بلغت الحملة الإماراتية السعودية ضد قطر مستوى من التحريض فاق كل التوقعات، ولم تتوقف عند قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة، وطرد مواطني قطر من السعودية والإمارات والبحرين، وفرض حصار اقتصادي خانق وصل حتى إلى حليب الأطفال الذي يأتي من السعودية؛ بل هي مستمرة في تصاعد وباتت تتخذ مظاهر متعددة ومختلفة كل يوم، ضمن حرب نفسية موجهة للتأثير على معنويات أهل قطر والمقيمين فيها، من أجل هزّ البلد وتركيعه في نهاية المطاف، كي يتنازل ويتخلى عن شخصيته الخاصة وقراره المستقل وسياساته الرافضة للوصاية.
وتجاوزت المظاهر الغريبة التسريبات التي طفت على سطح الأزمة خلال أسبوعين حول شروط وإملاءات على قطر، تتعلق بطلب الرياض وأبوظبي من الدوحة ترحيل شخصيات عربية فكرية ودينية، تناصبها الإمارات والسعودية العداء، وصرنا نقرأ مقالات في الصحف السعودية، ونشاهد ريبورتاجات تلفزيوينة تمس سيادة قطر واستقلالها في الصميم، وبعض المقالات يتحدث عن أن سبب الأزمة الحالية هو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، ويذهب أحد المقالات في جريدة "الحياة" إلى المطالبة برحيل الشيخ حمد من قطر حتى يتوقف تأثيره على سياسات الدوحة، ويقول المقال "ليس من المستبعد أن تطالب الرياض بخروج الشيخ حمد من قطر".
اقــرأ أيضاً
في الحقيقة هذه وقاحة لم تصلها حتى أقوى قوة كونية. أن يظهر كاتب معروف ليعلن باسم الرياض عن ضرورة طرد الشيخ حمد من بلده، موقف لم يتجرأ عليه الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش خلال مواجهته مع الرئيس العراقي صدام حسين، الذي كان متهماً بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
إذن نحن أمام نمط من التفكير السعودي يستحق الدرس. على العالم أن يفهم من أين يصدر هذا التفكير وإلى أين يذهب، وما مدى الضرر الذي سوف يلحقه بالسعودية قبل غيرها؟
لا يتعارض هذا الكلام مع القانون الدولي فقط، بل إنه يقدم صورة فاقعة عن الغطرسة والطاووسية التي بلغها من أوحى بهذا الكلام الخارج عن أبسط قواعد اللياقة. ومهما يكن من أمر لا يمكن قراءة هذا المقال بمعزل عن ذهنية عامة مريضة تتغذى من حسابات قاصرة يضعها أشخاص لا خبرة لديهم بشؤون السياسة وإدارة الخلافات بين الدول. هؤلاء يريدون تركيع قطر لأنها لا تسير معهم في نفس السياسات، وقد جربوا خلال الأسبوعين الأخيرين ما هو أكثر من ذلك، وبما يتجاوز الضغوط البلوماسية والحملة الإعلامية إلى التهديدات بتقويض الحكم، وهذه سابقة ذات تداعيات سلبية كبيرة.
وزير خارجية السعودية عادل الجبير جعل من نفسه مادة للسخرية في باريس وبرلين، حين تحدّث عن إغلاق قناة الجزيرة وترحيل شخصيات عربية من قطر. في باريس فوجئ بأن فرنسا تستهجن إغلاق قناة تلفزية لأنها لا تنسجم مع سياسة الرياض وأبوظبي، وسمع كلاماً من نظيره الفرنسي، جان إيف لودريان، جعله يبلع لسانه، فباريس استضافت وتستضيف آلاف المعارضين، ومنهم مؤسس "الجمهورية الإسلامية الإيرانية" روح الله الخميني الذي عاد من المنفى الباريسي إلى الحكم.
أطرف خبر أن أبوظبي نجحت في إقناع "الفيفا" بتبديل حكم مباراة فريقها مع تايلاند في تصفيات مونديال عام 2018، القطري الجنسية. موقف يستحق الذي يقف وراءه حفلة تصفيق. كيف خطرت هذه القضية على بال مسؤول إماراتي وراح يعمل عليها؟
هذا المسؤول يستحق مكافأة خاصة لأنه وجد باباً لم يطرقه أحد من أجل تحصين بلاده من شرّ قطر، الذي قد يصل إلى حد تواطؤ الحكم القطري بعد سنة على فريق أبوظبي. كيف وصل إلى هذه الفكرة، وهل سجلها كبراءة اختراع؟
إذا استمرت الحملة على ما هي عليه من دون ضوابط، فليس من المستغرب أن يظهر من بين الصفوف من يدعو لعلاج نهائي للأزمة يقوم على ترحيل قطر من المنطقة، طالما أنها باتت عصية على التدجين وتقديم فروض الطاعة لأبوظبي والرياض، اللتين تقودان جوقة التحريض ضد قطر وأهلها الذين يحظون بتقدير خاص في الخليج وخارجه لما يمتازون به من كرم وتسامح وشهامة وترفّع عن الرد على الأذى بالمثل، وزادهم التحلي برباطة الجأش في وجه الأزمة الحالية التي تعد خارج سياق الخلافات الدولية.
