شهدت أسواق الأسهم لدول مجلس التعاون الخليجي في الفترة الأخيرة، انتعاشاً قوياً بعد تسجيلها أدنى مستوياتها في منتصف يناير/كانون الثاني الماضي. جاء ذلك بالتزامن مع تعافي أسواق الأسهم الناشئة في العالم، وانتعاش أسعار النفط، وتحسن نتائج الشركات للربع الأول من العام الحالي. علاوة على ذلك، كان لإعلان السعودية القيام بالإصلاحات الاقتصادية، والتعديلات الوزارية، وتحقيق شركات كبرى في المنطقة أداءً مالياً جيداً نسبياً، الدور البارز في تحسن معنويات المستثمرين في السعودية وباقي دول مجلس التعاون الخليجي.
بدأت مؤشرات اقتصادية مشجعة بالظهور، خلال العام الحالي، فقد سجل القطاع المصرفي في المنطقة أرباحاً فاقت التوقعات، إلى حد كبير، نظراً لارتفاع هامش سعر الفائدة (سعر الإقراض مطروح منه سعر الإيداع) غذتها سياسة التشدد في الإقراض. رغم ذلك، كانت نتائج الربع الأول للقطاع المصرفي في الإمارات دون توقعات السوق، متأثرة بارتفاع تكلفة المخاطر وانخفاض هامش سعر الفائدة نسبياً. من ناحية أخرى، شكّلت البيانات الأخيرة لقطاع المواد الأساسية، الذي تهيمن عليه البتروكيماويات، مفاجأة غير متوقعة مع عودة النشاط إلى هذا القطاع مستفيداً، على ما يبدو، من سياسة تسعيرية ملائمة للمنتجات على الرغم من ضعف أسعار النفط.
وأخيراً، كشفت السعودية النقاب عن خطتها، "رؤية السعودية 2030"، والتي اعتبرت حدثاً هاماً لدول مجلس التعاون الخليجي. من جهة، ذهبت أهداف الخطة إلى أبعد من مجرد التعبير عن النوايا، فكانت خطة قابلة للقياس الكمي وقادرة على تحديد انعكاساتها المباشرة على المستويين القطاعي والمؤسسي. ومن جهة أخرى، شكل جزء أساسي من هذه الرؤية، وهي خطة التحول الوطني عام 2020، هدفاً لقطاعات متعددة غير نفطية آن أوان تنفيذها على أرض الواقع.
اقــرأ أيضاً
في الواقع، عادة ما يكون المستثمرون في المنطقة أكثر حذراً إزاء هذه الخطط. رغم ذلك، لا يمكن تجاهل الأثر الاقتصادي الإيجابي والبعد طويل الأمد لهذه الإصلاحات، فالهدف الأساسي يتمثل في القضاء على أوجه القصور وتقديم الدعم للشركات من أجل تعزيز إمكاناتها التشغيلية.
في هذا الصدد، شهد عدد من أهداف "الرؤية" تقدماً، بالفعل، على كثير من الجبهات. على سبيل المثال، تعتزم الخطة رفع نسبة تملك السعوديين للمنازل من 47% حالياً، إلى 52 %، وإطلاق حملة للسياحة الدينية من خلال زيادة أعداد المعتمرين، وخلق مليون وظيفة في مجال البيع بالتجزئة، وزيادة مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي.
وكجزء من حل أزمة الإسكان في السعودية، تم فرض ضريبة "الأراضي البيضاء"، وهي أراض فضاء صالحة للاستخدام السكني أو التجاري داخل حدود النطاق العمراني، بواقع 2.5% من قيمة الأرض بهدف التوسع في إنشاء الوحدات السكنية، والتشجيع على الاستثمار بالقطاع العقاري حيث تفيد التوقعات أن تصل العوائد المتأتية من هذه الضريبة إلى أكثر من ملياري ريال سنوياً. ولا تزال مساع حثيثة تبذل لزيادة الطاقة الاستيعابية لأعداد المعتمرين والحجاج بما يتماشى مع الزيادة المتوقعة في عدد التأشيرات السياحية للعمرة والحج، إضافة إلى البدء فعلياً بإجراءات تفضي، في نهاية المطاف إلى "سعودة" قطاع تجارة التجزئة.
وينظر الكثير من المراقبين إلى نهج تغيير القيادات في مؤسسات حكومية هامة، مثل وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية ومؤسسة النقد السعودية، ووزارة التجارة والاستثمار ووزارة الصحة، كدليل على تغير إيجابي في السياسة الإصلاحية للسعودية. وفيما يتعلق بأسواق النفط، فإنه لا يمكن اعتبار رحيل وزير النفط السعودي السابق، علي النعيمي، مؤشراً على حدوث تغيير في السياسة النفطية للسعودية، إذ إن عوامل اقتصادية بحتة من شأنها، فقط، إعادة التوازن الحقيقي إلى أسواق النفط، وليس عبر التدخل الحكومي.
في الشهر الماضي، نجحت حكومة أبوظبي في إصدار سندات سيادية بقيمة 5 مليارات دولار، لاستحقاق يمتد إلى خمس وعشر سنوات، حيث تم جمع نحو ثلثي هذه الأموال من قبل مستثمرين دوليين. ومن المتوقع أن يُسهم هذا الإصدار في تحسين السيولة في النظام المصرفي عن طريق إبطاء عملية السحب من الإيداعات المحلية، أو من خلال توفير السيولة للقطاع المصرفي.
