لهذه الاسباب: مجموعة"بريكس" تتخلى عن الصندوق والبنك الدوليين

17 يوليو 2014
يتهم صندق النقد بخضوعه لهيمنة أميركا(بول ريتشاردز/أف ب-Getty)
+ الخط -

 يطرح تأسيس مجموعة "بريكس" لبنك التنمية والصندوق المالي للطوارئ سؤالاً كبيراً ومهماً حول مستقبل صندوق النقد والبنك الدوليين ومدى التزام الدول الخمس الاعضاء في مجموعة "بريكس" بتمويل الصندوق في المستقبل وعما اذا كانت هاتان المؤسستان اللتان أسستا بعد الحرب العالمية الثانية، لا تزالان تحظيان  بقبول الاعضاء البالغ عددهم 187 دولة.

وتتكون مجموعة "بريكس" من 5 دول وهي الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا.
وفي لندن شكك اقتصاديون في استمرارية هذه الدول بدعم الصندوق والبنك الدولي في المستقبل. وقال اقتصاديون "ببساطة، مجموعة بريكس غير راضية عن سياسات هاتين المؤسستين".
  
وأضاف اقتصاديون "ربما لا تتوقف هذه الدول عن الايفاء بالتزاماتها المالية تجاه صندوق النقد الدولي في المدى القصير، ولكن في المدى المتوسط ربما تكتفي دول البريكس بمؤسساتها الجديدة ولا تهتم كثيراً بصندوق النقد والبنك الدوليين".

ويذكر أن زعماء الدول الخمس الأعضاء في مجموعة "بريكس" للاقتصادات الناشئة وقعوا قبل يومين على اتفاق في منتجع فورتاليزا السياحي بالبرازيل، لإنشاء بنك جديد للتنمية وصندوق لاحتياطيات الطوارئ برأس مال 100 مليار دولار.

وأعلنت رئيسة البرازيل ديلما روسيف أن البنك وصندوق الاحتياطات خطوتان مهمتان لإعادة تشكيل الهيكل المالي العالمي. وأضافت أنه رغم تباطؤ النمو في اقتصادات الأسواق الناشئة فإنها تبقى محركاً للنمو العالمي.

ويلاحظ أن هنالك مجموعة من التحفظات التي دعت مجموعة "بريكس" الى انشاء مؤسسات بديلة لصندوق النقد والبنك الدوليين، بعضها سياسي وآخر اقتصادي. نورد منها في هذا التحليل الاتي، أولاً: منذ تأسيس صندوق النقد الدولي في العام 1945، استخدمته الولايات المتحدة وحلفاؤها لخدمة اهدافها السياسية. ومنح صندوق النقد القروض والتسهيلات المالية على اسس سياسية أكثر منها اقتصادية.

وتشير سجلات القروض الحديثة في هذا الصدد الى أن الصندوق منح دولاً مثل أوكرانيا، 13 مليار دولار دون شروط، فيما رفض العام الماضي لدولة مثل مصر، قرضاً بحوالى خمسة مليارات دولار.

ويلاحظ أن أميركا ودول الاتحاد الاوروبي ترغب في دعم التحول الاوكراني من المعسكر الروسي الى المعسكر الغربي، وهو غرض سياسي وليس غرضاً اقتصادياً. وبالتالي دفعت الصندوق الى منحها هذا القرض الضخم مقارنة بحجمها الاقتصادي. وبالتأكيد فإن هذه الخطوة السياسية أغضبت روسيا التي تعد أحد أهم أعضاء مجموعة "بريكس" وأحد كبار المساهمين في حصص الصندوق.

ثانياً: يلاحظ أن صندوق النقد تعهد بإجراء اصلاحات واسعة في يناير/ كانون الثاني الماضي، من بين هذه الاصلاحات اعطاء صلاحيات أكبر ومناصب اساسية في الصندوق  لدول "بريكس" مقابل زيادة حصصها في رأس مال الصندوق.

وكان مخططاً أن تنفذ هذه الاصلاحات في اجتماعات الربيع التي يعقدها الصندوق سنوياً في نهاية شهر ابريل/نيسان من كل عام، ولكن الكونجرس رفض اجازة هذه الاصلاحات، وبالتالي عرقلت أميركا الاصلاحات التي كانت تنتظرها دول بريكس وباقي دول العالم النامي. وهو ما فهمت منه مجموعة "بريكس" أن أميركا لا ترغب حقيقة في اعطاء دور أكبر في الصندوق  للاقتصادات الناشئة.

ويذكر أن هناك اتفاقاً بين أوروبا الغربية وأميركا، على أن يكون منصب مدير صندوق النقد الدولي من نصيب أوروبا الغربية، ومنصب رئيس البنك الدولي من نصيب الولايات المتحدة. وترغب الاقتصادات الناشئة في حيازة منصب المدير العام للصندوق على الاقل، وتعتقد أنها أحق به من أوروبا، نظراً لثقلها الاقتصادي والتجاري الذي يتفوق على دول الاتحاد الاوروبي.  

ثالثاً: دول مجموعة "بريكس" تعترض على توظيف الصندوق لحل أزمة منطقة اليورو وإعطائها هذا الكم الهائل من القروض، فيما يعترض الصندوق على منح قروض بأحجام ضئيلة لدول الاقتصادات النامية. وعلى سبيل المثال، يلاحظ أن الصندوق منح خلال عامي 2011-2012 قروضاً قيمتها 23.5 مليار دولار لليونان و22.9 مليار دولار للبرتغال و19.4 مليار دولار لايرلندا الجنوبية. وهذه دول ذات وزن اقتصادي خفيف مقارنة بدول نامية في حاجة ماسة إلى تمويلات الصندوق في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية.

رابعاً: يلاحظ أن الصين التي أصبحت قوة اقتصادية تنافس أميركا على المركز الاول في التجارة والدخل العام، وربما تتفوق عليها بنهاية العام الجاري، تخطط مع روسيا التي تريد استعادة امبراطوريتها ونفوذها السياسي لبناء هيكل ونظام مالي جديد.

وبالتالي تلتقي أهداف الصين وروسيا مع أهداف الاقتصادات الناشئة في بناء نظام دولي جديد بديل للنظام الدولي القائم على معاهدة "سايكس بيكو" ومعاهدة انشاء صندوق النقد والبنك الدولي.

خامساً: يلاحظ أن حصة الصين في صندوق النقد الدولي التي تأتي في المرتبة الثالثة بعد روسيا وتبلغ 5.76 % من رأس امال الصندوق، أقل من حصتها في بنك التنمية الجديد وصندوق احتياطات الطوارئ. وتساهم الصين في المؤسستين الجديدتين بحوالى 41 مليار دولار، وهو ما يساوي ثلاثة أضعاف حصتها في صندوق النقد الدولي. وهذا يدل على أن اهتمام الصين بالمؤسستين الجديدتين سيكون أكبر من اهتمامها بصندوق النقد والبنك الدولي.

يذكر أن رأسمال صندوق النقد الدولي يبلغ 223.2 مليار دولار، ويبلغ حجم تمويلاته المتوفرة تحت الطلب 215 مليار دولار، لكنه يستطيع جمع تمويلات تصل إلى تريليون دولار تحت ظروف معينة.