لوكا مودريتش..الترس الهام الذي سيفتقده لاعبو الريال

18 نوفمبر 2014
بدلاء مودريتش بين الهجوم والدفاع (العربي الجديد)
+ الخط -


لا أحد يحب فترة التوقفات الدولية، وكل مشجعي كرة القدم في جميع أنحاء المعمورة يشعرون بالحنين والشوق إلى مباريات فرقهم وجولات الدوريات الأوروبية المشتعلة، لذلك لا يعتبر النداء الدولي من الأمور المميزة لدى الغالبية العظمى من أنصار ومجانين المستديرة، حتى عرفت تدريجياً هذه الفترة الخاصة بتوقف البطولات المحلية وأداء المباريات الدولية باسم "فيروس الفيفا"، في دلالة واضحة على المشاعر السيئة تجاه أيام الابتعاد عن ألوان الفرق وأجوائها الرائعة.

وجاءت إصابة الكرواتي لوكا مودريتش، لتزيد الأمور سوءاً وتجبر مشجعي الريال والبارسا على الاتفاق للمرة الأولى، في التعبير عن حزنهم لغياب لاعب يحترمه العدو قبل الصديق، ويقدر فنه أي عاشق حقيقي متيم بالمستديرة الساحرة، خصوصاً حينما قدّر الأطباء فترة غيابه التي تتراوح بين 4 إلى 6 أسابيع، حتى يناير القادم.

اللاعب الأهم
لوكا مورديتش، عازف الجيتار الكرواتي، مايسترو تشعر وأنت تشاهده بأنك في حضرة لاعب يتعامل مع الكرة وكأنها آلة موسيقية، يشدو بها أجمل الألحان، وتكمن قوة الدينامو في تمريراته الطولية والقصيرة، هو ليس ارتكازاً دفاعياً صريحاً يقوم بقطع الكرات أو التغطية الدفاعية فقط، لكنه مميز بشكل أكمل في التمرير وبناء الهجمة.

مورديتش أيضاً يمتاز بقدرته على تغيير نسق أي مباراة، وقلب تحركاته لكي يتواجد دائماً في الفراغات التي يتركها المنافس، لذلك من الصعب جداً رقابته، لأنه صانع لعب غير تقليدي، سريع ومتحرك في كل مكان بالملعب، ويقوم بدور محوري داخل خلطة الإيطالي كارلو أنشيلوتي، لأنه لا يكتف بالوصول إلى الكرة، بل يقوم بدور "الديليفري مان" الذي ينقل الهجمة من الخلف إلى الهجوم مروراً بالوسط.

ورغم وجود نجوم بقيمة رونالدو الذي يسجل أهدافاً بالجملة، وجاريث بيل السريع المنطلق، وكريم بنزيمة المتحرك، إلا أن لوكا يستحق أن يكون اللاعب الأهم على الإطلاق في تشكيلة الميرينجي، لأنه المسؤول الأول عن إضافة الحراك التكتيكي والمرونة الفنية في طريقة لعب 4-3-3، لأنه يعود إلى الارتكاز لمساندة كروس، وصنع ثنائية المحور أمام الدفاع، ثم يصعد بالكرة إما بالمراوغة أو بالكرات الطولية إلى المهاجمين، ويسجل الأهداف أيضاً كما حدث في مباراة فياريال بالمدريجال، لذلك يعد مودريتش بمثابة ثلاثة لاعبين في لاعب واحد، وتعويضه يحتاج إلى تركيبات عديدة ومختلفة.

4-2-3-1
اشترى الريال أسيير أياراميندي، من ريال سوسيداد، منذ أكثر من عام بمبلغ قياسي وقتها، ولم يشارك اللاعب الباسكي كثيراً مع الفريق العاصمي حتى الآن، ورغم رحيل تشابي ألونسو إلى بايرن، لم يحصل أيضاً الشاب على فرصة حقيقية، خصوصاً مع قدوم الألماني توني كروس وقيامه بدور الارتكاز المتأخر أمام رباعي الدفاع. ومن الممكن أن تكون إصابة لوكا هي السبب الرئيس لعودة أسيير إلى المستطيل الأخضر من جديد.

