لينا شماميان: انتقاء الفاجعة

27 اغسطس 2019
تفاجأت بأنّها تحتاج إلى فيزا لدخول تونس (الأناضول)
+ الخط -
تعرضت الفنانة السورية لينا شماميان لكثير من الانتقادات في الأيام الأخيرة، وذلك بسبب إقامتها حفلاً غنائياً في مدينة بريمن الألمانية، يوم 21 أغسطس/آب؛ وهو يوم بات له خصوصية لدى السوريين، لكونه اليوم الذي يمثل ذكرى ارتكاب الأسد جريمة الكيميائي ضد شعبه. هاجم بعض السوريين شماميان لكونها "لم تحترم" ضحايا المجزرة الكيميائية، فانهالوا عليها بالتعليقات والمنشورات التي تضمنت بعض السباب، بالإضافة إلى التعبير عن الامتعاض من تصرف شماميان.
من جهةٍ أخرى، هناك من تصدى للحملة غير المنظمة ضد شماميان، ودافعوا عن تصرفها، على اعتبار أن الفنانة السورية قد تكون لم تقصد الإساءة لضحايا المجزرة الكيميائية، وإنما قد اختارت موعد الحفل بهذا التاريخ صدفةً.
في المقابل، فإن شماميان التزمت الصمت حيال الأمر، وتجاهلت الموضوع وكأنها غير معنية بما يحدث في سورية على الإطلاق، وبدلاً من ذلك فإنها انتقدت طريقة المعلقين والطريقة التي يتداولون اسمها فيها عندما قامت بالمشاركة بالحملة المتعلقة بإنقاذ غابات الأمازون.
لا يمكن تسخيف الكارثة التي تحدث في غابات الأمازون، ومن الطبيعي أن يتعاطف الناس حول العالم مع الحيوانات التي تعاني بالغابات المحترقة وتسعى للمساهمة في إنقاذها، ولا سيما بعد أن انتشرت الصور التي توثق معاناتها واحتراق البعض منها في الغابات؛ ولكن بالنسبة لشماميان، يبدو أنها استثمرت القضية العالمية لتظهر مدى إنسانيتها عندما احتدم الهجوم ضدها، ويبدو ذلك واضحاً في المنشور الذي شاركته عن الحملة والذي اعتبرت فيه العمل الإنساني أفضل من السباب.
إضافة إلى ذلك، فإنه من غير المنطقي أن تتفاعل شماميان بهذا الشكل الإنساني مع القضايا العالمية وأن تكون غير مبالية بالقضايا المتعلقة ببلدها، خصوصاً أن حفلتها قد أقيمت باليوم الذي كانت تتعرض فيه مدينة خان شيخون للإبادة على يد الأسد وحلفائه، وامتلأت صفحات السوريين على فيسبوك بصور الضحايا والدمار بجانب الصور التي توثق جريمة الكيميائي الأولى.
فعلياً، إن الطريقة التي تتعامل بها شماميان مع كل ما يتعلق بقضايا السوريين تبدو مستفزة في الكثير من الأحيان، فمن غير المنطقي أن تطالب السوريين بأن يكونوا أوعى من التعليق على المجازر التي تحدث ببلدهم، وأن تطلب منهم الترفع عن ذلك، والاهتمام بحرائق غابات الأمازون.
كذلك، تبدو طريقة تعاطي شماميان مع قضايا السوريين عندما تتطرق لها بأغانيها غير منطقية. أوضح مثال على ذلك؛ هو أغنية "يا خي أنا سورية" التي أطلقتها بداية العام، حيث أنها تتطرق بالأغنية للتضييق الذي يعاني منه السوريون بالحركة والسفر، وفرض معظم الدول العربية فيزا وشروطا صعبة على السوريين الراغبين بالدخول إلى أراضيها.
وقد ذكرت شماميان أن الأغنية مستمدة من قصة حقيقية (True story)، تتعلق برحلة قامت بها لتونس وفوجئت بأنها تحتاج لفيزا للدخول! فبدت قضية شماميان التي تتناولها في الأغنية غريبة نوعاً ما لكونها لم تكتشف خلال ثماني سنوات أن الدول تفرض شروطاً معقدة تعيق حركة السوريين.

وأنها لم تجد بالطرق غير الشرعية التي يلجأ لها السوريون للنجاة أمراً يستحق الاهتمام؛ فهي لم تتعامل مع حرية حركة السوريين كقضية إلا بعد أن واجهت الأمر بنفسها! وهو الأمر الذي قد يوحي بأن شماميان لن تتعاطى مع المجازر التي تحدث في سورية على أنها قضية إلا إذا تعرضت لها بشكل شخصي، لتصبح بعد ذلك مستمدة من قصة حقيقية، وتصبح معنية بها، كقضية الفيزا إلى تونس وغابات الأمازون!
دلالات
المساهمون