قرار الاتحاد الأوروبي في تأجيل بطولة يورو 2020 إلى صيف 2021، فتح الباب أمام احتمال كبير لاستئناف مباريات الدوريات الأوروبية حتى ولو تأخر ذلك إلى غاية نهاية شهر إبريل/نيسان، لتنتهي في منتصف يوليو/تموز حسب التقديرات الأولية، على أن يتم تأجيل انطلاقة بطولات الموسم المقبل إلى منتصف شهر سبتمبر.
هذا الأمر جاء في بيان الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم بعد اجتماعه مع ممثلي الأندية واضطراره إلى تعديل لوائح المسابقة التي كانت تنص على إنهاء الدوري في الفاتح من يونيو/حزيران كأقصى حد، لكن الأندية قررت إلغاء هذا البند واستئناف البطولة وقت ما تحين الظروف لتنتهي في أي وقت دون تحديد موعد أقصى لذلك، في سابقة أولى من نوعها، تماشيا مع الظروف الاستثنائية التي فرضها فيروس كورونا المتفشي بشكل كبير في أوروبا.
يأتي كلّ هذا ليؤكد إصرار الإنكليز على استكمال مباريات الدوري للموسم الجاري، وتفنيد الشائعات التي تحدثت عن إعلان ليفربول بطلاً للموسم في حال إلغاء الدوري، خاصة أن اللوائح المنظمة للبطولة لا تنصّ على ذلك، ولا تنصّ حتى على تغيير نمط المسابقة باستحداث دورة رباعية نهائية لإعلان البطل لأن في ذلك ظلما لأشبال يورغن كلوب، الذين يحتلون الريادة بفارق 25 نقطة عن الملاحق الأول.
كما لا يمكن تنظيم بطولة مصغرة بنفس الحظوظ لتعيين البطل حتى ولو جرت أطوارها في أنفيلد، عكس مسابقتي دوري الأبطال والدوري الأوروبي التي يمكن استكمالها في شكل بطولة مصغرة بمشاركة الثمانية فرق المتأهلة إلى ربع النهائي، لكن بعد استكمال مباريات ثمن النهائي المتبقية.
أغلب الظن أن توقيف الدوري الإنكليزي كلياً سيؤدي إلى إلغاء مسابقة هذا الموسم وحرمان ليفربول من لقب رسمي انتظره ثلاثة عقود، حتى ولو كان بطلاً حقيقياً من الناحية المعنوية والفنية، وأكثر فريق في أوروبا يستحق التتويج باللقب نظراً لمشواره الفريد من نوعه، ليستمر النحس الذي يلاحقه تحت مسمى "كورونا" هذه المرة، ويضيع على الريدز لقبا مستحقا في موسم استثنائي قد لا يتكرر خاصة أن معنويات الفريق تأثرت بخروجه من ثمن نهائي دوري الأبطال وثمن نهائي كأس الاتحاد الإنكليزي، بعد وداعه كأس الرابطة في وقت سابق، وستتأثر أكثر بإلغاء دوري هذا الموسم.
نفس الحال سينطبق على نواد ودوريات أخرى لا تنص لوائحها على إعلان المتصدر بطلاً قبل انتهاء الموسم مهما كانت الأسباب والظروف، على أن يتم أخذ الترتيب المؤقت في الحسبان عند تحديد النوادي التي تشارك في دوري الأبطال والدوري الأوروبي الموسم المقبل، لتبقى معضلة تحديد النازلين والصاعدين كبيرة الا إذا تقررت زيادة عدد فرق الدرجة الأولى لأن الغاء الصعود سيكون ضربة قوية للفرق التي تألقت وأنفقت من أجل ذلك.
لوائح الاتحادات المحلية الأوروبية تختلف من بلد لآخر، وكلّ اتحاد يملك استقلالية القرار الذي سيكون صعباً ومكلفاً، لكن الكل ملتزم باتباع نصائح الحكومات ومنظمة الصحة العالمية، والعمل المشترك لإبقاء الوضع قيد المراجعة، واستكشاف جميع الخيارات المتاحة لاستئناف الموسم عندما تسمح الظروف بذلك.
صحيح أن إكمال الموسم صار أولوية في إنكلترا لكن الصحة العامة هي أولوية الأولويات في العالم بأسره، ليبقى سابقا لأوانه الحديث عن الإجراءات والقرارات المرتقبة خاصة أن الكلّ يتوجه نحو التأجيل إلى غاية الثلاثين من شهر إبريل القادم وهي مدة قد تكون كافية للقضاء على الفيروس، إذا التزم الناس بإجراءات الوقاية المعلن عنها في كلّ الدول، لكن الأمر سيكون بحاجة إلى برنامج تأهيلي جديد للاعبين من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، إذا تجاوزت فترة توقف التدريبات شهراً كاملاً، أما الأصعب فهو إلغاء مسابقة الدوري الإنكليزي لهذا الموسم وإلغاء تتويج ليفربول الذي يحتاج إلى ست نقاط فقط للفوز باللقب رسمياً، بعدما انتظر 30 عاماً.
في مثل هذه الحالة يصح القول: "مصائب قوم عند قوم فوائد"، لكن مصيبة فيروس كورونا تجعل من مصيبة ليفربول سهلة، لأنها تحمل في طياتها مصائب لكلّ القوم دون استثناء إلا إذا التزمنا بإجراءات الوقاية المفروضة على كلّ البشر في كلّ بقاع الدنيا.