يحظى ملف الهجرة غير الشرعية باهتمام زائد لدى سلطات ليبيا في الآونة الأخيرة، فبعد زيارة رسمية قام بها رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج في الثالث من الشهر الجاري إلى النيجر لبحث مستجدات الملف، استقبل وزير خارجية حكومة الوفاق محمد سيالة في طرابلس بعدها بيومين مسؤولين من دولتي النيجر والكونغو، معلناً خلال مؤتمر صحافي جمعه بالمسؤولين عن مباحثات على مستوى عال حول سبل إعادة المهاجرين غير الشرعيين الموجودين بمراكز الإيواء الليبية إلى بلدانهم الأصلية.
الاهتمام الليبي المتزايد وازاه تقريرٌ دولي صدر عن منظمة الهجرة الدولية مطلع يناير/كانون الثاني الجاري كشف عن انخفاض كبير في عدد المهاجرين غير الشرعيين العابرين إلى أوروبا عبر البحر المتوسط وتحديداً من سواحل ليبيا.
وأشار التقرير إلى أن العام الماضي 2017 شهد انخفاضًا حادًّا بأعداد المهاجرين مقارنة بالسنوات الأخيرة حيث وصل التراجع إلى 40 في المائة مقارنة بعام 2016، إذ وصل إلى سواحل أوروبا 171.6 ألف مهاجر خلال عام 2017، مقابل 363.504 ألفاً عام 2016.
وأعلن خفر السواحل الإيطالي السبت الماضي عن انتشال جثث 8 مهاجرين وإنقاذ 84 آخرين كانوا على متن قارب مطاطي قبالة الشواطئ الليبية، تلاه صباح الأحد إعلان الجانب الليبي عن عملية إنقاذ تمكن خلالها خفر السواحل الليبي من إنقاذ 200 مهاجر قبالة ساحل منطقة القربولي شرق طرابلس.
وتشير الحادثتان إلى استمرار نشاط المهربين على السواحل الليبية. لكن المتحدث باسم القوات البحرية الليبية أيوب قاسم، أكد في تصريح صحافي أن هذا "النشاط بالقطع لن يكون كالسابق، فالقضاء على بؤر التهريب في صبراته وصرمان وهما أكبر نقطتي تهريب قلل من هذا النشاط بنسبة كبيرة"، لافتاً إلى أن نقاطاً أخرى ما تزال نشطة ومن أهمها القربولي.
وقال "هذه النقاط ليست نشطة كثيراً ويمكن متابعتها ورصدها، لكن القضاء النهائي عليها لن يتأتى إلا بخطط مشتركة بين القوات على الأرض وفي البحر وهو ما تعمل عليه حكومة الوفاق حالياً".
وأضاف "من أهم عوامل وقف نشاط المهاجرين هو عدم وجود قوارب للمنظمات الإنسانية التي تشكل مشجعاً كبيراً للمهاجرين حتى يعبروا البحر وصولاً إلى أوروبا، فهم في الحقيقة يقطعون المياه الإقليمية الليبية فيجدون من يستقبلهم بدعوة الظروف الإنسانية".
وشدد قاسم على ضرورة حلحلة مشاكل الحدود المشتركة في ليبيا جنوباً، قبل الحديث عن القضاء على المهاجرين.
وأكد قاسم أن فرق خفر السواحل الليبي تكثف جهودها لمراقبة النقاط القليلة المتبقية للمهربين على الساحل، مرجحاً انخفاض هذا النشاط أكثر من ذي قبل.
وإلى جانب جهود ليبيا في متابعة سواحلها للحد من نشاط المهربين، تعمل أجهزة أمنية أخرى على تكثيف جهودها بالتعاون مع دول جوار عربي وأفريقي لترحيل المهاجرين المقيمين في مراكز الإيواء الليبية.
وفي أول تصريح حول هذا الملف، كشف مدير إدارة فروع جهاز الهجرة غير الشرعية التابعة لحكومة الوفاق بطرابلس عبد السلام عليوان، أن أعداد المهاجرين غير الشرعيين في مراكز الإيواء الليبية بكل فروعها بلغت 700 ألف مهاجر.
وقال في تصريحات صحافية "إن جهود الجهاز تضاعفت بعد استجابة دول المصدر التي يقدم منها المهاجرون منذ منتصف اكتوبر الماضي"، لافتاً إلى ترحيل 20 ألف مهاجر بمساعدة منظمات دولية.
وأكد عليوان أن المستهدف ترحليهم خلال العام الجاري سيكون أضعاف هذا الرقم برعاية دولية، وبتنسيق مع دولهم، مشيراً إلى أن سلطات البلاد رصدت أعداداً كبيرة من المصابين بالأمراض والأوبئة مثل الجرب والملاريا والسل الرئوي وهو أمر يهدد الشعب الليبي.
وقال "رغم الإمكانيات المتدنية للجهاز وتقاعس منظمات دولية عن تقديم الدعم اللازم، إلا أننا نقوم بمهمة عزلهم ومعالجتهم إلى حين ترحيلهم"، مبيناً أن أكبر عدد من المهاجرين غير الشرعيين ممن تم ترحيلهم إلى بلادهم هم رعايا نيجيريا وبلغوا 5418 مهاجراً، بالإضافة للاستعداد لترحيل 450 مهاجراً خلال هذا الأسبوع للبلد ذاته.