لواء اليمن الأخضر

24 يوليو 2019
+ الخط -
اللواء الأخضر في اليمن هو الجدير بالذكر من بين ألوية الوطن وجيشه الممزق، وهو دون غيره من أهبه على الدوام جُلّ حمدي وشكري، فهو الأرض والإنسان في آن، وهو خير معدنٍ عرفناه وأهل اليمن في أيام الرخاء؛ فما بالك بزمن الشدة؟
لواؤنا الأخضر ليس أحمر، كعادة ألوية اليمن، ولن يصبح بلا قيمة كاللواء خليفة حفتر، وقد عُقد الإجماع على طهارته، وغلو أصله، وما من زائر لليمن إلا وفي مدينة إب قد حلّ وظلّ، فمحافظة إب الواقعة شمال إقليم الجند هي ذلك اللواء المنعوت بالأخضر، وفيها، وفي حروف مسماها خُضرة لا يراها إلا العارفون في لغة العرب، وقد قالوا "بأن حروف إب قد أخذت من الأبُّ، وهو العُشْب والخضرة، ففي التنزيل (وفَاكِهَةً وَأبًّا)"، ويقال: فلان راعَ له الحَبُّ، وطاع له الأبّ، أي: زكا زرعه، واتسع مَرْعاه...
مدينة إب في اليمن أشبه بجنة عدن، وفيها من الحسناوات ما لم تره عين قط ، والخضرة والوجه الحسن هما سّرّا جمالها، وهما كما يبدو وجهان لعملة واحدة. ولقد أفحش من قال: "سبع مصائب ولا امرأة من إب"، توبيخا لفتيات المدينة، واللاتي نادرا ما يثقلن كاهل أزواجهن بما يطلبن من كماليات العيش ومتطلبات الزينة، لكن من يتزوج منكم من هذه المدينة فسيرى اختلافا كثيرا، وقد يجد غالبا أن بنات إب هن الآنسات المؤنسات على وجه الحقيقة، وما الإبيّة إلا شمعة تحترق أمام شريك حياتها، وهي لا تأبه لشيءٍ تركته في تلك الجنة، فلا يؤذيها البعوض، ولا ارتفاع درجة حرارة المكان الذي قد تسكنها فيه.
ولربما إن عشت مع إحداهن في منزل لا يصلح لحياة حيوان، فستراه قصرا منيفا، وستضع فيه أدواتها بترتيب عجيب، وقد تراه وكأنه متحف، أو لوحة فنية، فهي تصنع من العدم، وجوداً وبقاء.
بنت إب تجلب في يوم عرسها في قفص جميل عصافير بألوان زاهية، تغني لكما أنغامَ السعادةِ، وتراتيلَ المودة والرحمة، مضيفة وصانعةً جواً بديعاً مفعماً حباً ورومانسية، وهي لا تناديكَ باسمِك أبدا إلا مضافا لذاتها لشعورها بأنك ملكها، فمثلا تناديك: "محمدي"، ولك أسامٍ جميلة بديعة، مثل "قلبي، وحبيبي، وروحي". وعندهن للطهي ألوان عديدة، وأنظمة بديعة، وهذا نهجهن أجمع، وهن كريمات، يرفعن الرأس عند نزول الأضياف، وسل من نزل على تلك المدينة ضيفا عن العصيد والمرق والهريش.
F2E81741-44C7-4C09-B092-A9F65F1958CA
F2E81741-44C7-4C09-B092-A9F65F1958CA
موفق السلمي
كاتب وأديب وناشط إعلامي من اليمن (تعز).
موفق السلمي