ليبيا: الشركات الصغيرة تدفع ثمناً مضاعفاً بسبب كورونا والحرب

19 اغسطس 2020
الصراعات المسلحة أضرت بشكل بالغ ثروات النفط (فرانس برس)
+ الخط -

تدفع الشركات الصغيرة في ليبيا ثمناً مضاعفاً، بعدما أغلقت جائحة فيروس كورونا الجديد ما تبقى من شرايين العمل في البلد الذي تمزقه الحرب والصراعات السياسية المستمرة منذ نحو 10 سنوات.

ويواجه أصحاب هذه الشركات صعوبات بالغة في توفير المواد الخام أو الحصول على تسهيلات مصرفية لاستيرادها من أجل إحياء نشاطهم الذي توقف منذ نحو أربعة أشهر بسبب الجائحة، حيث يقصر مصرف ليبيا المركزي تأمين الاعتمادات المستندية على استيراد الدواء والغذاء.

يقول على الرابطي، وهو صاحب شركة صغيرة في قطاع الملابس، لـ"العربي الجديد"، إن الشركة تعاني بسبب الإغلاق لمدة أربعة أشهر بسبب تفشي وباء كورونا، إضافة إلى عدم الحصول على اعتمادات أو تسهيلات مصرفية لصغار المستثمرين في السوق، بينما يعتمد بشكل أساسي في عمله على استيراد الأقمشة والكتان.

وتواجه ليبيا أزمة مالية حادة بسبب إقفال الحقول النفطية من قبل مليشيات مسلحة موالية للواء المتقاعد خليفة حفتر، وتراجع إنتاجها إلى معدلات قياسية فضلا عن اتساع عجز الميزانية العامة للدولة، ما دفع البنك المركزي إلى قصر توفير العملة الأجنبية اللازمة للاستيراد على الأدوية والسلع الغذائية الأساسية.

وتؤدي جائحة كورونا وحرب حفتر ضد حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا إلى استنزاف احتياطيات النقد الأجنبي، خاصة مع عدم قدرة الحكومة على تحصيل الرسوم السيادية.

ويقول المحلل الاقتصادي الليبي نور الدين المعرفي، لـ"العربي الجديد"، إن هناك رؤية غائبة في ليبيا بشأن القطاع الخاص، موضحا أن صغار التجار وأصحاب المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر يشكلون حوالي 30% من إجمالي السوق المحلي، بينما يعانون في ظل الظروف القائمة من شح النقد الأجنبي وتوقف الأعمال.

والأربعاء الماضي، كشفت مؤسسة النفط الليبية، في تدوينة نشرتها على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن إجمالي خسائر إغلاق الموانئ والحقول النفطية بلغ نحو 8.2 مليارات دولار، بعد 208 أيام من الإغلاق القسري.

وفي 17 يناير/ كانون الثاني 2020، أغلق موالون للواء المتقاعد خليفة حفتر ميناء الزويتينة النفطي (شرق)، بدعوى أن أموال بيع النفط "تستخدمها الحكومة الليبية المعترف بها دوليا في تمويل المجهود العسكري".

كما أقفلوا موانئ وحقولا أخرى، ما دفع مؤسسة النفط إلى إعلان حالة "القوة القاهرة" فيها. وبلغ إنتاج ليبيا من النفط قبل إغلاق الحقول والموانئ 1.22 مليون برميل يوميا، وفق بيانات متطابقة للمؤسسة، ومنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، مقارنة بأقل من 90 ألفا حاليا.

وشدد مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، خلال اجتماع مع وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، مساء الاثنين الماضي، على ضرورة الإنهاء الفوري للإغلاق النفطي الذي تفرضه مليشيا حفتر.

ويؤكد أبولقاسم بن محمود، الذي يدير مشروعاً لإنتاج عسل النحل، أنه خسر مشروعه بالكامل بسبب الحرب الأخيرة على العاصمة طرابلس، مشيرا إلى أنه يسعى للحصول على تسهيلات مصرفية من إجل إحياء مشروعه الذي بلغت خسائره نحو 130 ألف دينار (93 ألف دولار). في المناطق الصناعية المحيطة بالعاصمة، تعرضت المصانع والمتاجر الصغيرة لأضرار كبيرة بعد 14 شهراً من المعارك التي شنها حفتر ضد حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، بينما مني بهزائم متلاحقة في الأشهر الأخيرة.

ويقول على الرقيعي، وهو صاحب شركة لصناعة المطابخ والأبواب، لـ"العربي الجديد"، إن الكثير من الأنشطة تعرضت لضغوط مضاعفة في ظل كورونا والحرب، مشيرا إلى أن هناك ركوداً كبيراً في الأسواق، فضلا عن ارتفاع أسعار المنتج بنحو 40% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، لأن شراء العملة الصعبة يتم عبر السوق الموازية في ظل عدم توفرها عبر الاعتمادات المستندية بالبنوك.

وبلغ إجمالي الإيرادات من النقد الأجنبي نحو 3.6 مليارات دولار، منها مبلغ 2.051 مليار دولار من صادرات نفطية لسنة 2019، في حين بلغ إجمالي المدفوعات من النقد الأجنبي خلال الفترة من يناير/ كانون الثاني حتى يونيو/ حزيران حوالي 7.9 مليارات دولار. وانعكست الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها البلاد على الشارع الذي بات يعاني من أزمات الغلاء والسيولة وضعف الخدمات. وتوقع البنك الدولي، في تقرير حديث، أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للاقتصاد الليبي بنسبة 19.4% في عام 2020، وهي أعلى نسبة انكماش عربياً.

المساهمون