لا يزال 71 شخصاً بينهم 26 طفلاً يبيتون لليوم الثامن على التوالي في صالة للألعاب الرياضية، بعد أن أخرجوا من بيوتهم، إثر عمليات المداهمة الأمنية والتدخل السريع التي طاولت أربعة أبنية سكنية في المنطقة، التي اختبأ فيها منفذو الاعتداءات في باريس أو المشتبه بهم، والتي أحالها الهجوم الأمني إلى أماكن غير صالحة للسكن.
خرج هؤلاء من بيوتهم، واقتيدوا إلى صالة الألعاب في منطقة موريس باكيه التابعة لبلدية سانت دنيس، في ضاحية باريس الشمالية، من دون حاجياتهم، وبعضهم بملابس النوم.
أحد هؤلاء ويدعى أوفقير (45 عاماً) يقول لصحيفة "ليبراسيون" الفرنسية إنه من سكان منطقة سانت دنيس في شارع الجمهورية، ويعيش في المبنى الذي اقتحمته القوى الأمنية يوم الأربعاء الماضي، في بيت مؤلف من غرفتين ويتقاسمه مع ابن عمه منذ أربع سنوات ويبلغ إيجاره 650 يورو شهرياً.
ويقول: "ليل الثلاثاء الماضي وحتى صباح الأربعاء، بعد أربعة أيام من اعتداءات باريس وسانت دنيس، شن لواء البحث والتدخل غارة على المبنى حيث نقيم". ومنزل أوفقير يقع تحت منزل الإرهابيين المفترضين" ويتابع: "كنت نائماً وفجأة سمعت صوت انفجار قوي، اختبأت تحت السرير وبدأ إطلاق النار بغزارة".
اقرأ أيضاً: الإقبال على شراء العلم الفرنسي تضاعف بعد هجمات باريس
استمر الحال هكذا نحو ساعتين، لم يتمكن من التواصل مع ابن عمه في الغرفة الثانية، فالعملية الأمنية كانت لا تزال مستمرة. ويتابع "اللحظة المرعبة كانت عندما وقع السقف فوق رؤوسنا، بعدها صرت أشم رائحة الغاز ولم اعد قادراً على التنفس". وعندما شعر بأنه قد يموت اختناقاً، توجه إلى باب بيته وصار يقرعه من الداخل. عندها دهم رجال الأمن البيت وأخرجوه من منزله، السلاح موجه نحوه، وصاروا يحيلونه من ضابط إلى آخر حتى وجد نفسه في الصالة الرياضية.
إحدى السيدات وتدعى برسيلا وتعيش مع ابنتيها (5 و6 سنوات) في أحد المباني الأربعة، تقول أنها اختبأت في خزانة الملابس مع ابنتيها لمدة 13 ساعة، وتضيف بغضب "لم يأت أحد للبحث عنا، فخرجنا طوعاً من البيت، وعندها وجهوا السلاح نحو رؤوسنا، واقتادونا إلى الشرطة، عاملونا كأننا مجرمون". وتتابع "لم تكن الأمور هكذا في باريس يوماً".
برسيلا كانت بين الحاضرين للمؤتمر الصحافي الذي عقدته البلدية. رئيس بلدية سان دنيس ديديه بايارد قال إن المهمة أنجزت، وإن حال الطوارئ تمت إدارتها، وجرى توفير الوجبات واللوازم اللوجستية للموجودين في الصالة الرياضية بمساعدة الصليب الأحمر. لكنه انتقد عدم مراعاة الدولة لأوضاع هؤلاء، وتجاهل ظروفهم، هم الذين عاشوا هول اعتداءات 13 نوفمبر الجاري، وما جرى بعدها على مدى ساعات طويلة.
اقرأ أيضاً: فيديو يوثق اللحظات المروعة للهجوم على مطعم باريسي
حتى الآن يشعر القابعون في الصالة الرياضية بأنهم مشردون، منازلهم لم تعد صالحة للسكن، والجهات المسؤولة تتقاذف المسؤولية والحلول. المحافظ المسؤول عن تكافؤ الفرص ديديه ليشي يقول إن الأشخاص المقيمين حالياً في الصالة الرياضية ستكون لهم الأولوية على 90 ألف طلب لحالة انتظار السكن الاجتماعي، واقترح إيواءهم مؤقتاً في أحد الفنادق.
الأسر توافقت على رفض الحل المؤقت حتى لا تتحول قضيتهم إلى الأدراج، ويتم إغفالها. بل طالبوا المحافظ ليشي بتعهد خطي يؤكد التزامه بتوفير سكن لكل الأسر، وهي المسؤولية التي رفض ليشي تحملها وحده كمحافظ، بل أراد أن يكون الدور مشتركاً بين البلدية والدولة.
مقابل التجاذب بين المسؤولين، يجد المقيمون في صالة الألعاب دعماً من أهالي باريس والمنطقة. يزورونهم ويوفرون لهم مستلزماتهم اليومية، خصوصاً أنهم تركوا منازلهم، دون أن يأخذوا معهم شيئاً، حتى اوراقهم الرسمية.
اقرأ أيضاً: التحريض ضد الأجانب.. الإرهاب يشعل التطرف في ألمانيا