اقــرأ أيضاً
وتجاوزت المظاهر الغريبة التسريبات التي طفت على سطح الأزمة خلال أسبوعين حول شروط وإملاءات على قطر، تتعلق بطلب الرياض وأبوظبي من الدوحة ترحيل شخصيات عربية فكرية ودينية، تناصبها الإمارات والسعودية العداء، وصرنا نقرأ مقالات في الصحف السعودية، ونشاهد ريبورتاجات تلفزيوينة تمس سيادة قطر واستقلالها في الصميم، وبعض المقالات يتحدث عن أن سبب الأزمة الحالية هو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، ويذهب أحد المقالات في جريدة "الحياة" إلى المطالبة برحيل الشيخ حمد من قطر حتى يتوقف تأثيره على سياسات الدوحة، ويقول المقال "ليس من المستبعد أن تطالب الرياض بخروج الشيخ حمد من قطر".
في الحقيقة هذه وقاحة لم تصلها حتى أقوى قوة كونية. أن يظهر كاتب معروف ليعلن باسم الرياض عن ضرورة طرد الشيخ حمد من بلده، موقف لم يتجرأ عليه الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش خلال مواجهته مع الرئيس العراقي صدام حسين، الذي كان متهماً بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
لا يتعارض هذا الكلام مع القانون الدولي فقط، بل إنه يقدم صورة فاقعة عن الغطرسة والطاووسية التي بلغها من أوحى بهذا الكلام الخارج عن أبسط قواعد اللياقة. ومهما يكن من أمر لا يمكن قراءة هذا المقال بمعزل عن ذهنية عامة مريضة تتغذى من حسابات قاصرة يضعها أشخاص لا خبرة لديهم بشؤون السياسة وإدارة الخلافات بين الدول. هؤلاء يريدون تركيع قطر لأنها لا تسير معهم في نفس السياسات، وقد جربوا خلال الأسبوعين الأخيرين ما هو أكثر من ذلك، وبما يتجاوز الضغوط البلوماسية والحملة الإعلامية إلى التهديدات بتقويض الحكم، وهذه سابقة ذات تداعيات سلبية كبيرة.
وزير خارجية السعودية عادل الجبير جعل من نفسه مادة للسخرية في باريس وبرلين، حين تحدّث عن إغلاق قناة الجزيرة وترحيل شخصيات عربية من قطر. في باريس فوجئ بأن فرنسا تستهجن إغلاق قناة تلفزية لأنها لا تنسجم مع سياسة الرياض وأبوظبي، وسمع كلاماً من نظيره الفرنسي، جان إيف لودريان، جعله يبلع لسانه، فباريس استضافت وتستضيف آلاف المعارضين، ومنهم مؤسس "الجمهورية الإسلامية الإيرانية" روح الله الخميني الذي عاد من المنفى الباريسي إلى الحكم.
أطرف خبر أن أبوظبي نجحت في إقناع "الفيفا" بتبديل حكم مباراة فريقها مع تايلاند في تصفيات مونديال عام 2018، القطري الجنسية. موقف يستحق الذي يقف وراءه حفلة تصفيق. كيف خطرت هذه القضية على بال مسؤول إماراتي وراح يعمل عليها؟
هذا المسؤول يستحق مكافأة خاصة لأنه وجد باباً لم يطرقه أحد من أجل تحصين بلاده من شرّ قطر، الذي قد يصل إلى حد تواطؤ الحكم القطري بعد سنة على فريق أبوظبي. كيف وصل إلى هذه الفكرة، وهل سجلها كبراءة اختراع؟
إذا استمرت الحملة على ما هي عليه من دون ضوابط، فليس من المستغرب أن يظهر من بين الصفوف من يدعو لعلاج نهائي للأزمة يقوم على ترحيل قطر من المنطقة، طالما أنها باتت عصية على التدجين وتقديم فروض الطاعة لأبوظبي والرياض، اللتين تقودان جوقة التحريض ضد قطر وأهلها الذين يحظون بتقدير خاص في الخليج وخارجه لما يمتازون به من كرم وتسامح وشهامة وترفّع عن الرد على الأذى بالمثل، وزادهم التحلي برباطة الجأش في وجه الأزمة الحالية التي تعد خارج سياق الخلافات الدولية.