يلتقي، كما في كل عام، رجال اقتصاد وسياسة في "المنتدى الاقتصادي العالمي" في دافوس، من دون أن تغطي فاعلياته على تقرير أعلنته منظمة أوكسفام بعنوان: "نحو اقتصاد لـ99%".
الصورة التي تقدمها منظمة الإغاثة العالمية أوكسفام لا تبشر كثيراً، فغياب المساواة حول العالم في تزايد سريع، ثمانية أشخاص يملكون معاً ثروة توازي ما يملكه النصف الأفقر من سكان العالم، والرعاية تتناقص بشكل مريع لما يقدر بـ 3.6 مليارات إنسان، وهم المصنفون كفقراء الكرة الأرضية.
ما يقدمه التقرير لرجال السياسة والاقتصاد في دافوس يؤكد خروج المعاناة عن أي سيطرة. وفي حين يتم ربط حلول أزمات الهجرة واللجوء بالحروب، يرى التقرير أن الأخيرة ستتسع، إذا لم يتم قلب المعادلة وتحقيق الأهداف التي وضعت حتى العام 2030، أي خلال 13 سنة وبحسب ما وضع قادة العالم ومن شاركوا في مؤتمرات دافوس سابقاً.
إذ إن التحديات الكبيرة تُرفع دائماً شعارات لأجلها في مؤتمرات مثل دافوس، التي تتحول كواليسها إلى صفقات تجارية وسياسية في الجبال السويسرية.
وفقاً لتقرير أوكسفام فإن الفقر ازداد في الدول التي اتسعت فيها الفجوة وعدم المساواة، حيث إن 7 من كل 10 يعانون من الفقر.
وبين 1988 و2011، وفق دراسات استقصائية سابقة، فإن 10% من فقراء العالم ازداد دخلهم 2.7 دولار سنوياً، بينما 10% من الأثرياء ازداد دخلهم 182 مرة.
عدم المساواة حول العالم تظهر فداحة الصورة، التي على خلفيتها يجتمع هؤلاء اليوم في دافوس. فمنذ عام 2015 نجد أن 1% فقط من الأغنياء امتلكوا ما يمتلكه الـ 99% من سكان المعمورة. وهو اختلال يعتبره علماء الاجتماع والاقتصاد رهيبا في نتائجه الكارثية.
ازدياد التفاوت بفعل تهرب الشركات العابرة للجنسيات من دفع الضرائب، وهروبها نحو بلاد أشد فقراً لاستغلال اليد العاملة في آسيا تحديداً (كصناعة الألبسة في بنغلادش والهند وغيرهما)، وشركات المشروبات الغازية وسلسلة المطاعم السريعة (دون تسمية، إذ يعرف الجميع عمن يجري الحديث)، أدى كما هو معروف إلى سباق في التنافس على تعميم القهر.
اقــرأ أيضاً
إذ إن الدول النامية تخسر حوالي 100 مليار دولار سنوياً، بينما تذهب الأموال إلى حسابات مصرفية في الدول الأكثر ثراء، في حين كان يمكن لهذه الأموال أن تساهم في تنمية القطاع التعليمي والتأمين الصحي في معظم تلك البلدان.
المدافعون عن اقتصاد السوق يدفعون وبكل قوة نحو خصخصة كل شيء، بما فيه القطاع التعليمي، بحيث يجب دفع رسوم مدرسية، لا يقدر عليها فقراء تلك الدول.
حتى في الدول الثرية بات يلحظ وجود نوعين من التعليم: العادي والنخبوي، في الدنمارك على سبيل المثال يدفع الحراك الاجتماعي للحد من خطر تدمير قطاع الرعاية الفريد من نوعه في دول الشمال، عبر سياسات يمينية تضغط نحو تخفيض ميزانيات كثيرة بما فيها التعليم والصحة.
ويخرج سنوياً تقرير يحدد مستوى الفقر المتزايد في بلد ثري، فما بالك ببلدان تعيش بالفعل على هامش الاقتصاديات وتتحكم بها شركات دول تتبع جيوشاً وتفتقر لاستثمارات رشيدة بخلق أجواء طاردة لمشاريع داخلية وخارجية باختراع وضع سياسي معين.
حول العالم ينتشر 1810 مليارديرات، ويملك هؤلاء 45 تريليون دولار أي ما يملكه مجموع 5 مليارات إنسان حول. المذهل، وفق تقرير أوكسفام أن المليارات تلك بعضها تم الحصول عليه عن طريق الحظ بالمهارة والعمل، ونصفها بالميراث والفساد. وفي بعض بلدان العالم الثالث يجري نهب الثروات وتهريبها إلى الشمال.
وفي الشمال نفسه، في إسكندنافيا تحديدا، تذهب حكومة ائتلاف البرجوازية والليبرالية الجديدة، إلى منح إعفاءات ضريبية متزايدة لطبقة الأثرياء من أصحاب الشركات المملوكة لأسر بعينها، هذا بالإضافة إلى تخفيضات أخرى على الميراث، بنقل الشركات من طرف إلى آخر في العائلة.