إن عوامل أساسية، مثل الإعلان عن نتائج مالية إيجابية للشركات مدعومة باستقرار أسعار النفط وبيئة اقتصادية أوسع، قادرة على دفع أداء الأسهم نحو الأفضل. رغم ذلك، فإن أسواق الأسهم قد تشهد المزيد من التقلبات في المستقبل القريب، خاصة مع اقتراب شهر رمضان وموسم الصيف الذي عادة ما تشهد فيهما أسواق الأسهم تراجعاً في حجم التداول.
(خبير اقتصادي أردني)
اقــرأ أيضاً
بدأت مؤشرات اقتصادية مشجعة بالظهور، خلال العام الحالي، فقد سجل القطاع المصرفي في المنطقة أرباحاً فاقت التوقعات، إلى حد كبير، نظراً لارتفاع هامش سعر الفائدة (سعر الإقراض مطروح منه سعر الإيداع) غذتها سياسة التشدد في الإقراض. رغم ذلك، كانت نتائج الربع الأول للقطاع المصرفي في الإمارات دون توقعات السوق، متأثرة بارتفاع تكلفة المخاطر وانخفاض هامش سعر الفائدة نسبياً. من ناحية أخرى، شكّلت البيانات الأخيرة لقطاع المواد الأساسية، الذي تهيمن عليه البتروكيماويات، مفاجأة غير متوقعة مع عودة النشاط إلى هذا القطاع مستفيداً، على ما يبدو، من سياسة تسعيرية ملائمة للمنتجات على الرغم من ضعف أسعار النفط.
وأخيراً، كشفت السعودية النقاب عن خطتها، "رؤية السعودية 2030"، والتي اعتبرت حدثاً هاماً لدول مجلس التعاون الخليجي. من جهة، ذهبت أهداف الخطة إلى أبعد من مجرد التعبير عن النوايا، فكانت خطة قابلة للقياس الكمي وقادرة على تحديد انعكاساتها المباشرة على المستويين القطاعي والمؤسسي. ومن جهة أخرى، شكل جزء أساسي من هذه الرؤية، وهي خطة التحول الوطني عام 2020، هدفاً لقطاعات متعددة غير نفطية آن أوان تنفيذها على أرض الواقع.
في الواقع، عادة ما يكون المستثمرون في المنطقة أكثر حذراً إزاء هذه الخطط. رغم ذلك، لا يمكن تجاهل الأثر الاقتصادي الإيجابي والبعد طويل الأمد لهذه الإصلاحات، فالهدف الأساسي يتمثل في القضاء على أوجه القصور وتقديم الدعم للشركات من أجل تعزيز إمكاناتها التشغيلية.
في هذا الصدد، شهد عدد من أهداف "الرؤية" تقدماً، بالفعل، على كثير من الجبهات. على سبيل المثال، تعتزم الخطة رفع نسبة تملك السعوديين للمنازل من 47% حالياً، إلى 52 %، وإطلاق حملة للسياحة الدينية من خلال زيادة أعداد المعتمرين، وخلق مليون وظيفة في مجال البيع بالتجزئة، وزيادة مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي.
وكجزء من حل أزمة الإسكان في السعودية، تم فرض ضريبة "الأراضي البيضاء"، وهي أراض فضاء صالحة للاستخدام السكني أو التجاري داخل حدود النطاق العمراني، بواقع 2.5% من قيمة الأرض بهدف التوسع في إنشاء الوحدات السكنية، والتشجيع على الاستثمار بالقطاع العقاري حيث تفيد التوقعات أن تصل العوائد المتأتية من هذه الضريبة إلى أكثر من ملياري ريال سنوياً. ولا تزال مساع حثيثة تبذل لزيادة الطاقة الاستيعابية لأعداد المعتمرين والحجاج بما يتماشى مع الزيادة المتوقعة في عدد التأشيرات السياحية للعمرة والحج، إضافة إلى البدء فعلياً بإجراءات تفضي، في نهاية المطاف إلى "سعودة" قطاع تجارة التجزئة.
وينظر الكثير من المراقبين إلى نهج تغيير القيادات في مؤسسات حكومية هامة، مثل وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية ومؤسسة النقد السعودية، ووزارة التجارة والاستثمار ووزارة الصحة، كدليل على تغير إيجابي في السياسة الإصلاحية للسعودية. وفيما يتعلق بأسواق النفط، فإنه لا يمكن اعتبار رحيل وزير النفط السعودي السابق، علي النعيمي، مؤشراً على حدوث تغيير في السياسة النفطية للسعودية، إذ إن عوامل اقتصادية بحتة من شأنها، فقط، إعادة التوازن الحقيقي إلى أسواق النفط، وليس عبر التدخل الحكومي.
في الشهر الماضي، نجحت حكومة أبوظبي في إصدار سندات سيادية بقيمة 5 مليارات دولار، لاستحقاق يمتد إلى خمس وعشر سنوات، حيث تم جمع نحو ثلثي هذه الأموال من قبل مستثمرين دوليين. ومن المتوقع أن يُسهم هذا الإصدار في تحسين السيولة في النظام المصرفي عن طريق إبطاء عملية السحب من الإيداعات المحلية، أو من خلال توفير السيولة للقطاع المصرفي.
إن عوامل أساسية، مثل الإعلان عن نتائج مالية إيجابية للشركات مدعومة باستقرار أسعار النفط وبيئة اقتصادية أوسع، قادرة على دفع أداء الأسهم نحو الأفضل. رغم ذلك، فإن أسواق الأسهم قد تشهد المزيد من التقلبات في المستقبل القريب، خاصة مع اقتراب شهر رمضان وموسم الصيف الذي عادة ما تشهد فيهما أسواق الأسهم تراجعاً في حجم التداول.
(خبير اقتصادي أردني)