21 فبراير 2018
لهذا استخفّ ترامب بالعرب
بدأ موسم الهدايا في البيت الأبيض قبل نهاية السنة، دونالد ترامب تحول في إسرائيل إلى "بابا نويل" يوزع هدايا عيد الميلاد على اليمين الإسرائيلي المتطرّف، ولا يهمه أن يغضب العالم كله ليرضي حكومة نتنياهو، ويقدم على ما لم يقدم عليه غيره من الرؤساء الأميركان: الاعتراف لإسرائيل بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، ونقل سفارة واشنطن إليها، وإطلاق رصاصة الرحمة على "عملية السلام" الميتة أصلاً بين الفلسطينيين والإسرائيليين...
بدأ الرصاص يخترق أجساد الشبان الفلسطينيين الذين خرجوا في الضفة الغربية يحتجون على قرار الإدارة الأميركية نقل سفارتها إلى القدس، وتعالت صيحات الغضب من كل الأركان الأربعة للعالم، تقول لرجل واحد إنك أخطأت، إنك على الطريق السريع لإشعال الحرائق في كل مكان، لأن القدس أكبر من مدينة، وأكبر من جغرافية، أو أكبر من أن تدخل في حساباتٍ صغيرة لتاجر العقارات الذي وجد أن حبل المساءلة السياسية، وحتى القضائية، يقترب من عنقه في واشنطن، لصلات باتت شبه وثيقة من الروس الذين ساعدوه على الوصول إلى البيت الأبيض، فاختار الهروب إلى الأمام.
ثلاثة عوامل شجعت رئيس أميركا المتهور على إعطاء هذه الهدية لإسرائيل، أولها:
الشتات العربي الذي يضرب الدول العربية التي أصبح بأسها بينها شديداً، وحروبها كلها بلغة الضاد، حرب عربية باردة وساخنة في اليمن وأخرى في سورية وثالثة في العراق ورابعة في سيناء وخامسة في لبنان وسادسة في قطر وسابقة في ليبيا ...وهكذا مات الأمن القومي العربي.
السبب الثاني الذي شجع ترامب على نقل سفارة بلاده إلى القدس أن جل الأنظمة العربية لم تعد تعتبر إسرائيل هي العدو، بل بات عدوها الأول هو إيران، فلماذا نلوم ترامب على إعطاء هدية ثمينة لنتنياهو إذا كانت السعودية والإمارات ومصر والأردن، وغيرها من الدول العربية، تعتبر العبري صديقاً وحليفاً، وتعتبر الفلسطيني عبئاً على النظام العربي الرسمي الذي يريد أن يطبع مع إسرائيل، وأن يدمجها في محاوره الجديدة.
ثالث عامل حفّز ترامب على كسر الخطوط الحمراء وإشعال فتيل الغضب في العالم العربي والإسلامي هو حاجة "العقيدة الدبلوماسية اليمينية" لبؤر توتر جديدة، تسمح لأميركا بالتدخل في شؤون الدول الأخرى. كتب وزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق، هنري كيسنجر، في كتابه عن الدبلوماسية الأميركية، إن وظيفة أميركا ليست أن تحل مشكلات العالم، بل أن تمسك بخيوط مشكلات العالم، "فهذا ما يعطيها القوة والمبرّر للتدخل في كل المناطق". هذه هي أميركا إذا استيقظت ولم تجد حروباً وتوترات وانقسامات ومشكلات، فإنها تتسبب بها، أو تنفخ فيها أو تشجعها.
هل هناك مؤامرات تنسج للعالم العربي والإسلامي في أميركا؟ نعم، الدرس الأول الذي يتعلمه طالب العلاقات الدولية أن "المؤامرات هي الخبز اليومي للسياسة الدولية"، فما دام هناك مصالح وصراعات وسباق على النفوذ ونوايا للتدخل، فإن هناك مؤامرات علنية وخفية، هل هذه المؤامرات قدر لا مهرب منه؟ لا يتوقف نجاح المؤامرات أو فشلها على ذكاء كل نظام، وحكمته ومشروعيته، في حماية سيادته ومصالحه، وحدوده، وأمنه القومي، وعلاقته مع شعبه.
ترامب جاهل بالسياسة الدولية، وبتعقيدات الشرق الأوسط، وهو عندما يقدم على خطوةٍ من هذا القبيل، فإنه لا يقدم لإسرائيل سوى هدايا مسمومة، ولا يدفع بلاده إلا لمزيدٍ من العزلة، مع زيادة في عدد أعدائها مقابل ماذا؟ لا شيء تقريباً سوى التملق لإسرائيل التي يزداد كرهها في الشارع العربي. ومع هذا الكره، يزداد الطلب على فكر المقاومة والنضال والممانعة وعدم التطبيع مع هذا الكيان الذي يثبت كل يوم،أنه غير قابل للعيش بسلام وسط شعوب المنطقة.