ومع غياب الكرواتي وعودة الإسباني، فإن كارلو أنشيلوتي سيُحّول طريقة اللعب من 4-3-3 إلى 4-2-3-1، ووقتها سيعود الكولومبي الصاروخي خاميس إلى التألق من جديد، لأنه سيلعب في المركز المفضل له داخل الملعب، الرقم 10 الحقيقي الذي يتحرك في الثلث الأخير، خلف المهاجم الصريح، وبين كل من جاريث بيل على اليمين ورونالدو على اليسار، مع دعم كامل من ثنائي المنتصف كروس وأيارميندي، الذي يحتاج إلى لاعب آخر بجواره مثل الرقم 8 توني.

ورغم أن هذه الخطة تناسب ردوريجز، إلا أنها ستجعل رونالدو بعيداً عن المرمى، لأنه سينشغل أكثر بمركز الجناح الصريح، وتزيد المساحات الشاسعة بين لاعبي الأطراف، مما يتطلب مجهوداً مضاعفاً من لاعبي المحور المدريدي بين الدفاع والهجوم.

التجربة الألمانية
ثنائية أخرى في الارتكاز بين لاعب دفاعي يتحول إلى الهجوم "بوكس تو بوكس" ولاعب ارتكاز مساند يقوم بالتغطية العكسية مع الدعم الأمامي عند الحاجة. وخلال مونديال 2010، قدم خضيرة وشفاينشتايجر بطولة مثالية مع منتخب ألمانيا، وكان التناغم والانسجام هما السمة الرئيسية داخل رقعة لوف التكتيكية.

عندما يصعد شفايني إلى الأمام، يثبت خضيرة في مكانه بالارتكاز الدفاعي، التونسي الأصل الذي يقول عنه الكاتب "جراهام هانتر"، أن خضيرة لاعب ارتكاز يشكل خطورة كبيرة أثناء تقدمه إلى الأمام لأنه يجيد الاختراق في المساحات الشاغرة بين قلب الدفاع والظهير، ومع هجوم سامي، يتحول التايجر إلى الوراء لكي يغطيه ويلعب مكانه في المناطق الخلفية، أي تبادل المراكز هو الحل.

وإذا استبدلنا اسم باستين بكروس، فإن المايسترو الألماني قادر على شغل نفس المهام مع مواطنه خضيرة العائد من الإصابة والمتحفز لأي فرصة لعب حقيقية، ومع لعب الثنائي معاً في منتخب الماكينات من قبل، فإن المنظومة المدريدية ستعمل بشكل جدي حتى في غياب صانع اللعب الكرواتي.

اللاعب الشامل
غاب جاريث بيل عن مباراتيّ ليفربول وبرشلونة في الشامبيونز والكلاسيكو، وفاز الريال بكل سهولة وبفارق أهداف مريح، وذلك لتوافر البديل الإستراتيجي القادر على تغطية الفراغ في أصعب الفترات، ولا غنى عن الإسباني المتميز فرانسيسكو إيسكو، النجم الذي لعب دور تكتيكي بارز في تعويض النفاثة الويلزية، وصناعة التوازن المطلوب خلال المواجهات الكبير التي تحتاج إلى أسماء لا تهاب الكاميرات.

بدأ إيسكو تألقه مع مالاجا كلاعب جناح أقرب إلى الـ Interior، أي اللاعب الذي يتمركز على الطرف ورقياً، لكنه يستلم الكرة كثيراً في العمق ويبني الهجمة وكأنه صانع لعب صريح قريب من لاعبي الوسط، وهذا العمل نتاج ثقة المدرب التشيلي مانويل بليجريني في قدراته سابقاً، وحينما انتقل إلى الريال قام بدور مشابه في المزج بين خطتي 4-4-2 و 4-3-3، حيث أن إيسكو على الطرف يعني رونالدو في عمق الهجوم، وحينما يتحول للاعب وسط ثالث، يصبح الدون جناحاً حقيقياً.

وإذا أراد أنشيلوتي الحفاظ على التكتيك الحالي، فإنه فقط سيقوم بعمل ترحيل للأدوار داخل الفريق، حيث يلعب رودريجز وبيل على الأطراف، مع تمركز إيسكو مكان مودريتش، كلاعب وسط صريح يعود لمساندة كروس، ويساهم في ضبط التحولات من الدفاع إلى الهجوم، والشاب الشامل يستطيع القيام بالدور هجومياً، وإن قام بضبط البوصلة دفاعياً، وقتها من الوارد اختلاف الحسابات.

المساهمون