عدم المساواة وغلبة العولمة من بوابة الاستغلال للدول النامية، تعبر عنه أرقام توقعات العقدين القادمين. فرغم الطفرة التي عاشتها الهند على سبيل المثال، وهي طفرة بمقاييس "عالمثالثية" نسبة إلى العالم الثالث، فإن السنوات العشرين المقبلة ستحمل، وفقاً لتقرير أوكسفام أيضاً، المزيد من الفقر مقارنة بالناتج المحلي للهند التي يعيش فيها 1،3 مليار إنسان.
في فييتنام على سبيل المثال، يكسب أغنى رجل في اليوم الواحد ما يكسبه أفقر رجل على مدى 10 سنوات.
في دافوس تختلط الخطب المتحدثة عن الآمال العريضة بخطط التنمية العالمية. ومنظمات عدة تحذر من أن الرأسمالية العالمية خرجت عن السيطرة الديمقراطية. وهو ما ذهب إليه المدير الدولي لأوكسفام لارس كوخ حين قال: "الأزمة المالية وعدم وجود رقابة ديمقراطية والسيطرة على السوق والنخب الاقتصادية تظهر كلها بأن لدينا نظاماً اقتصادياً خارج السيطرة، ويحتاج لإنقاذه من نفسه".
ينتقد كوخ أيضا ما يسميه "الرأسمالية الفصلية"، ويقصد بذلك غياب الاستثمارات طويلة الأجل التي تستعيض عن ذلك برفع أسهمها في السوق ثم تنسحب للاستثمار الفصلي في مكان آخر.
صحيح أن أوكسفام تعترف بأن مئات الملايين خرجوا من الفقر في العقود الأخيرة "لكن 1 من كل ثمانية أشخاص حول العالم يذهبون إلى النوم جياعاً".
وتضيف المنظمة: "لو أنه بين الأعوام 1999 و2010 أفاد النمو الاقتصادي عدداً أكبر لكنا رأينا 700 مليون إنسان، في الأغلب النساء، لا يعيشون الفقر الذي يعيشونه اليوم".
على خلفية هذه اللوحة المختلّة اقتصادياً يأتي إلى دافوس رجال دولة واقتصاد، وحكام يتهمون من منظمات دولية بأنهم ينهبون بلادهم، ينظرون في السياسة والأمن وارتباطهما بالاقتصاد دون أن يرف لهم جفن عن التفقير الممنهج الذي تعيشه دولهم، وبعضهم يحضر للتسول وطلب قروض ومناقشة أدوار تروق لبعض الغربيين، المتحكمين بالرساميل ومشاريع التنمية عبر وزارت متخصصة لتثبيت حكم البعض عبر فتات يرمى باسم "مشاريع عملاقة".
ما يقدمه التقرير لرجال السياسة والاقتصاد في دافوس يؤكد خروج المعاناة عن أي سيطرة. وفي حين يتم ربط حلول أزمات الهجرة واللجوء بالحروب، يرى التقرير أن الأخيرة ستتسع، إذا لم يتم قلب المعادلة وتحقيق الأهداف التي وضعت حتى العام 2030، أي خلال 13 سنة وبحسب ما وضع قادة العالم ومن شاركوا في مؤتمرات دافوس سابقاً.
إذ إن التحديات الكبيرة تُرفع دائماً شعارات لأجلها في مؤتمرات مثل دافوس، التي تتحول كواليسها إلى صفقات تجارية وسياسية في الجبال السويسرية.
وفقاً لتقرير أوكسفام فإن الفقر ازداد في الدول التي اتسعت فيها الفجوة وعدم المساواة، حيث إن 7 من كل 10 يعانون من الفقر.
وبين 1988 و2011، وفق دراسات استقصائية سابقة، فإن 10% من فقراء العالم ازداد دخلهم 2.7 دولار سنوياً، بينما 10% من الأثرياء ازداد دخلهم 182 مرة.
عدم المساواة حول العالم تظهر فداحة الصورة، التي على خلفيتها يجتمع هؤلاء اليوم في دافوس. فمنذ عام 2015 نجد أن 1% فقط من الأغنياء امتلكوا ما يمتلكه الـ 99% من سكان المعمورة. وهو اختلال يعتبره علماء الاجتماع والاقتصاد رهيبا في نتائجه الكارثية.
ازدياد التفاوت بفعل تهرب الشركات العابرة للجنسيات من دفع الضرائب، وهروبها نحو بلاد أشد فقراً لاستغلال اليد العاملة في آسيا تحديداً (كصناعة الألبسة في بنغلادش والهند وغيرهما)، وشركات المشروبات الغازية وسلسلة المطاعم السريعة (دون تسمية، إذ يعرف الجميع عمن يجري الحديث)، أدى كما هو معروف إلى سباق في التنافس على تعميم القهر.