بدأ الرصاص يخترق أجساد الشبان الفلسطينيين الذين خرجوا في الضفة الغربية يحتجون على قرار الإدارة الأميركية نقل سفارتها إلى القدس، وتعالت صيحات الغضب من كل الأركان الأربعة للعالم، تقول لرجل واحد إنك أخطأت، إنك على الطريق السريع لإشعال الحرائق في كل مكان، لأن القدس أكبر من مدينة، وأكبر من جغرافية، أو أكبر من أن تدخل في حساباتٍ صغيرة لتاجر العقارات الذي وجد أن حبل المساءلة السياسية، وحتى القضائية، يقترب من عنقه في واشنطن، لصلات باتت شبه وثيقة من الروس الذين ساعدوه على الوصول إلى البيت الأبيض، فاختار الهروب إلى الأمام.
ثلاثة عوامل شجعت رئيس أميركا المتهور على إعطاء هذه الهدية لإسرائيل، أولها:
الشتات العربي الذي يضرب الدول العربية التي أصبح بأسها بينها شديداً، وحروبها كلها بلغة الضاد، حرب عربية باردة وساخنة في اليمن وأخرى في سورية وثالثة في العراق ورابعة في سيناء وخامسة في لبنان وسادسة في قطر وسابقة في ليبيا ...وهكذا مات الأمن القومي العربي.
السبب الثاني الذي شجع ترامب على نقل سفارة بلاده إلى القدس أن جل الأنظمة العربية لم تعد تعتبر إسرائيل هي العدو، بل بات عدوها الأول هو إيران، فلماذا نلوم ترامب على إعطاء هدية ثمينة لنتنياهو إذا كانت السعودية والإمارات ومصر والأردن، وغيرها من الدول العربية، تعتبر العبري صديقاً وحليفاً، وتعتبر الفلسطيني عبئاً على النظام العربي الرسمي الذي يريد أن يطبع مع إسرائيل، وأن يدمجها في محاوره الجديدة.
ثالث عامل حفّز ترامب على كسر الخطوط الحمراء وإشعال فتيل الغضب في العالم العربي والإسلامي هو حاجة "العقيدة الدبلوماسية اليمينية" لبؤر توتر جديدة، تسمح لأميركا بالتدخل في شؤون الدول الأخرى. كتب وزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق، هنري كيسنجر، في كتابه عن الدبلوماسية الأميركية، إن وظيفة أميركا ليست أن تحل مشكلات العالم، بل أن تمسك بخيوط مشكلات العالم، "فهذا ما يعطيها القوة والمبرّر للتدخل في كل المناطق". هذه هي أميركا إذا استيقظت ولم تجد حروباً وتوترات وانقسامات ومشكلات، فإنها تتسبب بها، أو تنفخ فيها أو تشجعها.
هل هناك مؤامرات تنسج للعالم العربي والإسلامي في أميركا؟ نعم، الدرس الأول الذي يتعلمه طالب العلاقات الدولية أن "المؤامرات هي الخبز اليومي للسياسة الدولية"، فما دام هناك مصالح وصراعات وسباق على النفوذ ونوايا للتدخل، فإن هناك مؤامرات علنية وخفية، هل هذه المؤامرات قدر لا مهرب منه؟ لا يتوقف نجاح المؤامرات أو فشلها على ذكاء كل نظام، وحكمته ومشروعيته، في حماية سيادته ومصالحه، وحدوده، وأمنه القومي، وعلاقته مع شعبه.
ترامب جاهل بالسياسة الدولية، وبتعقيدات الشرق الأوسط، وهو عندما يقدم على خطوةٍ من هذا القبيل، فإنه لا يقدم لإسرائيل سوى هدايا مسمومة، ولا يدفع بلاده إلا لمزيدٍ من العزلة، مع زيادة في عدد أعدائها مقابل ماذا؟ لا شيء تقريباً سوى التملق لإسرائيل التي يزداد كرهها في الشارع العربي. ومع هذا الكره، يزداد الطلب على فكر المقاومة والنضال والممانعة وعدم التطبيع مع هذا الكيان الذي يثبت كل يوم،أنه غير قابل للعيش بسلام وسط شعوب المنطقة.