ليبيا: الأمم المتحدة وتحدّي حوارات "كسر العظم"

10 ديسمبر 2014
يطالب ليون أطراف الأزمة بتقديم التنازلات (الأناضول)
+ الخط -

لا يقتصر كسر العظم في الأزمة الليبيّة، في شرق البلاد وغربها، على الميادين العسكريّة وعمليات القصف الجوي وهدم المؤسّسات وإحراق البيوت، والقتل على الهويّة السياسية والمجتمعيّة فقط، بل انتقل إلى ميادين السياسة والتفاوض أيضاً، في وقت أُرجئت فيه جلسة الحوار، التي كان مقرراً عقدها، أمس الثلاثاء، برعاية الأمم المتحدة.

وكان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، برناردينو ليون، قد أعلن في وقت متأخّر من ليل الاثنين ــ الثلاثاء، تأجيل الحوار بين ممثلين عن المؤتمر الوطني العام من جهة، ومجلس النواب الليبي المُحل في طبرق من جهة أخرى، حتى مطلع الأسبوع المقبل.
وقبل انتقاله إلى مدينة طبرق، شرق ليبيا، عقد ليون جلسة مغلقة مع رئيس المؤتمر الوطني العام، نوري بوسهمين، ونائبه الثاني، صالح المخزوم، وعدد من أعضاء المؤتمر الوطني العام في قصور الضيافة، للتشاور مع أعضاء من مجلس النواب الليبي حول إمكانية إجراء الحوار مطلع الأسبوع المقبل، على أن يعود إلى طرابلس، للتحضير لجلسة الحوار الأولى.

وفي سياق متّصل، توقّع مستشار رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، معين شريم، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "تُعقد أولى جلسات الحوار بين أطراف الأزمة الليبية مطلع الأسبوع المقبل"، موضحاً أنّ "بعض التفاصيل أدّت إلى تأجيل الحوار"، من دون أن يذكرها. ويشير إلى أنّها "تحتاج إلى بعض الترتيبات بين جميع الأطراف"، مؤكداً أنّ "موعد انعقاد الجلسات ليس مقدساً، فأن تُعقد جلسات حوار ناجحة، أفضل من أن تفشل، لو عقدت في موعدها، من دون التدقيق والاتفاق على التفاصيل".
ويتمسّك ليون، وفق مصدر خاص، بدعوة "جميع الأطراف إلى ضرورة تقديم تنازلات من أجل إنجاح الحوار، خصوصاً في ظلّ تمسّك كلّ طرف بشروط تبدو تعجيزية للطرف الآخر"، مؤكّداً أنّه "سيركز في جلساته مع الطرفين على ضرورة التزامهم المبادئ التي طرحتها الأمم المتحدة للحوار، وهي إلزام الأطراف المتصارعة بالوقف الفوري لإطلاق النار، وجمع السلاح والسيطرة عليه، وخروج المجموعات المسلّحة كافة من المدن والمطارات".

ويبدو أنّ الخلافات لا تتعلّق بمضمون جلسات الحوار فحسب، بل تطال مكان انعقادها، إذ يكشف مصدر في "المؤتمر الوطني"، لـ"العربي الجديد"، أنّ "النائب الأول لرئيس المؤتمر الوطني، صالح المخزوم، اعترض أمام ليون على مكان عقد جلسات الحوار، إذ يرى أنّ الذهاب إلى غدامس في النسخة الثانية من الحوار، بمثابة رسالة سياسيّة مفادها تحميل المؤتمر الوطني مسؤوليّة فشل الحوار الأول بين أعضاء رافضين وآخرين مؤيدين لمجلس النواب الليبي، وهو ما يرفضه المؤتمر الوطني العام باعتباره لم يشارك في ذلك الحوار، الذي عُقد في التاسع والعشرين من شهر سبتمبر/أيلول الماضي".

ويوضح المصدر ذاته، أنّ "المخزوم أبلغ ليون، أنّه لا يمكن الجلوس إلى طاولة المفاوضات في ظلّ استمرار القصف الجوي الذي يستهدف مواقع مدنيّة وعسكرية في شرق ليبيا وغربها"، مؤكّداً أنّه "حتى يُثبت الطرف الآخر حسن نواياه، عليه أن يتوقّف عن قصف المدن والمطارات والموانئ الليبية".
ويرى المتابعون للشأن الليبي أن "الفريق المتشدد داخل كل طرف من أطراف الحوار، يستغلّ الشروط التعجيزيّة لعقد الحوار والتراشق بالبيانات الناريّة التي يصدرها كل طرف من حين إلى آخر، بشأن مشاركته في الحوار، إذ يصرّ مجلس النواب المُحل في طبرق على ضرورة الاعتراف به كممثل شرعي قبل المشاركة، وخروج المليشيات المسلّحة من المدن، فيما يشدد المؤتمر الوطني العام، من جانبه، على الاعتراف بحكم الدائرة الدستوريّة في المحكمة العليا الليبية، القاضي بعدم دستوريّة مجلس طبرق".

ويبدو من اللافت أيضاً، أنّ الأطراف العسكرية في الأزمة الليبية منقسمة هي الأخرى، بشأن مسألة قبول الحوار من عدمه، فقبول الحوار بالنسبة إلى قائد "عملية الكرامة"، اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، يعني خروجه من الباب الخلفي ونهائيّاً، وعدم مشاركته مستقبلاً في صنع القرار أو تقاسم السلطة في ليبيا. في المقابل، يرى القادة الميدانيون لعمليّة "فجر ليبيا"، كالقائد الميداني، صلاح بادي، أنّه لا يمكن الجلوس على طاولة مفاوضات واحدة مع مجلس النواب الليبي المُحلّ، بعد تصنيفه قوات "فجر ليبيا" إرهابية، ودعوته مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة إلى التدخّل العاجل بحجّة حماية المدنيين ومؤسّسات الدولة.