يربط مراقبون للشأن الليبي بين محاولة اغتيال قائد "لواء القعقاع"، عثمان مليقطة، بإطلاق الرصاص عليه، مساء أمس الخميس، وسقوط طائرة إسعاف ليبية، اليوم الجمعة، كانت متّجهة الى تونس، وعلى متنها وكيل وزارة رعاية الشهداء، المنضوي في صفوف تنظيم قريب من "القاعدة"، مفتاح الذوادي الذي لقي حتفه. وتشكل الحادثتان منعطفاً ربما يمهّد لتغيير نوعي في طريقة التعامل المقبلة بين الأطراف الليبية المتنازعة. يأتي هذا على خلفية مفاوضات سرية تجري بين تلك الأطراف، بعد تفاقم الوضع الأمني والسياسي في البلد، والذي وصل إلى حد تهديد أعضاء "المؤتمر الوطني" (البرلمان) بالاعتقال، من قبل "لواء القعقاع".
يقود مليقطة "لواء القعقاع" التابع للزنتان، ويتردد أنه الجناح المسلح لزعيم "تحالف القوى الوطنية"، محمود جبريل. و"القعقاع" هو صاحب التهديد باعتقال أعضاء "المؤتمر الوطني"، يوم الثلاثاء الماضي، في حال عدم تسليم السلطة خلال خمس ساعات. وكانت المهلة قد انتهت حين أُعلن بدء عملية التفاوض بين الأطراف المتنازعة، وهي "كتلة الوفاء"، التي تريد إقصاء جميع من كانوا فاعلين في المشهد السياسي قبل ثورة 17 فبراير/ شباط من جهة، و"تحالف القوى الوطنية" من جهة أخرى. ويتردد أن "غرفة ثوّار ليبيا"، هي الجناح المسلح لـ"كتلة الوفاء" ذات الميل الإسلامي بأطيافه المختلفة. تمت المفاوضات السرية بين الطرفين برعاية رئيس الحكومة، علي زيدان، ورئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، الوزير اللبناني الأسبق، طارق متري.
وأشارت مصادر إلى أن المفاوضات بين الأطراف السياسية حول الأزمة قد تمخضت عن موافقة "كتلة الوفاء" على اجراء انتخابات برلمانية عاجلة، غير أنّهم رفضوا اجراء انتخابات رئاسيّة، وطرحت الكتلة اختيار رئيس للدولة عن طريق البرلمان، الأمر الذي يعني أنّه سيكون رئيساً بلا صلاحيات فاعلة، بحسب المصادر.
في المقابل، شاعت أنباء عن قبول "كتلة الوفاء لدم الشهداء"، بانتخابات رئاسية في حال تعهُّد جبريل بعدم الترشح لمنصب رئيس الدولة، وربما وصلت المفاوضات لطريق مسدود، الأمر الذي دفع بالطرفين إلى اتباع سياسة التصفيات بديلاً عن المواجهات المسلحة المفتوحة التي سيخسر الجميع فيها، لاسيّما أن القوى الدولية عموماً، والاتحاد الأوروبي خصوصاً، لن تسمح بذلك، خشية على مصالحها، خصوصاً النفطية.
خريطة الميليشيات الليبية
ثمّة قوتان عسكريتان تتصدران المشهد الليبي: الأولى خارجة عن مؤسسة الجيش، وهي "لواء القعقاع"، و"كتيبة الصواعق"، وهما تابعتان لمدينة الزنتان، الواقعة 200 كيلومتر جنوب طرابلس، وهي قوة عسكرية شرعنها المجلس "المجلس الانتقالي"، خلال الثورة، وكلفها بحراسة الحدود، وهي تعمل بغطاء من رئاسة الأركان. هذه القوة قريبة من تحالف "القوى الوطنية"، تقابلها قوة أخرى، خارج مؤسسة الجيش أيضاً، تضم عشر فرق سُميت "الدروع"، موزعة في مناطق ليبيا، انضوت أيضاً تحت رئاسة الأركان بقرار من "المجلس الانتقالي". وهذه القوة تقترب فكريّاً من التيار الإسلامي، وتُعّدّ الذراع العسكرية لعموم أطيافه المتّحدة ضد "تحالف القوى الوطنية". وتدير هذه القوة ما يطلق عليه "غرفة ثوار ليبيا"، التي تضم قيادات سابقة في تنظيم "القاعدة"، و"الجماعة الإسلامية المقاتلة"، وتحركها سياسياً "كتلة الوفاء لدم الشهداء" في "المؤتمر الوطني" (البرلمان).