لهذه الأسباب... أشرف ريفي هو عقدة حزب الله

17 فبراير 2014
+ الخط -
لا تزال تداعيات تشكيل الحكومة اللبناينيّة مستمرة. أمس، قال الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، إنه إذا اعترف عمر الأطرش وجمال دفتردار (المتهمان بالتورط في التفجيرات الأخيرة التي ضربت لبنان) بمسؤوليّتهما عن السيارات المفخخة، فإن أحداً لا يستطيع إخراجهم من السجن، بغض النظر عن هوية وزير العدل. أراد نصرالله من كلامه هذا الغمز من زاوية وزير العدل الجديد، اللواء أشرف ريفي، والقول لجمهوره إن الأخير غير قادر على إخراج أحد من السجن.

هذا الغمز من قناة ريفي ليس جديداً. قبل ذلك، رفض حزب الله بالمطلق أن يتولّى ريفي وزارة الداخليّة، في خطوة كادت تطيح توافقاً داخلياً مدعوماً برضى إقليمي وغربي على تأليف الحكومة. قبل هذا أيضاً، رفض حزب الله التمديد لريفي مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي. ما سرّ هذا الرفض من قبل حزب الله لشخص ريفي في وزارة الداخليّة، وفي قوى الأمن الداخلي؟

يتهم حزب الله، ريفي بأنه مسؤول عن دعم المعارضة السورية بالسلاح، وبأنه مسؤول عن دعم الميليشيات المسلّحة في طرابلس، شمال لبنان، أو ما اصطلح على تسميتهم بقادة المحاور. كما يُتهم ريفي بأنه يحمي "البيئة" التي تستهدف حزب الله بالتفجيرات. والاتهام الأبرز، هو أن ريفي ساهم ببلورة ما يُسمى "شهود الزور" في المحكمة الدوليّة.

هذه هي الاتهامات المعلَنة. المشكلة الأساسيّة هي ما هو غير معلن. يُدرك حزب الله ان ريفي جزء أساسي من الفريق اللبناني الذي أشرف وأنجز معظم التحقيقات التي يستند إليها الادعاء في المحكمة الخاصة بلبنان. وقد خسر هذا الفريق، عبر الاغتيال، اثنين من أبرز المسؤولين فيه، وهما الرائد وسام عيد، الذي أنجز العمل التقني، وهو ما أدى إلى كشف شبكات الاتصال بين المتهمين في اغتيال الحريري. والمسؤول الثاني، هو اللواء وسام الحسن، الذي عرف كيف يُنظم فرع المعلومات التابع لقوى الأمن الداخلي ويُديره، وذلك بالتعاون مع ريفي. كما تعرّض الرئيس الأسبق لهذا الفرع، العميد سمير شحادة (سبق الحسن في هذه المسؤوليّة)، لمحاولة اغتيال فاشلة غادر على إثرها لبنان إلى كندا. وقد استطاع ريفي والحسن تأمين دعم مالي وتقني وسياسي لهذا الفرع، ما مكّنه من كشف عشرات الشبكات الاسرائيليّة في لبنان، وفي سوريا، وذلك خلال فترات الود السياسي مع دمشق. وينقل أحد الوسطاء بين الحسن والنظام السوري، استياء الرئيس السوري بشار الأسد من بعض الضباط الكبار لديه، وقد قال لهم حينها: "هل ترضون أن يُسجّل عليكم وسام الحسن هذه النقاط".

كذلك استطاع هذا الفرع توقيف الوزير السابق ميشال سماحة، وفي حوزته عشرات العبوات المعدة لاغتيال عدد من الشخصيات والقيام بعدد من التفجيرات بهدف إحداث فتنة سنيّة ــ شيعيّة، بطلب من النظام السوري. لكن الأخطر في عمل هذا الجهاز، كان تمكنّه من العمل داخل جهاز حزب الله العسكري والأمني، وهو استطاع كشف بعض العملاء لاسرائيل داخل جسم حزب الله. وقد تكون هذه النقطة هي الأكثر حساسيّة لحزب الله.

لم يقف الأمر عند هذا الحدّ. أعلن ريفي نتيجة التحقيق بمحاولة اغتيال الوزير بطرس حرب. قال إن المتهم محمود الحايك (العضو في حزب الله) متورط، وأعلن عن تسوية سعى حزب الله إلى إنجازها معه. تقوم هذه التسوية على أن تُمدّد ولاية ريفي في قوى الأمن، في المقابل، يُسلم حزب الله حايك لقوى الأمن، فيُبرّئ ريفي ساحته ويُطلق سراحه.

ولمّح ريفي إلى مسؤوليّة حزب الله عن خطف الموظف في "شركة طيران الشرق الأوسط"، جوزف صادر على طريق المطار في بيروت، عام 2009. وأكّد ريفي أنه زوّد لجنة حقوق الانسان النيابيّة بكلّ المعلومات عن خطف صادر، ودعا النواب اللبنانيين إلى طلب رفع السريّة عن هذا المحضر وكشفه.

لكن ريفي لم يتحدّث علناً بعد عن الوساطة التي نقلها له رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، والتي نصّت على أن يتخلّى ريفي عن وسام الحسن (قبل اغتياله)، على أن تُمدّد ولايته في قوى الأمن الداخلي، وقد رفضها ريفي بالقول: "أنا ووسام واحد".

يُضاف إلى هذا كلّه أن ريفي لا يزال متابعاً لعمل المحكمة الدوليّة، وهو من الشهود الأساسيين فيها. ويُكرّر ريفي أمام زوّاره أن هذه المحكمة ستصل في النهاية إلى اتهام نصرالله مباشرةً بالمسؤوليّة عن اغتيال الحريري.

لهذه الأسباب مجتمعةّ، أتى رفض حزب الله لريفي في قوى الأمن وفي الداخليّة قاطعاً. فخطة ريفي والحسن كانت تنص على أن يتولّى الحسن منصب المدير العام لقوى الأمن الداخلي بعد تقاعد ريفي. وبالتالي، يُحافظ الحسن على الحماية السياسيّة لفرع المعلومات، وهو فرع لا يزال فتياً رغم كلّ ما حققه، ويتعرّض لهجوم سياسي حاد، وتشكيك بنزاهته من فريق من اللبنانيّين.

بناءً على كل ما سبق، يرى عدد كبير من المتابعين أن إبعاد ريفي، بعد اغتيال الحسن، يهدف إلى سحب هذا الغطاء، وخصوصاً أن فريق حزب الله يُراهن على عدم جرأة العقيد عماد عثمان السياسيّة، ما يعني إمكانيّة إخضاعه.

جوهر القصّة هنا، أن حزب الله يُريد أن تكون له وحده كلمة الفصل في الملفات الأمنيّة في لبنان، وفرع العلومات أعاق تنفيذ هذا المُخطّط. أشرف ريفي هو رمز المشروع المضاد لحزب الله... فكان المطلوب كسر هذا الرمز.