ليبيا: فرنسا تفاوض حفتر لنشر قواعد عسكرية تحمي "توتال"

26 يونيو 2016
احتمال نشر قوات فرنسية بشرق وجنوب ليبيا(دومينيك فاجيه/فرانس برس)
+ الخط -
يكشف مصدر عسكري مقرب من البرلمان الليبي المطعون بشرعيته، والذي يتخذ من مدينة طبرق مقراً له، وجود اتصالات فرنسية حثيثة مع قائد "عملية الكرامة" اللواء خليفة حفتر عبر قناة مصرية ــ أردنية ــ إماراتية، للاتفاق على وجود عسكري فرنسي في شرق ليبيا وجنوبها. وجود الهدف الرئيسي منه حماية مصالح شركة "توتال" النفطية، في مقابل قوات عسكرية بريطانية وإيطالية وإسبانية تسعى لتكثيف وجودها في ليبيا أيضاً لحماية آبار نفطية لشركات تتبع لهذه الدول.

ويقول المصدر إن لجنة الدفاع في برلمان طبرق، عبر رئيسها طارق الجروشي، نجل قائد سلاح الجو التابع لجيش حفتر، صقر الجروشي، كانت طيلة الأشهر الماضية جزءاً من تنسيق فرنسي مع قوات حفتر لمناقشة إمكانية وجود قوات خاصة فرنسية في شرق البلاد وجنوبها.
 

ويضيف المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه لــ"العربي الجديد"، أن ما كشفت عنه وسائل إعلام دولية أخيراً عن وجود قوات فرنسية غير دقيق، فالتواجد الفرنسي الحالي في قاعدة بنينا في بنغازي لا يتعدى وجود ستة خبراء فرنسيين يعملون مع ضباط ليبيين في المجال الاستخباراتي، وتتمثل مهمتهم بدراسة إمكانية نشر قوات خاصة فرنسية لتعزيز بقاء حفتر على رأس المؤسسة العسكرية.

ويكشف المصدر أن "التواصل الفرنسي حدث بوساطة أردنية - مصرية وأن عمليات التفاوض التي جرت في القاهرة كانت بمشاركة رئيس هيئة التدريب بالقوات المسلحة، اللواء أحمد وصفي، والضابط الأردني، نصر العزاوي، ومدير إدارة التدريب بالجيش الليبي، هاشم الكزة". ويتابع أن "لقاءات ضباط أجانب من بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية مع قيادة حفتر لم تتوقف لكن التواصل الفرنسي توج في التاسع من الشهر الجاري بإنشاء غرفة ليبية، مكونة من سالم العبدلي وهاشم الكزة من جانب قوات حفتر، بدأت بمباحثات فعلية مع الخبراء الستة الفرنسيين المتواجدين بـ بنينا".

في هذا السياق، يؤكد المصدر نفسه أن الفريق الليبي الفرنسي زار خلال المدة الماضية قاعدة "جمال عبد الناصر" في طبرق وسيزور خلال أيام قاعدة براك جنوب ليبيا، والتي تقع في قبضة قوات يترأسها محمد بن نائل، أحد قادة القوات الشعبية زمن معمر القذافي، في مسعى فرنسي للتواجد في الجنوب الليبي، لافتاً إلى رغبة فرنسية قوية للتواجد في الجنوب من خلال بدء تواصلها مع مليشيات مسيطرة على مواقع عسكرية هناك اعتباراً من شهر سبتمبر/أيلول الماضي، بعد الإعلان عن تأسيس قلعة "ماداما" الفرنسية شمال النيجر.

