"رمضان كيجيب رزقو معاه" أي أن رمضان يأتي برزقه، هكذا عبرت عائشة فرخاني، ربة بيت في منطقة بوسكورة، القريبة من الدار البيضاء، عن رأيها في مصاريف سلة شهر رمضان في المغرب. فهي مقتنعة مثل زوجها عبدالعالي، عامل البناء، أن مصاريف هذا الشهر تكون في العادة مرتفعة. تقول لـ العربي الجديد": "تتأثر مصاريف أسرتنا مع حلول شهر الصيام، لأن مائدة إفطارنا تتغير عمّا نألفه في باقي أشهر السنة، لكن مع ذلك نتمكن من الاستجابة لمعظم حاجاتنا الأساسية"، مشيرة إلى أنها تلجأ إلى تحضير كثير من الوجبات في البيت دون حاجة إلى شرائها من السوق كما هو حال كثير من السيدات. وتضيف: "تعلمت منذ السنوات الأولى لزواجي تدبير أمور بيتي بنفسي، وتحضير مأكولات مثل "الشباكية" أو "السفوف" و"الملاوي" التي تضاف إلى مائدة إفطارنا، وحتى المشروبات أتدبر أمور تجهيزها، وهذا يخفف العبء نوعاً ما على زوجي الذي يعمل بأجر زهيد".
"هذا لا يمنع من أن المصاريف ترتفع"، يقول الزوج عبدالعالي. ويضيف: "أعمل بأجر يومي في حدود 150 درهماً (15 دولاراً) وفي العادة أصرف ما بين 50 و70 درهماً يومياً لتأمين حاجات البيت من الأكل والشراب، في حين أوفر المبلغ الباقي تحسباً لأي طارئ أو لأداء واجبات الكهرباء والمياه، لكن في شهر رمضان قد تصل هذه المصاريف إلى حدود 100 درهم أو أكثر. وهذا طبيعي لأن أصنافاً أخرى من المأكولات تضاف إلى مائدتنا، بحكم عاداتنا، وزد، أيضاً، أن أسعار كثير من المواد تتغير".
تأثر الميزانية الأسرية
لدى عائشة وزوجها عبدالعالي ثلاثة أطفال، بالإضافة إلى والده الشيخ، يمثلون هؤلاء نموذجاً لآلاف الأسر المغربية التي تتغير حساباتها في هذا الشهر مثلما تتغير عاداتها الاستهلاكية متأثرة بمحدودية الرواتب، وارتفاع الأسعار.
"هذا أمر طبيعي" يقول رئيس جمعية حماية المستهلك بوعزة خراطي. ويضيف: "من المعروف أن مصاريف شهر رمضان ليست كباقي السنة، فعادات المغاربة تتغير كما هو الحال عليه في مجمل الدول الإسلامية، فتجدهم مقبلين أكثر على المأكولات بشكل غير متوازن في كثير من الأحيان، وهذا يرفع الطلب على أنواع معينة ما يتسبب في فقدانها نسبياً من السوق، وبالتالي رفع أسعارها، ومن طبيعي أن تتأثر تبعاً لذلك ميزانية الأسر الشهرية".
ويضيف خراطي: "يتطور الأمر لدى كثير من الأسر إلى حالة تبذير، أو ما يمكن وصفه بالحمى الاستهلاكية وهي نتاج عادات وتقاليد مترسخة. صحيح أنها خفت في السنوات الأخيرة بفضل وجود أسواق تستجيب لمختلف متطلبات المائدة الرمضانية، لكن الجانب النفسي يلعب دوراً مهماً في رفع درجة الاستهلاك، مع تأثير واضح للحملات الإعلانية التي تنشط بكثرة قبيل حلول رمضان وطيلته".
اقــرأ أيضاً
تفيد أرقام رسمية صادرة عن مندوبية التخطيط الخاصة بشهر رمضان، العام الماضي، أن أسعار المواد الغذائية الأساسية ارتفعت نحو 0.6%. وحسب المذكرة شهدت أسعار الأسماك والبيض والفاكهة ارتفاعات كبيرة وهي المواد التي تمثل 11.4 % من سلة الاستهلاك الغذائي.
