ومساء أمس، كسر المجلس الرئاسي الليبي، الصمت السائد، وأعلن في بيان نشر على الصفحة الرئيسية للمجلس على موقع "فايسبوك"، عن "بدء انتقاله إلى طرابلس لمباشرة مهامه".
وجاء في البيان أن "المجلس الرئاسي، وهو يدرك المسؤوليات التي أوكلت إليه وفق بنود الاتفاق السياسي والدعم الواسع الذي يحظى به في جل أنحاء البلاد، يعلن للرأي العام الليبي والدولي بأن الترتيبات الأمنية لمباشرة حكومة الوفاق الوطني عملها من طرابلس قد استكملت، وبدأ المجلس الرئاسي الانتقال إلى طرابلس لمباشرة أعماله".
وهاجم البيان نفسه، رئيس حكومة طرابلس، خالد الغويل، متهماً إياه بوضع الحواجز لمنع مباشرة حكومة الوفاق الوطني مهامها، في إشارة إلى رفض حكومة الغويل مجيء السراج وفريقه إلى العاصمة.
كما دعا بيان المجلس الذي يرأسه السراج، المدعوم من عدد كبير من القوى الغربية والإقليمية المعنية بالملف الليبي، من سماهم "أبناء الشعب الليبي" والمجتمع الدولي إلى "رفض سلوكيات هذه المجموعة المعرقلة وتجنيب طرابلس شبح الاقتتال والدماء".
وكان من المفترض أن يصل المبعوث الأممي مارتن كوبلر إلى طرابلس، اليوم الاثنين، للقاء الغويل، في إطار الجهود الدولية الرامية إلى تنصيب حكومة السراج التي تلاقي رفضاً واسع النطاق من حكومتي طرابلس وطبرق على السواء.
من جهته، يُلخّص وزير خارجية مالطا جورج فيلا هذا التخوف، ويقول في حديثٍ لصحيفة محلية: "أنا متخوّف من تفاقم الفوضى، إذا ما حاولت حكومة الوفاق دخول طرابلس بالقوة". ويضيف: "أتمنى أن أكون مخطئاً، وأن يتنحّى (رئيس حكومة طرابلس) خليفة الغويل، مدركاً أنه لا يتمتع بالسلطة أو الدعم بطرابلس".
ويتابع فيلا أن "دخول حكومة الوفاق إلى طرابلس بالقوة يهدد باندلاع اشتباكات عنيفة بين التشكيلات المسلحة، في ما يشبه إشعال عود ثقاب". وينوّه فيلا إلى أن "العقوبات التي يبحثها الاتحاد الأوروبي ضد معرقلي العملية السياسية في ليبيا، لن تكون فعالة دون تدخل من جانب الأمم المتحدة". ويتزايد هذا الغموض مع غياب أي معلومات عن إلغاء كوبلر لزيارته إلى طرابلس، ولقائه الغويل، إذ كان من المفترض أن يلتقيا، أمس الإثنين، بعدما مُنعت طائرته من الهبوط الأسبوع الماضي.
اقرأ أيضاً العربي: مستعدون للذهاب إلى طرابلس لدعم حكومة الوفاق
وكانت حرب الشائعات قد اشتعلت في اليومين الماضيين حول السرّاج، وسربت بعض المواقع خبر إقلاع طائرته من مطار المنستير، وسط تونس في اتجاه طرابلس، ولكن فتحي بن عيسى المستشار الإعلامي للسرّاج، أكد على صفحته الرسمية أن المجلس لم يغادر مقر إقامته في تونس، نافياً اتجاهه إلى طرابلس أو أي مكان آخر. ووفقاً لمعلومات "العربي الجديد"، فإن السرّاج "أمضى يوم الأحد بكامله، في مدينة المنستير، بين مطارها وأحد فنادقها، منذ ساعات الفجر الأولى، وأن طائرته كانت ستقلع بالفعل في حدود الثالثة بعد الظهر بالتوقيت المحلي، لكن مجريات الأمور في طرابلس أجبرته على العدول عن ذلك".
وتلقت حكومة السرّاج دعماً عسكرياً مهماً من مدينة مصراته، التي تعتبر رقماً صعباً، غرب ليبيا، إذ عبّرت 62 كتيبة عسكرية في بيان رسمي، أمس، عقب اجتماع ضم قادتها، وعدداً من الشخصيات السياسية، وممثلي المجتمع المدني، إضافة إلى ممثل للمجلس البلدي، عن دعمهم لدخول السرّاج إلى طرابلس، وممارسة أعمالها من مقر الحكومة الرئيسي بالعاصمة.
وازاء هذا الصمت والترقب الدوليين، أعرب الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، عن استعداده لزيارة ليبيا اذا تمكنت الحكومة الجديدة من الوصول لطرابلس. وأضاف العربي، في تصريحات صحفية أمس الإثنين، أنه "مستعد لزيارة العاصمة الليبية طرابلس على رأس وفد من الجامعة العربية، فور وصول الحكومة الليبية الجديدة إلى العاصمة، تأكيداً على موقف الجامعة العربية الداعم لحكومة الوفاق الوطني". وأقرّ بـ"وجود مشاكل كثيرة جداً، تتعلق بإمكانية دخولهم طرابلس"، معرباً عن أمله في أن "يتمكنوا من الدخول في أقرب فرصة".
أما في طبرق، فقد فشل البرلمان للأسبوع الخامس على التوالي، في عقد جلسته لمناقشة تشكيلة الحكومة والتعديل الدستوري، بسبب عدم اكتمال النصاب. في غضون ذلك، اقترحت لجنة الوفاق الوطني "لجنة الـ21" (المنبثقة عن الحوار الليبي ـ الليبي) جسماً تشريعياً واحداً مكوّناً من غرفتين من "المؤتمر الوطني" (طرابلس) و"مجلس النواب" (طبرق)، إضافة إلى آلية لاختيار رئيس ونائبين. في هذا السياق، قال عضو "لجنة الـ 21" عبد الله الديباني لموقع محلي ليبي، إنه "في حال رفض المؤتمر ومجلس النواب المقترح، فإنه سيُنشئ جسماً تشريعياً مؤقتاً، إلى حين وضع مجلس دستور وإجراء انتخابات لاختيار أعضاء جسمين تشريعيين، هما مجلس النواب ومجلس الشيوخ، بحسب المدة المحددة سابقا من لجنة الوفاق".
اقرأ أيضاً: طرابلس الليبية... في انتظار المجهول