وأتت أصوات المشاركين في المؤتمر التحضيري، الذي عقده ممثلون عن مختلف الأحزاب والحركات السياسية العربية والسلطات المحلية العربية ومؤسسات العمل المدني والحركات الشبابية وغيرها من الأطر الفاعلة، واضحة لا تقبل التأويل.
وعبّر المشاركون، الذين اجتمعوا في قاعة "مركز محمود درويش" في الناصرة، عن رفضهم "الهجمة السلطوية الإسرائيلية لتجنيد شبابنا العرب في صفوف قوات الاحتلال تحت مسميات مختلفة، والعمل الوحدوي من أجل التصدي لها بطرق مختلفة ووحدة وطنية".
وجاء المؤتمر، على ضوء تزايد محاولات الاحتلال تجنيد فلسطينيي الداخل في الجيش الإسرائيلي عبر وسائل مختلفة، منها مصادقة الكنيست قبل نحو شهرين بالقراءة الثالثة على قانون يراد منه نزع عروبة الفلسطينيين المسيحيين عبر تحويلهم إلى طائفة غير عربية في مفوضية "تكافؤ الفرص".
ويترافق ذلك مع الدعوة المستمرة لتجنيدهم باعتبارهم ليسوا عرباً، عبر دعم حكومي يتمثل بمساندة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، للكاهن جبرائيل نداف، الذي يدعو لتجنيد العرب المسيحيين. ويضاف إلى ذلك، قرار وزير المالية الإسرائيلي، يئير لبيد، الأسبوع الماضي، بمنح إعفاءات ضريبية عن الشقق الجديدة لمَن خدم في الجيش الإسرائيلي.
وبرز الحراك الشبابي في الداخل الفلسطيني بشكل ملحوظ في التصدي لهذه السياسيات عبر جملة من الحملات التثقيفية والتوعية والخطوات السياسية، مثل حملات "ارفض شعبك يحميك". وهي مخصصة على نحو خاص لمساندة أبناء الطائفة الدرزية، الذين تفرض عليهم إسرائيل التجنيد القسري وتسجن مَن يرفض المثول في قيادة التجنيد العسكري. كذلك هناك حملة "أنا مش خادم" التي أطلقتها منذ سنوات جمعية "بلدنا"، وحملات "تساهل ما بستاهل" و"لن أخدم جيشكم".
وقال رئيس "لجنة مناهضة الخدمة العسكرية والمدنية"، محمد كنعان، لـ"العربي الجديد"، إنه "على الرغم من أن اجتماع اليوم كان تحضيرياً لمؤتمر أكبر منه، إلا أن المشاركة فيه كانت واسعة ومن مختلف شرائح ومؤسسات مجتمعنا في الداخل على اختلاف توجهاتنا السياسية والفكرية بالإضافة الى شخصيات اعتبارية، وهذا فيه صفعة للمؤسسة الإسرائيلية التي تراهن على تفتيتنا".
وشدد على أن "على كل واحد في الداخل الفلسطيني أن يأخذ دوراً من أجل إفشال مخططات المؤسسة الإسرائيلية، لأنه من المهم وضع تصور لخطوات عملية موحّدة تفيد نضالنا، فنحن نحارب من أجل مستقبل أبنائنا وشبابنا، وردّنا على المخططات الإسرائيلية لا بد أن يكون مدوّياً وقاطعاً".
من جهته، اعتبر النائب في الكنيست، باسل غطاس، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "التصعيد مطلوب والغضب العربي قادم". وتوقف غطاس عند أهمية اجتماع اليوم، في "التحشيد والتعبئة من أجل إنجاح المؤتمر الوطني العام ضد التجنيد بعد نحو أسبوعين". ولفت إلى أن هدف المؤتمر العام سيكون إرسال رسالة واضحة إلى المؤسسة الإسرائيلية بأن "شعبنا جاهز لإفشال المخطط".
أما المطران عطا الله حنا، فقال: "لن نقبل بتجنيد أبنائنا في جيش يرفع السلاح بوجه الشعب العربي الفلسطيني. فقضية فلسطين هي قضيتنا، ومعاناة أبناء شعبنا هي معاناتنا. أتينا جميعاً الى هذا المكان مسيحيين ومسلمين ودروز، تأكيداً على رفضنا لمشروع الفتنة المتمثل بتجنيد الشباب المسيحيين، والذي يراد من خلاله تفكيك شعبنا الفلسطيني الى طوائف متناحرة ومختلفة (في ما) بينها".
وفي إشارة منه إلى الأب نداف، قال حنا: إنه "هذا الذي يدعو الى التجنيد بصفته رجل دين، فإني أقول إن هذا ليس برجل دين وليس بمسيحي وليس بأرثوذكسي. هو ومَن معه لا يمثلون الكنيسة المسيحية وقيمها ومبادئها وإنما يمثل المشروع الصهيوني العنصري الذي هو فيه موظف صغير، يروّج لهذه الفتن والمشاريع المرفوضة".
في السياق، أكد مدير جمعية "الشباب العرب ـ بلدنا"، نديم ناشف، في حديثه لـ"العربي الجديد"، على دور الشباب في مقاومة التجنيد وحتى في المؤتمر العام المقبل. وأضاف: "المؤتمر العام ضد التجنيد سيشمل مختلف الأجيال، وسيكون هناك تركيز خاص على الحضور الشبابي، وسيشمل الكثير من الحوارات الشبابية وورشات العمل، بحيث يبرز دور الشباب، ولكي يأخذوا دورهم، لأنهم يجب أن يكونوا اللاعب المركزي في النضال وأصحاب التأثير الأقوى".