مأساة سوريّة في العراق

09 سبتمبر 2016
المساعدات قليلة (مات كاردي/ Getty)
+ الخط -

وصلت عائلات سوريّة لاجئة إلى العراق في منتصف العام 2012، إثر رضوخ رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، للضغوط الشعبية، وإدخال اللاجئين السوريّين العالقين على الحدود. وكان عشرات الآلاف قد علقوا على الحدود أياماً عدة، ما أدى إلى وفاة بعضهم.

منذ ذلك التاريخ، يعدّ اللاجئون السوريّون منسيّين في العراق، ويقدّر عددهم بعشرات الآلاف. كثيراً ما تجدهم عند تقاطعات الطرقات أو في المناطق الشعبيّة، حيث يبيعون المناديل أو العلكة أو يتسوّلون. يعيش بعضهم في مبانٍ مهجورة، في ظلّ إهمال الأمم المتّحدة وتجاهلهم من الحكومة العراقية.

وفي ظلّ وجود نحو 5 ملايين نازح عراقي في البلاد، تعدّ هذه الشريحة منسية، وإن كانت معاناتها كبيرة، من دون أن تصل أصواتها إلى آذان المسؤولين عن الملف الإنساني في العراق، أو الأمم المتحدة، أو وزارة الهجرة والمهجرين العراقية.

وبعد دخول تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" إلى الأنبار، اضطرت بعض العائلات السورية التي مكثت فيها إلى الفرار. اختار قسمٌ العودة إلى سورية، فيما انتقل آخرون إلى بغداد ومدن جنوبية مختلفة لتبدأ معاناة جديدة، على عكس المقيمين في إقليم كردستان، والذين يقدّر عددهم بنحو 200 ألف سوري، ويحصلون على مساعدات من منظمات خليجية وأممية.

تجدر الإشارة إلى أن العديد منهم وقعوا ضحيّة عمليّات الخطف والقتل والابتزاز على أيدي المليشيات والعصابات المسلحة، في وقت يُستغلّ الأطفال والنساء في أعمال مختلفة، بعضها غير شرعي. هؤلاء يعانون الجوع والمرض ويعيشون في الخيام عند أطراف بغداد.




وكان تقرير للأمم المتحدة صدر في العام 2013 قد كشف عن وجود نحو 28 ألف شاب سوري، تتراوح أعمارهم ما بين 15 و24 عاماً، يتواجدون في إقليم كردستان ويعيشون أوضاعاً صعبة، وبالكاد يحصلون على مساعدات. وتوقفت هذه التقارير عن الصدور مطلع العام 2014، مع بدء المعارك بين القوات العراقية و"داعش". وشهدت البلاد موجات نزوح كبيرة في المدن العراقية الساخنة لتختفي بعدها ملامح المأساة السورية في العراق. ويمكن للمارّ فقط رؤية أطفال سوريين يحاولون الحصول على لقمة عيش.

يقول رئيس منظمة نداء الإنسانية مضر الحسني، إن "أوضاع اللاجئين السوريّين الإنسانية صعبة جداً"، لافتاً إلى أنهم ينتشرون في عدد من المدن العراقية مثل بغداد وضواحيها وبعض مدن الجنوب. إلا أن النسبة الأكبر موجودة في إقليم كردستان (شمال العراق). يضيف لـ "العربي الجديد" أن "غالبيّتهم لا يعملون وغير قادرين على إطعام أسرهم وأطفالهم. كذلك، حرم أطفالهم من التعليم واضطروا إلى العمل لكسب لقمة العيش". ويلفت إلى أن 95 في المائة منهم لا يجدون عملاً. ويشير الحسني إلى أن اللاجئين السوريّين منسيّون في العراق، موضحاً أن وسائل الإعلام توقفت عن نقل معاناتهم، منذ العام 2014، حتى أصبحوا في طي النسيان ولم يعد أحد يعرف عنهم شيئاً. يضيف أن "حال السوريين في العراق صعب جداً، ولا بد من تدخّل أممي لإغاثتهم"، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن "المنظمات الإنسانية غير قادرة على دعمهم بسبب قلة التمويل".

في هذا الإطار، يقول بارق الديري (39 عاماً) إنه في منتصف العام 2012، توجّه وأسرته إلى الحدود العراقية، وتحديداً الأنبار. في وقت لاحق، انتقل إلى ضواحي بغداد من دون أن يحالفه الحظ في العثور على عمل، ما اضطره وأطفاله إلى بيع المناديل الورقية. يقول لـ "العربي الجديد": "نعيش مأساة حقيقية، ولا نملك المال للذهاب إلى أي مكان آخر. كذلك، لا نحصل على أية مساعدات إنسانية. ونعاني من صعوبة في التنقل بسبب الإجراءات الأمنية المشدّدة وسيطرة المليشيات التي تستهدفنا من حين إلى آخر".

لاجئون في كردستان

أعلنت الأمم المتحدة في بيان، مطلع العام 2013، أن عدد اللاجئين السوريين في الأراضي العراقية وصل إلى نحو 120 ألفاً، وقد توجّه معظمهم إلى إقليم كردستان (شمال البلاد). إلّا أنّ هذا الرقم تضاعف في وقت لاحق، وبلغ العدد نحو 210 آلاف نازح سوريّ يقطن غالبيتهم في كردستان، فيما يعيش نحو 30 ألفاً منهم في بغداد ومدن أخرى وسط ظروف صعبة.

المساهمون