نظم أهالي جزيرة الوراق المصرية مؤتمراً جماهيرياً حاشداً، يوم الجمعة، قبل ساعات قليلة من جلسة النطق بالحكم في الطعن المقدم من الأهالي ضد قرار إنشاء مجتمع عمراني على كامل أرض الجزيرة، مطالبين بالإفراج الفوري عن المعتقلين الثلاثة المحتجزين من أهالي الجزيرة من دون وجه حق، وبتهم لا أساس لها من الصحة، سوى أنهم يطالبون بحقهم في البقاء على أرضهم، وداخل منازلهم.
وشدد البيان الختامي للمؤتمر، الذي نظمه مجلس عائلات جزيرة الوراق، وحضره الآلاف من الأهالي، على وقوف المجلس إلى جانب أبناء الجزيرة، وأسرهم، بكافة الأشكال المادية والمعنوية، من خلال إنشاء صندوق يشرف عليه أحد أعضاء المجلس، على أن يكون الباب مفتوحاً أمام الجميع للمشاركة في الصندوق، باعتباره "ديناً في رقاب الجميع إلى حين خروج المحتجزين من المحنة الراهنة".
وجدد المجلس تمسك أهالي جزيرة الوراق بالبقاء في جزيرتهم، وعلى أراضيهم، وفي منازلهم، مهما استخدمت الدولة من تنكيل، وملاحقات أمنية، وتهم باطلة، مجدداً الرفض القاطع في ما يخص التفاوض على أرض الجزيرة.
وطالب المجلس الجهات المعنية بعرض خريطة تطوير الجزيرة على مجلس العائلات، والأهالي، لمناقشتها، والنظر فيها، مستطرداً "وإن كنا نعلم يقيناً لا يخالطه الشك أن الدولة واجهة تخفي وراءها نيتها الحقيقية لتهجير أهالي الجزيرة منها، وليس ما حدث بمنطقة مثلث ماسبيرو منا ببعيد"، على حد قول البيان.
كذلك، طالب المجلس الجهات المعنية بتبرئة اثنين وعشرين رجلاً من رجال الجزيرة الشرفاء من التهم الموجهة إليهم، لأن الجميع يعلم أنها تهم ملفقة للضغط على أهالي الجزيرة، بغرض التنازل عن أراضيهم، ومساكنهم، مؤكداً "وقوفه وتضامنه بكل الطرق الممكنة مع أبناء الجزيرة، الذين تحملوا - ولا زالوا يتحملون - هذه الافتراءات من أجل الحق".
وأعلن مجلس العائلات "دعمه بكل ما أؤتي من قوة المحامين الشرفاء، الذين لم يدخروا جهداً من أجل الحق، ومن أجل الحفاظ على الجزيرة، بالرغم مما يتعرضون له من ضغوط، وإرهاب، ولكنهم ثابتون على الحق، ولا يحيدون عنه طرفة عين".
وأهاب المجلس بأهالي الجزيرة رجالاً ونساءً، شيوخاً وأطفالاً، بضرورة حضور جلسة الحكم في الطعن المقدم من أهالي الجزيرة ضد الدولة، صباح السبت، وذلك بمبنى مجلس الدولة الكائن في محافظة الجيزة. واختتم المشاركون في المؤتمر الحاشد بهتاف: "سيبوا إخواتنا المحبوسين... إحنا عليها (الجزيرة) ليوم الدين".
ويضغط أهالي الوراق للإفراج عن جميع المعتقلين من أبناء الجزيرة، وفي مقدمتهم سيد مصطفى (51 سنة/ على المعاش)، وإبراهيم شعرواي (32 سنة/ سباك)، وأحمد جمال (20 سنة/ طالب)، والذين أخفتهم أجهزة الأمن قسرياً بعد استدراجهم خارج الجزيرة، بناءً على مكالمة لشخص ادعى أنه صحافي يرغب في التحدث معهم.
وفي 19 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، حاصرت قوات من الشرطة معدية دمنهور، وهي أهمّ المعديات التي تربط الجزيرة بشبرا الخيمة من الناحية الشرقية، وأمرت أصحاب المعدية (المركبات) بإخلاء المرسى لإزالته من أجل تشغيل عبَّارة تابعة للجيش مكانها، غير أنّ الأهالي تصدَّوا لوقف عملية الإزالة، حتى رضخ مدير أمن القليوبية لمطالبهم، وأمر بسحب القوات خشية تطوُّر الأحداث.
وكانت قيادات شعبية بجزيرة الورّاق قد كشفت، لـ"العربي الجديد"، أن "الرئيس الجديد للهيئة الهندسية للقوات المسلحة، اللواء إيهاب الفار، وجّه رسائل للقيادات الشعبية بالجزيرة"، مطالباً إياها بـ"ضرورة حسم ملف الجزيرة في أقرب وقت، لأن صبر الدولة بدأ في النفاد"، مشدداً على أنه لا تراجع عما سمّاه "خطط تطوير الجزيرة وإخلائها".
وحسب القيادات، فإن "الرسائل القادمة من الأجهزة الأمنية مفادها أن مصير المحتجزين مرهون بموقف أبناء الجزيرة، والتزامهم بتنفيذ الخطط الحكومية، وقبول التعويضات، والتنازل عن ممتلكاتهم"، مبينة أن "قيادات بجهاز الأمن الوطني وجّهت تهديدات بأن حملات الاعتقالات لن تتوقف، وأنها ستطاول أبناء وذوي كافة القيادات الشعبية التي تقود الحراك في الجزيرة".
تجدر الإشارة إلى تحقيق نيابة أمن الدولة العليا مع عدد من المعتقلين، من بينهم أهالي الوراق المحتجزين، يوم الأربعاء الماضي، وإصدار قرار بحسبهم لمدة 15 يوماً على ذمة القضية "488 لسنة 2019 - حصر أمن دولة عليا"، بعدما وجّهت لهم اتهامات بـ"مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أغراضها"، و"بث ونشر أخبار كاذبة".