لماذا يصدق الأذكياء الأخبار الكاذبة؟ إليكم تفسير العلماء

22 ابريل 2020
يقع الأذكياء والمتعلمون في الفخ أيضاً (ماركو هيرنانديز/Getty)
+ الخط -
تشهد مواقع التواصل الاجتماعي تدفقاً كبيراً للأخبار المتعلقة بفيروس كورونا المستجد، بينها نصيب وافر من الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة التي تتسلل إلى "فيسبوك" وتويتر" و"يوتيوب" و"واتساب"، وتُعاد مشاركتها بكثافة ويصدقها كثيرون، حتى الأكثر ذكاءً، فكيف تقع هذه الفئة في الفخ؟ 

أظهر استطلاع أجرته مؤسستا "يوغوف" و"ذا إيكونوميست" في مارس/آذار 2020 أن 13 في المائة من الأميركيين يعتقدون أن أزمة "كوفيد-19" خدعة، بينما يعتقد 49 في المائة أن الوباء قد يكون من صنع الإنسان.
وبحسب ورقة تحليلية من "بي بي سي"، لا تساعد القدرة العقلية والتعليم الأعلى في التمييز بين الحقيقة والخيال، ومن السهل العثور على أمثلة للعديد من المتعلمين الذين يقعون في فخ هذه المعلومات الكاذبة. من الأمثلة البارزة على سقوط الأذكياء والمتعلمين في فخ الأخبار الزائفة الكاتبة، كيلي بروغان، وهي مؤسسة نظرية مؤامرة كورونا، حصلت على شهادة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ودرست الطب النفسي في جامعة كورنيل. ومع ذلك، فقد تجنبت وجود أدلة واضحة على خطر الفيروس في دول مثل الصين وإيطاليا، حتى إنها ذهبت إلى حد التشكيك في المبادئ الأساسية لنظرية الجراثيم نفسها أثناء تأييد الأفكار العلمية الزائفة.

وحتى بعض قادة العالم، الذين يؤمل أن يكون لديهم تمييز أكبر عندما يتعلق الأمر بشائعات لا أساس لها، تمت إدانتهم بنشر معلومات غير دقيقة حول خطر تفشي المرض، والترويج للعلاجات غير المثبتة التي قد تضر أكثر مما تنفع. ووجد علماء النفس الذين يدرسون هذه الظاهرة أن أهم أسباب تصديق الأذكياء للأخبار الكاذبة تتلخص في الأسباب التالية:

أولاً: سرد ذكي للمعلومات الكاذبة

ينشأ جزء من المشكلة من طبيعة الرسائل نفسها. يتم قصفنا بالمعلومات طوال اليوم، وكل يوم، وبالتالي نعتمد غالباً على حدسنا لتحديد ما إذا كان هناك شيء دقيق. يمكن لمقدمي الأخبار المزيفة أن يجعلوا رسالتهم "صادقة" من خلال بعض الحيل البسيطة، التي تثبطنا عن تطبيق مهارات التفكير النقدي لدينا. مثل التحقق من صحة مصدرها. وستتضمن المعلومات الخاطئة لغة وصفية أو قصصاً شخصية حية. كما ستحتوي على حقائق أو أرقام مألوفة كافية. مثل ذكر اسم هيئة طبية معترف بها، لجعل الكذبة في داخلها مقنعة، مما يسمح لها بربط نفسها بمعرفتنا السابقة.

حتى التكرار البسيط، سواء كان النص نفسه، أو عبر رسائل متعددة، يمكن أن يزيد من "الصدق" عن طريق زيادة مشاعر الألفة، التي تحدث خلطاً مع الدقة الواقعية. لذا كلما رأينا شيئاً في خلاصة الأخبار، كلما اعتقدنا أنه صحيح، حتى لو كنا متشككين منه في البداية.


ثانياً: أولويات أهم من التحقق

تظهر الأدلة الحديثة أن العديد من الأشخاص يشاركون المحتوى من دون التفكير حتى في دقته. ربما كانت أدمغتهم منخرطة في التساؤل عما إذا كان المنشور سيحصل على الإعجابات والتغريدات بدلاً من النظر في دقته. وسائل التواصل الاجتماعي لا تحفز الحقيقة، بل تحفّز المشاركة.

وربما يظن الناشر أن الآخرين من يتحملون مسؤولية الحكم، كثير من الناس يشاركون معلومات كاذبة مع نوع من إخلاء المسؤولية في الأعلى، قائلين شيئاً مثل "لا أعرف ما إذا كان هذا صحيحاً، ولكن ...". وقد يعتقدون أنه إذا كانت هذه المعلومات تتضمن بعض الحقائق، فقد تكون مفيدة للأصدقاء والمتابعين، وإذا لم تكن صحيحة، فهي غير ضارة، لذا فإن الدافع هو مشاركتها، وعدم إدراك أن المشاركة تسبب ضرراً أيضاً. 

ثالثاً: البخل المعرفي

والد إميلي لديه ثلاث بنات. إسما بنتين هما إبريل ومايو. ما اسم الابنة الثالثة؟ هل أجبتم "يونيو"؟ هذه هي الإجابة السهلة التي يعطيها الكثير من الناس، لكن الإجابة الصحيحة هي بالطبع "إميلي".

من أجل الوصول إلى هذا الحل، تحتاجون إلى التوقف مؤقتاً وتجاوز الاستجابة السريعة الأولية. لهذا لا يكفي الذكاء الخام، بل طريقة استخدامه من خلال التفكير في الأمور بطريقة تحليلية، بدلاً من الذهاب إلى الحدس الأولي. 

وغالباً ما يطلق علماء النفس على عدم فعل ذلك بـ"البخل المعرفي"، نظراً لأنهم قد يمتلكون احتياطيات عقلية كبيرة، لكنهم لا "ينفقونها". والبخل المعرفي يجعلنا عرضة للعديد من التحيزات المعرفية، ويبدو أيضاً أنه يغير الطريقة التي نستهلك بها المعلومات، والمعلومات الخاطئة.