وعما أوردته مصادر إعلامية حول وجود تجهيزات عسكرية وطائرات استطلاع تابعة لغرفة فرنسية بقاعدة بنينا، يقول المصدر: "بالنسبة لنا المعلومات ليست جديدة فهذه الأجهزة المتقدمة موجودة منذ فترة طويلة في بنينا ومثلها في طبرق وطائرات استطلاع أميركية وبريطانية وفرنسية لم تكفّ منذ أكثر من سنة عن الطيران في سماء ليبيا وليس بنغازي فقط"، مشيراً إلى أن الانشقاقات المتوالية في صفوف الضباط الموالين لحفتر، ساهم أكثر من مرة بتأخير إمكانية الاستفادة من هذه التجهيزات والوسائل العسكرية. في هذا الصدد، يوضح المصدر أن فرنسا قدمت خبراتها لقوات حفتر في أوقات سابقة لإنجاز انتصارات عسكرية في بنغازي، ولكن عدم وحدة قيادة القوات الموالية لحفتر دفع الجانب الفرنسي إلى الاستعانة بضباط مصريين وأردنيين وإماراتيين خلال المشاورات الأخيرة لضمان نجاحها واستمرارها.


ويؤكد المصدر أيضاً أن "اتجاه فرنسا للتعاون مع حفتر جاء بعد فشلها في التنسيق مع رئيس جهاز حرس المنشآت النفطية، إبراهيم الجضران"، مشيراً إلى أن فرنسا أقنعت حفتر، مطلع الشهر الماضي، بالتقدم إلى حوض زلة ومرادة حيث تتواجد حقول نفطية تابعة لشركة "توتال" الفرنسية التي فشل الجضران في تأمينها في السابق. ويستطرد قائلاً: "الاتصالات والمشاورات حثيثة وفرنسا تدفعها مصالحها للتواجد بشكل أكبر في المستقبل إلى جانب حفتر، لكن شكل هذا التواجد لم تكشف عنه حتى الآن".

ويعتبر المصدر أن ما يدور في وسط ليبيا لا يعدو كونه صراعاً دولياً، إذ تدعم بريطانيا قوات موالية للمجلس الرئاسي للسيطرة على سرت، والتي حصلت فيها على عقود بالمليارات في عام 2010 لصالح شركة "بريتيش بتروليوم" النفطية البريطانية للتنقيب في حوض سرت عن النفط والغاز، فيما تدرس فرنسا إمكانية دعم حفتر لدوافع تتمثل بحماية مصالح شركة "توتال".

في هذا الصدد، يقول المصدر إن "المصالح النفطية في ليبيا هي التي تحدد حالة الصراع في البلاد. فإيطاليا وبريطانيا وإسبانيا وراء الدعم الكبير لقوات المجلس الرئاسي الليبي، والتي ستؤمن مصالح إيني الإيطالية وبريتيش بتروليوم البريطانية وربيسول الإسبانية. وبدا واضحاً وجود مصالح مشتركة بين برلمان طبرق وحفتر من جهة وفرنسا من جهة أخرى، والتي تمتلك مصالح نفطية كبيرة في جنوب وشرق البلاد". ويتساءل المصدر عن الموقف الأميركي الذي لا يزال غامضاً حتى اللحظة مما يجري في البلاد.

يشار إلى أن عدداً ليس بالقليل من الشركات الأجنبية فازت بعقود ضخمة للتنقيب عن النفط والغاز في أحواض ليبيا الغنية. فإضافة إلى اللاعبين السابقين في ليبيا، مثل "إيني" الإيطالية، و"توتال" الفرنسية، و"ريبسول" الإسبانية، دخلت على الساحة شركات جديدة من أبرزها "بريتيش بتروليوم" و"أو إم في" النمساوية و"مارثوان" الأميركية.

وكانت إيطاليا التي تدير "إيني" في "زوارة" غرب ليبيا، أهم مواقع الغاز في البلاد، قد عبرت عن قلقها من أن تفوز "توتال" الفرنسية بمعاملة تفضيلية من حكومة برلمان طبرق، باعتبار أن فرنسا المتواجدة شركتها في ليبيا منذ عام 1956، تدير أهم مواقع النفط في وسط وشرق البلاد لا سيما حقل المبروك والشرارة ومواقع أخرى في الجرف البحري الليبي. ودعت إيطاليا أخيراً للحد من أنشطة "بريتيش بتروليوم" البريطانية، والتي تنقب في حوض سرت، داعيةً لإشراك الاتحاد المتوسطي للنفط بزعم ضمان عدم وقوع كارثة بيئية في المنطقة.
المساهمون