك إحصاءات قد تكون موضع شك، بسبب نقص القدرة على توفير المعلومات مثل ليبيا واليمن وسورية.

وعلى الرغم من أن دولاً مثل الجزائر وتونس وموريتانيا بدأت أعداد الحالات فيها قليلة، إلا أنها في الأيام الأولى من شهر مايو/ أيار الحالي ارتفعت بشكل ملحوظ.

ويبدو أن وقتاً ما سوف يمر قبل أن يصل منحنى الحالات فيها إلى ذروته. وبازدياد عدد الحالات طبعاً، فإن عدد الوفيات يزداد.

وينطبق التحليل نفسه على دول الخليج التي ارتفعت فيها أعداد الحالات، منذ الأسبوع الرابع في إبريل/ نيسان، بوتيرة عالية، سواء قيست بالأرقام المطلقة أم بأعداد السكان.

وصارت دول بين 3 و5 ملايين نسمة تسجل حالات بالمئات والألوف يومياً، بينما بقي عدد الوفيات قياساً لعدد الإصابات قليلاً، ومن أحسن النسب في العالم. ولكن عدد الوفيات بالأرقام المطلقة يرتفع.

ودول ومناطق عربية فاجأت العالم بقلة عدد الحالات والوفيات، مثل الأردن، والذي بقيت فيها الحالات 8 أيام متتالية صفراً، ثم حصلت انتكاسة يومي 7 و8 مايو/ أيار الحالي، حيث وقعت خلالهما 69 حالة تقريباً، لكن لم تحصل وفيات فيهما.
أما قطاع غزة المحاصر والضفة الغربية في فلسطين فقد سجلت أعداداً قليلة وحالات وفاة لا تكاد تذكر، وتفوقت على إسرائيل في هذا المضمار.

وفي مصر، الحالات في ازدياد، وتبقى الأمور هنالك مثيرة للخوف، لأن الأحياء في المدن الكبيرة مكتظة، والتحكّم في التباعد الاجتماعي صعب. ولكن ما يزال عدد الإصابات غير مقلق، وما ينطبق على مصر ينطبق على السودان.

أما الحالة التي تستدعي التأمل فهي لبنان. ووسط مشكلته المالية الحادّة، إلا أن محللين لبنانيين كثيرين متفائلون بإمكانية الوصول إلى حل لكل من المشكلتين.

وقد كتب كل من مدير الدائرة الأوروبية المتقاعد في صندوق النقد الدولي، صالح منير النصولي، وعبدالله أبو حبيب، مقالاً يقدّمان فيه النصح للحكومة اللبنانية بالإجراءات الواجب اتخاذها قبل البدء في التفاوض مع صندوق النقد الدولي. ولأبو حبيب خبرة في المنظمات المالية الدولية، كما أنه عمل سنوات مديراً لمركز عصام فارس للدراسات اللبنانية.

وعلى الرغم من أن شكل منحنى إصابات كورونا في العالم العربي لا يشذ في شكله ومساره عن المنحنى الدولي، ويبدو على شكل حرف J باللغة الإنكليزية، وهذا يجعل من الصعب التنبؤ بعدد الحالات في المستقبل، إلا أن الحذر مع تزايد الإصابات في بلدان كثيرة في الوطن العربي يبقى سيد الموقف، ويجب ألا تبني أي توقعات بعودة الحياة إلى طبيعتها على أحسن الأحوال قبل منتصف الربع الثالث من هذا العام ( منتصف يوليو/ تموز)، غير أن موعد بداية سبتمبر/ أيلول يبدو المرجح.
وفي المقابل، يرتفع عدد الإصابات في الولايات المتحدة وينخفض، ولم يستقر حتى اللحظة عند نمط معين، ولذلك فإن السفر إليها سيبقى ضمن حدود.

أما أوروبا التي يبدو أنها بدأت تشهد انحساراً في عدد الإصابات، فإن التعامل معها، والسفر إليها والقادمين منها إلى دولنا العربية، سيبقى محدوداَ، حتى نهاية سبتمبر/ أيلول.

ولذلك يجب الإسراع في كل الدول العربية، على الاتفاق مع الدول على وضع معايير ومتطلبات واضحة لمن يحق لهم السفر من الدول العربية وإليها، لأن الانتظار حتى نهاية الربع الثاني أو حتى أكثر من ذلك في حالة الانحباس الاقتصادي مع العالم سيعود بضرر كبير على تلك الدول. وسوف تزداد كلفه بشكل لوغاريثمي شهراً بعد شهر.

وأعتقد كذلك أن الدول العربية يجب أن تبتكر الوسائل الإدارية واللوجستية والصحية والأمنية التي تسمح بعودة النشاط الاقتصادي إلى طبيعته بدون تأزيم الوضع الصحي.

وبحسن الإدارة، والحزم والدقة والتطبيق الصحيح، تخرج الدول العربية من خيار الصفر، الذي يجعل عودة النشاط الاقتصادي على حساب زيادة الإصابات والوفيات، والإبقاء على الحظر المتشدد ينطوي على تكاليف، ربما ليس لبعض الدول طاقة عليها.

ولذلك، سيكون تنظيم وإدارة عودة الحياة الاقتصادية بكل أبعادها داخلياً وخارجياً التحدي الأساسي في الأسابيع المقبلة.
المساهمون