سارع كثر في بريطانيا إلى محاولة فهم أسباب المفاجأة التي فجّرتها رئيسة الحكومة تيريزا ماي بإعلانها، اليوم الثلاثاء، قرار تنظيم انتخابات مبكرة يوم 8 يونيو/حزيران المقبل.
وسبب المفاجأة أن ماي وأركان حزبها (المحافظين)، تعمدوا في الفترة الماضية تكرار نفيهم لنية إجراء أي انتخابات مبكرة، وظلت العبارة الشهيرة لماي تتكرر: "الانتخابات العامة المقبلة ستكون في عام 2020"، أي في موعدها الطبيعي بعد انتخابات 2015.
ويمكن اختصار الأسباب التي دفعت بماي وحزبها إلى اتخاذ هذا القرار بالنقاط التالية:
ترغب رئيسة الحكومة البريطانية وفريقها دخول مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي وهي في موقع قوة، إذ لن تتمتع بهذه الوضعية طالما أنها ليست رئيسة حكومة منتخبة (كنائب) من الشعب، ذلك أنها تسلمت منصبها العام الماضي خلفاً لدايفيد كاميرون نتيجة صدور نتائج استفتاء خروج المملكة من الاتحاد الأوروبي.
وتعوّل ماي على أنها في حال تم انتخابها في 8 يونيو المقبل، ستكسب قوة كبيرة في مفاوضاتها مع بروكسل، أي مع بيروقراطية الاتحاد الأوروبي من أجل تنظيم خروج بريطانيا من الاتحاد.
هذا الكلام أوحت به تعليقات رئيسة حكومة إسكتلندا نيكولا ستورجون، التي اعتبرت أن إعلان ماي هدفه إزاحة بريطانيا نحو اليمين وتعزيز موقف معسكرها خلال مفاوضاتها مع أوروبا وتشديد شروط قطع العلاقات مع الاتحاد، وهو ما تعارضه ستورجون، التي دعت، من حسابها على موقع "تويتر"، الناخبين الإسكتلنديين لـ"الوقوف من أجل إسكتلندا"، أي للتصويت ضد حزب المحافظين.
غير أن زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربن، الرافض لـ"البريكسيت"، حاول الإيحاء بأنه مؤيد للانتخابات المبكرة رغم أن نتائج استطلاعات الرأي لا تصب في مصلحته، فرحب بالدعوة لاعتبارها تصويتاً وبمثابة استفتاء جديد ضد الخروج من الاتحاد الأوروبي. وبررت ماي قرار دعوتها إلى انتخابات مبكرة بالانقسامات الموجودة داخل السلطة التشريعية إزاء الخروج من الاتحاد الأوروبي.
على صعيد آخر، ترجح وسائل إعلام بريطانية أن يكون سبب تمسك ماي حتى اليوم الثلاثاء، بنفي نية تنظيم انتخابات مبكرة، هو عدم رغبتها حصول عدم استقرار في بريطانيا من خلال إطلاق السباق مبكراً للمزايدات الانتخابية الحزبية، بموازاة انطلاق قطار مفاوضات "بريكسيت" التي ستدوم لعامين كاملين بموجب المادة خمسين من النظام الأساسي للاتحاد الأوروبي.
لكن، على ضوء نتائج استطلاعات للرأي، ظهر لماي أن الوقت اليوم هو الأنسب للإعلان عن موعد الانتخابات المبكرة، وذلك لأن حزبها يملك حظوظاً كبيرة جداً بفوز ساحق على حزب العمال الغارق بمشاكله التنظيمية والسياسية.
وفي هذا السياق، أشار استطلاع للرأي صدرت نتائجه في صحيفتي "دايلي ميرور" و"الإندبندنت" يوم الأحد، إلى أن حزب المحافظين يتقدم على حزب العمال في نوايا التصويت بـ21 نقطة مئوية، وهو رقم قياسي، فضلاً عن أن استطلاعاً آخر صدر في مارس/آذار الماضي، خلص إلى أن حزب المحافظين سيربح مقاعد بفارق 112 نائباً عن الحزب الذي سيحل ثانياً في مجلس العموم في حال أجريت الانتخابات المبكرة، من أصل 650 يتألف منهم المجلس، أي أن الحزب سيحل أولاً بفارق كبير عن منافسيه.
وهذه التقديرات التي تتحدث عنها استطلاعات الرأي تعطي تقدماً غير مسبوق للمحافظين منذ انتخابات عام 1983 إبان حقبة مارغريت تاتشر.
وحالياً، لا يتمتع حزب المحافظين سوى بأغلبية ضئيلة من 17 مقعداً في مجلس العموم. وحسب أحدث الاستطلاعات، لدى حزب المحافظين حالياً 46 في المائة من نوايا التصويت، في مقابل 25 في المائة فقط لحزب العمال.