إذ إن الدول النامية تخسر حوالي 100 مليار دولار سنوياً، بينما تذهب الأموال إلى حسابات مصرفية في الدول الأكثر ثراء، في حين كان يمكن لهذه الأموال أن تساهم في تنمية القطاع التعليمي والتأمين الصحي في معظم تلك البلدان.
المدافعون عن اقتصاد السوق يدفعون وبكل قوة نحو خصخصة كل شيء، بما فيه القطاع التعليمي، بحيث يجب دفع رسوم مدرسية، لا يقدر عليها فقراء تلك الدول.
حتى في الدول الثرية بات يلحظ وجود نوعين من التعليم: العادي والنخبوي، في الدنمارك على سبيل المثال يدفع الحراك الاجتماعي للحد من خطر تدمير قطاع الرعاية الفريد من نوعه في دول الشمال، عبر سياسات يمينية تضغط نحو تخفيض ميزانيات كثيرة بما فيها التعليم والصحة.
ويخرج سنوياً تقرير يحدد مستوى الفقر المتزايد في بلد ثري، فما بالك ببلدان تعيش بالفعل على هامش الاقتصاديات وتتحكم بها شركات دول تتبع جيوشاً وتفتقر لاستثمارات رشيدة بخلق أجواء طاردة لمشاريع داخلية وخارجية باختراع وضع سياسي معين.
حول العالم ينتشر 1810 مليارديرات، ويملك هؤلاء 45 تريليون دولار أي ما يملكه مجموع 5 مليارات إنسان حول. المذهل، وفق تقرير أوكسفام أن المليارات تلك بعضها تم الحصول عليه عن طريق الحظ بالمهارة والعمل، ونصفها بالميراث والفساد. وفي بعض بلدان العالم الثالث يجري نهب الثروات وتهريبها إلى الشمال.
وفي الشمال نفسه، في إسكندنافيا تحديدا، تذهب حكومة ائتلاف البرجوازية والليبرالية الجديدة، إلى منح إعفاءات ضريبية متزايدة لطبقة الأثرياء من أصحاب الشركات المملوكة لأسر بعينها، هذا بالإضافة إلى تخفيضات أخرى على الميراث، بنقل الشركات من طرف إلى آخر في العائلة.
عدم المساواة وغلبة العولمة من بوابة الاستغلال للدول النامية، تعبر عنه أرقام توقعات العقدين القادمين. فرغم الطفرة التي عاشتها الهند على سبيل المثال، وهي طفرة بمقاييس "عالمثالثية" نسبة إلى العالم الثالث، فإن السنوات العشرين المقبلة ستحمل، وفقاً لتقرير أوكسفام أيضاً، المزيد من الفقر مقارنة بالناتج المحلي للهند التي يعيش فيها 1،3 مليار إنسان.
في فييتنام على سبيل المثال، يكسب أغنى رجل في اليوم الواحد ما يكسبه أفقر رجل على مدى 10 سنوات.
في دافوس تختلط الخطب المتحدثة عن الآمال العريضة بخطط التنمية العالمية. ومنظمات عدة تحذر من أن الرأسمالية العالمية خرجت عن السيطرة الديمقراطية. وهو ما ذهب إليه المدير الدولي لأوكسفام لارس كوخ حين قال: "الأزمة المالية وعدم وجود رقابة ديمقراطية والسيطرة على السوق والنخب الاقتصادية تظهر كلها بأن لدينا نظاماً اقتصادياً خارج السيطرة، ويحتاج لإنقاذه من نفسه".
ينتقد كوخ أيضا ما يسميه "الرأسمالية الفصلية"، ويقصد بذلك غياب الاستثمارات طويلة الأجل التي تستعيض عن ذلك برفع أسهمها في السوق ثم تنسحب للاستثمار الفصلي في مكان آخر.
صحيح أن أوكسفام تعترف بأن مئات الملايين خرجوا من الفقر في العقود الأخيرة "لكن 1 من كل ثمانية أشخاص حول العالم يذهبون إلى النوم جياعاً".
وتضيف المنظمة: "لو أنه بين الأعوام 1999 و2010 أفاد النمو الاقتصادي عدداً أكبر لكنا رأينا 700 مليون إنسان، في الأغلب النساء، لا يعيشون الفقر الذي يعيشونه اليوم".
على خلفية هذه اللوحة المختلّة اقتصادياً يأتي إلى دافوس رجال دولة واقتصاد، وحكام يتهمون من منظمات دولية بأنهم ينهبون بلادهم، ينظرون في السياسة والأمن وارتباطهما بالاقتصاد دون أن يرف لهم جفن عن التفقير الممنهج الذي تعيشه دولهم، وبعضهم يحضر للتسول وطلب قروض ومناقشة أدوار تروق لبعض الغربيين، المتحكمين بالرساميل ومشاريع التنمية عبر وزارت متخصصة لتثبيت حكم البعض عبر فتات يرمى باسم "مشاريع عملاقة".