والتزمت الخارجية الفرنسية عدم التعليق حول هذا التأجيل وأسبابه، مكتفية بترديد ما قاله هولاند بهذا الصدد.
وكانت مصادر في الخارجية تحدثت الأسبوع الماضي، عن احتمال تأجيل المؤتمر الدولي، الذي كان سيعرف مشاركة 20 دولة، بعد لقاء بين وزير الخارجية جون مارك آيرولت، ونظيره الأميركي جون كيري يباريس في 9 مايو/أيار الماضي.
وتطرق الجانبان خلال لقائها السابق، للمبادرة الفرنسية لإحياء السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وحسب المصادر نفسها، فقد كانت "أجواء اللقاء إيجابية"، إذ عبّر كيري عن استعداد بلاده للمشاركة في المؤتمر الدولي، غير أنه أبلغ آيرولت بأن تاريخ 30 مايو "لا يناسبه، بسبب ضغط في الأجندة".
وحسب بعض المراقبين، فإن حديث كيري عن احتمال المشاركة الأميركية في المؤتمر الدولي بباريس، جعل إسرائيل تغيّر من لهجتها وتنتقل من التحفظ على المبادرة الفرنسية إلى الرفض الواضح والقوي لها جملة وتفصيلاً، لكون المشاركة الأميركية ستعطي وزناً أكبر للمؤتمر، الذي كانت إسرائيل تستخف بفكرة انعقاده في غيابها وغياب الفلسطينيين.
وعشية زيارة آيرولت لإسرائيل والأراضي الفلسطينية، الأحد الماضي، أكد المدير العام لوزارة الخارجية الفرنسية دوري غولد، في تصريح لصحيفة "جيروزاليم بوست"، يوم الجمعة الماضي، أن "إسرائيل تعارض المبادرة الفرنسية، لأنها تعتقد أن الطريقة الوحيدة للتوصل إلى حل تفاوضي للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني يمر عبر المفاوضات المباشرة".
وأبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد الماضي، الوزير الفرنسي في القدس رفضه للمبادرة الفرنسية. ومباشرة بعد هذا اللقاء، صعّد من لهجته إزاء فرنسا وشكك في حيادها في مستهل الاجتماع الحكومي الأسبوعي، بينما كان آيرولت يعقد لقاء في رام الله مع الرئيس محمود عباس.
وقال ناتنياهو إن "القرار الفاضح الذي تم اعتماده في اليونيسكو، بدعم من فرنسا، والذي لا يعترف بعلاقة الشعب اليهودي بجبل الهيكل، يلقي بظلاله على حياد فرنسا في المؤتمر الذي تحاول عقده"، على حد قوله.
ورغم محاولات الاعتذار الفرنسية المتكررة لإسرائيل، من طرف الرئيس هولاند، ورئيس الوزراء مانويل فالس، ووزير الحارجية آيرولت، بخصوص ما سمته باريس "بالصياغات المؤسفة التي جاءت في غير محلها"، لقرار أصدرته منظمة اليونيسكو أخيراً، يشير إلى فلسطين المحتلة، من دون أن يستخدم تسمية "جبل الهيكل"، التي يطلقها اليهود على باحة المسجد الأقصى. وقد أصرت إسرائيل على غضبها إزاء التصويت الفرنسي على هذا القرار، واعتبرته تعبيراً عن دعم فرنسي للفلسطينيين يعكس عدم حياد باريس.
وبدا واضحاً بالنسبة لمتتبعي الشأن الدبلوماسي في باريس، أن فشل زيارة آيرولت إلى إسرائيل وتشكيك ناتنياهو بالحياد الفرنسي، يهدد انعقاد المؤتمر الدولي في 30 مايو كما كان مقرراً.
كما أن تذرُّع كيري بضغط في الأجندة لتبرير استحالة مشاركته في المؤتمر في تاريخه المعلن، يعكس، حسب البعض، عدم اقتناع الإدارة الأميركية المنتهية ولايتها بجدوى هذا المؤتمر في ظل الرفض الإسرائيلي القاطع لانعقاده، وفي سياق تركز فيه واشنطن كل جهودها الدبلوماسية على المفاوضات بشأن الأزمة السورية.