أثارت الاعتداءات الأخيرة التي تعرّض لها المرشح للانتخابات الرئاسية في الجزائر رشيد نكاز، والمضايقات التي تعرّضت لها حملة اللواء علي غديري، وتنامي حدة الاستقطاب السياسي بين أنصار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ومعارضيه، والدعوات المتفرقة إلى تظاهرات شعبية ضد الولاية الرئاسية الخامسة، مخاوف من بروز ظاهرة عنف سياسي خلال فترة الحملة الانتخابية التي تسبق انتخابات 18 إبريل/ نيسان المقبل. وكان نكاز قد تعرّض لاعتداء في منطقة تلمسان، غربي الجزائر، من قبل ناشطين في أحزاب سياسية موالية لبوتفليقة، عندما كان بصدد جمع تواقيع لصالحه، وأُرغم على مغادرة المكان. كما تعرّض لاعتداء لفظي آخر في منطقة وهران، غربي الجزائر. واتهم نكاز "جبهة التحرير"، مشيراً إلى أن هذه الاعتداءات قد تستهدف محاولة دفعه إلى الانسحاب واستبعاده من السباق الرئاسي.
وكانت حملة غديري قد أعلنت، يوم السبت الماضي، أن "العاملين في الحملة تعرّضوا إلى مضايقات". وكشفت الحملة أن "النائب الأول لرئيس المجلس البلدي لبني ورتلان بولاية سطيف، شرقي الجزائر، قام بتمزيق 25 استمارة موقّع عليها من قبل مواطنين لصالح غديري. كما احتجز رئيس بلدية قالمة، شرقي الجزائر، 900 استمارة مملوءة وموقّع عليها من قبل مواطنين، ورفض التصديق عليها أو إرجاعها إلى أصحابها".
وانتقد فاعلون سياسيون بروز مؤشرات العنف السياسي في الجزائر، وعلّق رئيس حركة "مجتمع السلم" (إخوان الجزائر) عبد الرزاق مقري، ما اعتبره "استخدام البلطجة ضد المرشح رشيد نكاز"، ووصفه بـ"التصرف المخيف الذي قد يحصل لأي سياسي غير رشيد نكاز"، داعياً القضاء "إلى التحقيق في الموضوع ومعاقبة الجناة". وأضاف أن "من حق نكاز أو أي مواطن أن يعبّر عن رأيه بكل حرية، ويجب أن تكون العدالة لصالح الحرية وكرامة الإنسان. وعلى الطبقة السياسية أن ترفض هذا حتى تبقى الخلافات والردود في إطار الكلمة أو تحت طائلة العدالة". وأشار إلى أنه "يجب أن نمنع تحوّل بلدنا إلى غابة تكون فيها الكلمة للعنف والعدوان، ثم الإرهاب ثم الفتنة".
وقبل مقري كانت زعيمة حزب العمال اليساري، المرشحة المحتملة للانتخابات الرئاسية، لويزة حنون، قد توقعت حدوث عنف سياسي في انتخابات إبريل. وقالت حنون في مؤتمر صحافي، يوم الثلاثاء الماضي، إن "الانتخابات الرئاسية في الجزائر مرعبة وبمثابة موعد مخيف مع القدر"، مضيفة: "نحن مرعوبون مما قد يحصل مستقبلاً وكيف ستكون ردة فعل المواطنين". وتوقعت إمكانية أن "يلجأ أنصار بوتفليقة من رجال الأعمال والكارتل المالي، إلى العنف للحفاظ على مصالحهم المرتبطة باستمرار بوتفليقة في الحكم". وتساءلت: "ماذا لو تغيرت المعنويات وقرر المواطنون اقتحام مكاتب الاقتراع لمواجهة تزوير الانتخابات؟ ونحن نعرف المفترسين والأوليغارشية الذين سيستعملون العنف لضمان بقاء النظام الحالي والمحافظة على مصالحهم وإلا فسيحرقون البلاد".
في السياق، كان رئيس الحكومة الأسبق، المرشح الرئاسي، علي بن فليس، قد حذّر من استخدام ما وصفه بـ"القوة السياسية"، لتمرير مشروع الولاية الرئاسية الخامسة لبوتفليقة. وقال "إننا أمام تمرير بالقوة السياسية، مثل ذلك التمرير الذي مكّن في سنة 2008 من كسر حاجز تحديد الولايات الرئاسية". ولمّح بن فليس إلى أن "ما يوصف بالكارتل المالي، يمكن أن يقوم بأي شيء من أجل السيطرة على مقدرات البلاد"، قائلاً إن "الأشخاص الذين يدفعون نحو هذا التصرف، هم قوى غير دستورية تبحث عن عهدتها الأولى للسيطرة على مقاليد الحكم".
في هذا السياق، أبدى المحلل نصر الدين بن حديد، اعتقاده بأن "إمكانية حدوث عنف سياسي وانتخابي واردة جداً، بسبب خوف جناح بوتفليقة من محاولة المعارضين تحريك الشارع"، مشيراً في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى "حدة الاستقطاب الراهن بين المرشحين، والتي قد تبلغ أقصاها مع قرب موعد الاستحقاق الرئاسي".
وتوقع الحقوقي عبد الغني بادي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "تلجأ السلطات إلى رد فعل عنيف ضد مناوئي بوتفليقة واستخدام البلطجية". وحمّل عبد الغني السلطة مسؤولية أي عنف قد تشهده البلاد، بسبب "إصرارها على تمرير مشروع الولاية الرئاسية الخامسة، رغم الوضع الصحي المتردي لبوتفليقة".
وعلى الرغم من تطمينات وزير الداخلية، نور الدين بدوي، الذي أعلن أن "كل الظروف مواتية لإنجاح الاستحقاق الانتخابي، وتأكيدات رئيس الحكومة بالسيطرة على الشارع، فإن هذه المخاوف من تصاعد العنف السياسي، تبرز أكثر مع قرب الاستحقاق الانتخابي، خصوصاً خلال الحملة الانتخابية ويوم الاقتراع، بسبب بروز إصرار من الجهاز الإداري المشرف على العملية الانتخابية على توجيه الانتخابات في صالح بوتفليقة، وعلى خلفية أحداث العنف والصدام الذي شهدته انتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمة في نهاية شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي بين مناضلي حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، والتي خلّفت إصابات عدة، تحديداً في منطقة تلمسان".