وتؤكد المذكرة أن سعر الأسماك ارتفع بين 4 و 4.9% على التوالي خلال شهري يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز 2015، كما شهدت أسعار البيض ارتفاعات بين 2.2% و2.8% على التوالي.
قروض رمضانية
بحسب خراطي، فإن الإشكال يكمن في كون زيادة الطلب على المواد الاستهلاكية، في وقت ضيق، يدفع إلى رفع أسعارها بشكل غير مقونن، دون أن تواكبه بالضرورة قدرة مداخيل الأسرة التي تكون في الغالب محدودة. ويقول: "من الناحية الماكرو- اقتصادية، صار شهر رمضان موعداً مهماً لتنمية مداخيل عدد من القطاعات، حتى صرنا نرى مؤسسات التمويل تقدم عروضاً لتمويل احتياجات الأسر الاستهلاكية، وهذا ما يؤثر بطريقة سلبية على القدرة الشرائية لشرائح كبيرة من محدودي الدخل خاصة".
أضف إلى ذلك، يلعب العامل النفسي دوراً مهماً في رفع معدل استهلاك الأسر المغربية، خاصة مع تحول أغلب الشوارع إلى أسواق مفتوحة لعرض مختلف أنواع المأكولات والمرطبات، ما يسمح بنمو نشاط مواز غير منظم، ومنفلت من رقابة السلطات العامة التي تحرص على ضمان عدم التلاعب بالأسعار.
يقول الباحث عادل حتيوي: "إن حلول رمضان يصاحبه حركة تجارية في مختلف المدن، حيث تنشط تجارة بيع المأكولات والمشروبات ومستلزمات الطبخ، بشكل يصعب على السلطات مراقبتها، وهذا يفتح الباب أمام المضاربات والتلاعب بالأسعار، ما يشكل ضغطاً على القدرة الشرائية للفئات المحدودة والمتوسطة بشكل خاص".
ويضيف: "لا يجب أن نغفل، أيضاً، حقيقة أساسية، تتعلق بزيادة إقبال المغاربة على اقتناء حاجياتهم الغذائية، في الأسبوع الأول من الشهر، وهذا له تفسير نفسي أيضاً بسبب الخوف من فقدان بعض الأصناف. وهنا تكون فرصة للباعة لرفع الأسعار، عملاً بقاعدة كل مرغوب بثمنه"، مشيراً إلى أن الأمور تعود إلى طبيعتها في الأسبوع الثاني، ولكن بالمحصلة، ترتفع فاتورة شهر رمضان بواقع خمس الفاتورة الشهرية العادية.
اقــرأ أيضاً
"هذا لا يمنع من أن المصاريف ترتفع"، يقول الزوج عبدالعالي. ويضيف: "أعمل بأجر يومي في حدود 150 درهماً (15 دولاراً) وفي العادة أصرف ما بين 50 و70 درهماً يومياً لتأمين حاجات البيت من الأكل والشراب، في حين أوفر المبلغ الباقي تحسباً لأي طارئ أو لأداء واجبات الكهرباء والمياه، لكن في شهر رمضان قد تصل هذه المصاريف إلى حدود 100 درهم أو أكثر. وهذا طبيعي لأن أصنافاً أخرى من المأكولات تضاف إلى مائدتنا، بحكم عاداتنا، وزد، أيضاً، أن أسعار كثير من المواد تتغير".
تأثر الميزانية الأسرية
لدى عائشة وزوجها عبدالعالي ثلاثة أطفال، بالإضافة إلى والده الشيخ، يمثلون هؤلاء نموذجاً لآلاف الأسر المغربية التي تتغير حساباتها في هذا الشهر مثلما تتغير عاداتها الاستهلاكية متأثرة بمحدودية الرواتب، وارتفاع الأسعار.
