لماذا يتأخر المغرب في المناسبات الدينية؟
يفسر تأخر المغرب في توقيت أغلب المناسبات والأعياد الدينية، عن باقي دول العالم العربي والمسلم، إلى أنه من الدول التي تعتمد على رؤية الهلال بالعين المجردة، ولا يقبل رؤيتها إلا من داخل قطره الجغرافي فقط، إضافة إلى بعده الجغرافي عن باقي دول المشرق.
وأثارت فتاوى لفقهاء مصريين ينتمون للأزهر الشريف، ردود فعل حادة وشديدة من فقهاء مغاربة، وعلى مستوى الشارع المغربي، وحتى في شبكات التواصل الاجتماعي. حيث اعتبرت الفتاوى أن احتفال المغاربة بعيد الأضحى يوم الأحد الماضي 5 أكتوبر/تشرين الأول باطل وغير صحيح، وخروج عن ملة الإسلام والمسلمين.
وما إن خرجت الفتاوى المصرية للإعلام، حتى جاءت ردود الفعل من الفقهاء المغاربة، حيث صرح أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية لعلماء المغرب، أن فتوى أحد الفقهاء المصريين القاضية ببطلان العيد في المغرب، في إشارة إلى الدكتور يوسف عيد، هي مجرد كلام لا أساس له من الصحة، وأنه لا يمثل مؤسسة الأزهر الشريف، بل هو يمثل فقط نفسه. وأكد أن المغرب يعتمد على طريقة منظمة في مراقبة الهلال، حيث تجري عملية المراقبة على كل التراب الوطني، وتحت إشراف علماء وقضاة ولجان ذوي خبرة في المجال، كما تشارك في العملية عناصر مدربة ومكونة من الجيش المغربي، من أجل تفادي حصول الخطأ.
وفي الإطار نفسه، قال عبد الباري الزمزمي، العضو المؤسس في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أن الفتوى التي تقضي ببطلان عيد المغاربة جهل بالأحكام الشرعية، وتطاول واعتداء على المغرب وعلى مقدساته.
وقال الزمزمي إن هذه الفتوى تدخل في نطاق حسابات سياسية ومصلحية صرفة، وأضاف: "نعلم جيدا مدى العلاقة النفعية التي تجمع بين البلدين، خصوصاً بعد حصول مصر على تمويل مهم من السعودية"، وأضاف "ما يمكن قوله إن جامعة الأزهر تنافق السعودية، وفتواها جاءت في هذا السياق". ولذلك، اعتبر الزمزمي الفتوى المصرية باطلة شرعا وقانوناً، ولا أساس لها من الصحة. وتساءل: لماذا لم يتشاور الفقهاء المصريون مع نظرائهم المغاربة قبل خرجهم بهاته الفتوى المشبوهة حسب وصفه.
وتوجد عدة مراكز تهتم بالحساب الفلكي للهلال، أبرزها "المشروع الإسلامي لرصد الأهلة"، الذي تأسس سنة 1998، ويضم راصدين ومهتمين بالمجال من أكثر من 55 دولة، يساهمون في رصد الهلال من دولهم، وباستمرار، وله أبحاث علمية دورية حول الحساب الفلكي للهلال.
وكان المركز الفلكي قد بين على موقعه الرسمي كيفية رؤية الهلال، وربطه بالحساب الفلكي، وأكد أن العيد في السعودية ومصر وأغلب الدول العربية كان يوم السبت 4 أكتوبر/تشرين الأول، لأن هلال فاتح ذي الحجة تمت رؤيته يوم 25 سبتمبر/أيلول الماضي، وأنه في المغرب كان يوم الأحد 5 أكتوبر/تشرين الأول، لأنه رأى هلال فاتح ذي الحجة يوم 26 سبتمبر/أيلول الماضي، ليؤكد أن رؤية الراصدين المغاربة للهلال تنطبق تماماً مع الحساب الفلكي له، وبالتالي هو صحيح.
وأردف المشروع الإسلامي لرصد الأهلة أن التقويم الهجري العالمي يعتمد على الحسابات المسبقة، أي لا ينتظر الرصد العملي ورؤية الهلال، وهو يتبنى معياراً معينا لبدء الشهر الهجري الجديد، وبالتالي، فالدول التي لا تشترط الرؤية البصرية للهلال، ولا تدقق كثيراً بشهادة الشهود، وتكتفي بالحسابات الفلكية، كما الحال في السعودية.
وكان رئيس المشروع الإسلامي لرصد الأهلة، محمد شوكت، قد صرح، في أكثر من مرة، في برامج إعلامية، أن المغرب من أدق الدول في تتبع الهلال ورصده، وأثنى على طريقة تنظيمه، وكيفية رصده الهلال، حيث يعتمد على أكثر من 200 نقطة رصد على مستوى نطاقه، وتحت إشراف متخصصين وعارفين بالمجال، وأنه، منذ بدء المركز بالعمل كان دائماً رصده يتطابق مع الحسابات الفلكية للمركز، ونصح باقي الدول بالاقتداء به، والأخذ بنموذجه في هذا المجال.
والجدير بالذكر أن وكيل الأزهر الشريف أصدر بياناً، ينفي فيه إصدار أي بيان عن الأزهر، أو أحد هيئاته، تبطل احتفال المغرب بعيد الأضحى يوم الأحد الماضي، وأن التصريحات الصادرة عن منتسبين للأزهر تعبر عن آراء أصحابها، ولا تعبر عن رأي المؤسسة الدينية من قريب أو بعيد. وأكد الوكيل أن الأزهر يحترم جميع علماء المسلمين والمؤسسات العلمية واجتهاداتهم الفقهية. وفي المقابل، لم يصدر أي رد رسمي مغربي من وزارة الأوقاف الإسلامية المسؤولة عن رصد الهلال في المغرب.