وشدّدت مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الأهلية الفلسطينية، في بيان صادر عنها، على ضرورة بلورة رؤية وطنية جامعة لإعادة توحيد وإصلاح السلطة القضائية ومنظومة العدالة، على أسس مهنية وموضوعية وشفافة، تكفل استقلال القضاة والقضاء، وبناء التكوين والأداء المؤسسي الفاعل في السلطة القضائية ومنظومة العدالة.
وقالت إنها "لن تدخر جهداً في حشد كافة الطاقات والإمكانات واستخدام مختلف أدوات المناصرة لوقف التدهور في النظام السياسي، وإعادة الاعتبار لمبدأ سيادة القانون، والفصل بين السلطات، واستقلال القضاء، وصيانة الحقوق والحريات العامة".
في غضون ذلك، أكدت المؤسسات أن القرار الرئاسي الصادر في 3 أبريل/ نيسان الماضي، بتشكيل المحكمة الدستورية العليا قد انتهك أحكام القانون الأساسي المعدل وقانون المحكمة الدستورية العليا وقانون السلطة القضائية.
وأرجع البيان سبب الانتهاك إلى أن "مضمون قرار التشكيل قد خرق مبدأ استقلالية وحيادية المحكمة الدستورية العليا، بظهور لون سياسي في عضوية المحكمة، ما يفقد المحكمة مغزى وجودها ودورها في حراسة القانون الأساسي المعدل، وحماية الحقوق والحريات الدستورية بالارتكاز على مبدأ سيادة القانون على الجميع، كأساس للحكم في فلسطين".
ولفت إلى أنه "سبق أن شددت المؤسسات والمنظمات الأهلية الفلسطينية، في رسالتها الموجهة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس بذات اليوم، وقبل أداء قضاة المحكمة اليمين القانونية، على وجوب عدم المساس بمبدأ استقلالية وحيادية المحكمة الدستورية وقضاتها".
وأشار البيان نفسه، إلى أن "العديد من مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الأهلية الفلسطينية تداعت لاجتماع طارئ لمناقشة استمرار المحكمة الدستورية العليا، التي لم تستكمل إجراءات تشكيلها حسب الأصول والقانون، في عقد جلساتها، وما صدر عنها من قرار تفسيري بتاريخ 3 من الشهر الجاري، والذي تضمن منح الرئيس الفلسطيني صلاحية رفع الحصانة البرلمانية عن أي عضو من أعضاء المجلس التشريعي في غير أدوار انعقاد المجلس بتشريع استثنائي".
وشددت المؤسسات "على ضرورة أن يأتي تشكيل المحكمة الدستورية العليا في مرحلة لاحقة، لإعادة الحياة الدستورية المتمثلة بإجراء الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية، وتوحيد القضاء الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وأن يتم العمل على ضمان نزاهة واستقلالية وحيادية المحكمة الدستورية وأعضائها، وعدم المساس بتلك المبادئ".
وأشارت المؤسسات إلى الخطأ الذي وقعت به المحكمة الدستورية عندما أصدرت قرارها التفسيري الأول دون استكمال الإجراءات القانونية اللازمة لتشكيلها "حيث إن انعقاد المحكمة والحالة تلك يشكل مساساً بقانون المحكمة الدستورية العليا وأحكام القانون الأساسي المعدل ومبدأ سيادة القانون كأساس للحكم في فلسطين.
ورأت تلك المؤسسات أن "انعقاد المحكمة الدستورية العليا للنظر في أي طلب تفسيري أو نزاع دستوري، يتطلب أن يكون تشكيل المحكمة متفقاً وأحكام قانونها والقانون الأساسي، حيث أدى رئيس المحكمة ونائبه وقضاتها اليمين أمام رئيس السلطة الوطنية بعدم حضور رئيس المجلس التشريعي ورئيس مجلس القضاء الأعلى قبل مباشرة أعمالهم، فيما تم المساس بالإجراءات الدستورية والقانونية في تشكيل المحكمة"، لافتة إلى أن "تشكيل تلك المحكمة كان مشوباً بعيب جسيم، وأحكامها وقراراتها تكون منعدمة".
وأوضح البيان أن "ما صدر عن رئيس المحكمة بشأن عدم الاعتراف بسمو القانون الأساسي المعدّل على غيره من التشريعات، وأنه قانون عادي لا أكثر، وأن المجلس التشريعي قد انتهت ولايته المقررة دستورياً، وأنه يجزم مسبقاً حسب تصريحاته بأن من حق الرئيس رفع الحصانة عن عضو المجلس التشريعي، وأن حالة الضرورة تمنح الرئيس صلاحيات شبه مطلقة، وأن الشرعية الاستثنائية تحل محل الشرعية العادية وغيرها من التصريحات، تشكل انتهاكاً صارخاً لأحكام القانون الأساسي وسموه".
وبينّ في هذا السياق، أن "مبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات، يؤكد عدم صلاحيته قانوناً في نظر أي طلب تفسيري أو نزاع دستوري مرجعه فيه هو القانون الأساسي الفلسطيني المعدل".
وحول الحصانة البرلمانية، شددت المؤسسات على أن "الحصانة تعد من أهم المبادئ الدستورية الراسخة، والضمانات التي كفلها القانون الأساسي الفلسطيني (التشريع الأسمى) ومختلف دساتير دول العالم، لأعضاء البرلمان المنتخبين بإرادة شعبية، بهدف تمكينهم من ممارسة مهامهم البرلمانية في التشريع والرقابة على أداء السلطة التنفيذية بحرية وطمأنينة".
وتابعت المؤسسات بالقول "ولأن الحصانة مرتبطة بالصالح العام والنظام العام فقد أكد القانون الأساسي وقانون واجبات وحقوق أعضاء المجلس التشريعي والنظام الداخلي للمجلس، على أن عضو المجلس التشريعي لا يملك التنازل عن الحصانة البرلمانية بغير إذن مسبق من المجلس التشريعي الفلسطيني".
وقد وقع البيان الصادر باسم "مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية (يضم في عضويته 12 منظمة حقوق إنسان)، إضافة إلى الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان كعضو مراقب، وشبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية (تضم في عضويتها 133 منظمة أهلية فلسطينية)".