"هذا أمر طبيعي" يقول رئيس جمعية حماية المستهلك بوعزة خراطي. ويضيف: "من المعروف أن مصاريف شهر رمضان ليست كباقي السنة، فعادات المغاربة تتغير كما هو الحال عليه في مجمل الدول الإسلامية، فتجدهم مقبلين أكثر على المأكولات بشكل غير متوازن في كثير من الأحيان، وهذا يرفع الطلب على أنواع معينة ما يتسبب في فقدانها نسبياً من السوق، وبالتالي رفع أسعارها، ومن طبيعي أن تتأثر تبعاً لذلك ميزانية الأسر الشهرية".
ويضيف خراطي: "يتطور الأمر لدى كثير من الأسر إلى حالة تبذير، أو ما يمكن وصفه بالحمى الاستهلاكية وهي نتاج عادات وتقاليد مترسخة. صحيح أنها خفت في السنوات الأخيرة بفضل وجود أسواق تستجيب لمختلف متطلبات المائدة الرمضانية، لكن الجانب النفسي يلعب دوراً مهماً في رفع درجة الاستهلاك، مع تأثير واضح للحملات الإعلانية التي تنشط بكثرة قبيل حلول رمضان وطيلته".
تفيد أرقام رسمية صادرة عن مندوبية التخطيط الخاصة بشهر رمضان، العام الماضي، أن أسعار المواد الغذائية الأساسية ارتفعت نحو 0.6%. وحسب المذكرة شهدت أسعار الأسماك والبيض والفاكهة ارتفاعات كبيرة وهي المواد التي تمثل 11.4 % من سلة الاستهلاك الغذائي.
وتؤكد المذكرة أن سعر الأسماك ارتفع بين 4 و 4.9% على التوالي خلال شهري يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز 2015، كما شهدت أسعار البيض ارتفاعات بين 2.2% و2.8% على التوالي.
قروض رمضانية
بحسب خراطي، فإن الإشكال يكمن في كون زيادة الطلب على المواد الاستهلاكية، في وقت ضيق، يدفع إلى رفع أسعارها بشكل غير مقونن، دون أن تواكبه بالضرورة قدرة مداخيل الأسرة التي تكون في الغالب محدودة. ويقول: "من الناحية الماكرو- اقتصادية، صار شهر رمضان موعداً مهماً لتنمية مداخيل عدد من القطاعات، حتى صرنا نرى مؤسسات التمويل تقدم عروضاً لتمويل احتياجات الأسر الاستهلاكية، وهذا ما يؤثر بطريقة سلبية على القدرة الشرائية لشرائح كبيرة من محدودي الدخل خاصة".
أضف إلى ذلك، يلعب العامل النفسي دوراً مهماً في رفع معدل استهلاك الأسر المغربية، خاصة مع تحول أغلب الشوارع إلى أسواق مفتوحة لعرض مختلف أنواع المأكولات والمرطبات، ما يسمح بنمو نشاط مواز غير منظم، ومنفلت من رقابة السلطات العامة التي تحرص على ضمان عدم التلاعب بالأسعار.
يقول الباحث عادل حتيوي: "إن حلول رمضان يصاحبه حركة تجارية في مختلف المدن، حيث تنشط تجارة بيع المأكولات والمشروبات ومستلزمات الطبخ، بشكل يصعب على السلطات مراقبتها، وهذا يفتح الباب أمام المضاربات والتلاعب بالأسعار، ما يشكل ضغطاً على القدرة الشرائية للفئات المحدودة والمتوسطة بشكل خاص".
ويضيف: "لا يجب أن نغفل، أيضاً، حقيقة أساسية، تتعلق بزيادة إقبال المغاربة على اقتناء حاجياتهم الغذائية، في الأسبوع الأول من الشهر، وهذا له تفسير نفسي أيضاً بسبب الخوف من فقدان بعض الأصناف. وهنا تكون فرصة للباعة لرفع الأسعار، عملاً بقاعدة كل مرغوب بثمنه"، مشيراً إلى أن الأمور تعود إلى طبيعتها في الأسبوع الثاني، ولكن بالمحصلة، ترتفع فاتورة شهر رمضان بواقع خمس الفاتورة الشهرية العادية.