يثير استمرار تأجيل زيارة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي إلى واشنطن، التي كانت مقررة منذ مطلع العام الحالي، لأكثر من مرة ومن دون توضيح الأسباب، تكهنات بإلغائها وبعدم رضا الولايات المتحدة على أداء عبد المهدي جراء عدم حسم موقفه من الصراع الأميركي الإيراني وتنامي نفوذ طهران في العراق.
واعتبر المسؤول أن "ربط الموضوع بقصف معسكرات الحشد الشعبي أو حراك سنّ قانون لإخراج القوات الأميركية من العراق أو الأزمة الإيرانية الأميركية، مجرد تكهنات من نواب وسياسيين عراقيين"، مؤكداً أن مثل هذه الزيارات غالباً ما تتم وفقاً لترتيبات بين الدول المعنية، ويعلن عنها البيت الأبيض قبل مدة وكذلك مكتب رئيس الوزراء نفسه.
من جهته، تحدث عضو البرلمان العراقي عن تيار "الحكمة" علي البديري، لـ"العربي الجديد"، عن وجود "احتمال" بأن تكون الزيارة قد ألغيت بقرار أميركي كتعبير بأنهم (الأميركيين) غير راضين عن عبد المهدي، مستدركاً بالقول إن "هذا احتمال وارد جداً". وأضاف البديري "هذه الزيارة لو تمت فإنها ستكون مهمة جداً، لكن هناك مشاكل بين الكتل السياسية بشأنها".
ولفت إلى أن بعض القوى تريد إصدار قرارات تتعلق بالقوات الأميركية في العراق وكيفية إخراجها، موضحاً أن عبد المهدي يحاول إرضاء هذه الكتل وتجنّب الدخول في مشاكل معها في حال زار واشنطن، مشيراً إلى أن موقف رئيس الحكومة من قصف مقرات "الحشد الشعبي" غير واضح ومتردد، ولغاية الآن لم يعطِ القائد العام للقوات المسلحة (عبد المهدي) رأيه الصريح بهذا الموضوع، مؤكداً وجود ضغط من قبل كتل سياسية لمعرفة رأي رئيس الوزراء بهذا الشأن.
وفي يوليو/تموز الماضي بدأت سلسلة عمليات استهداف لمعسكرات "الحشد" في العراق بطائرات مسيّرة مجهولة، اتهم برلمانيون عراقيون الولايات المتحدة وإسرائيل بالوقوف وراءها، إلا أن الحكومة العراقية لم تتخذ موقفاً واضحاً كما لم تحدد الجهات التي تقف وراء الهجمات.
من جهته، رأى عضو مجلس النواب عن "تحالف القوى العراقية" رعد الدهلكي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "إلغاء أو تأجيل مثل هذه الزيارة يشير إلى عدم رضا أميركي وهي رسالة أيضاً"، مضيفاً أنه "حسب بروتوكول الدول المعمول به، في حالة إلغاء مثل هذه الزيارة إلى مثل هذه الدولة المهمة، فإن ذلك يدل على عدم دعم الحكومة العراقية". ولفت إلى احتمال وجود مؤشرات من قبل الأميركيين على الحكومة العراقية بأنها ضعيفة ولم تقدّم شيئاً، موضحاً أن المجتمع الدولي يراقب عن كثب الحكومة العراقية وما قدّمته لمواطنيها، فإذا كان هناك إخفاق فما حدث يمثل رسالة ضمنية بعدم دعم هذه الحكومة. وتابع "الحكومة ما تزال بلا موقف واضح ولم تحدد هي مع من ودائماً ما تختار السكوت"، مضيفاً أن "المجتمع الدولي ينظر إلى الأمور بوضوح ولا يقرأ ما بين السطور". واعتبر أن عدم اتخاذ مواقف واضحة من قبل الحكومة يؤدي إلى إرباك موقف العراق من بعض الأزمات.
ويضع برلمانيون آخرون الحكومة في المعسكر الإيراني المناوئ للولايات المتحدة، كالنائب عن تحالف "النصر" عدنان الزرفي، الذي قال إن الإيرانيين لديهم نفوذ وتأثير كبيران داخل حكومة عبد المهدي، مطالباً خلال مقابلة متلفزة الحكومة بتحمل مسؤولياتها تجاه ذلك. وخاطب أطراف الحكومة قائلاً: "حددوا موقفا واضحا يخدم الشعب العراقي"، موضحاً أن وجود النفوذ الإيراني لا يعني السماح بتخريب العراق. وأشار الزرفي إلى عدم وجود معسكر سياسي أميركي في العراق حالياً، مبيناً أنه سيذهب إلى هذا المعسكر في حال وجوده. وشدد على ضرورة قيام عبد المهدي بالحديث مع الأميركيين عن طريق القنوات الدبلوماسية، مضيفا "لا يجوز عدم ذهاب رئيس الوزراء إلى الولايات المتحدة على الرغم من مرور عام على تشكيل الحكومة".
من جهته، قال عضو البرلمان العراقي السابق عزت الشابندر، في تصريحات صحافية، إن زيارة عبد المهدي إلى واشنطن تأجلت أكثر من مرة، لافتاً إلى أن رئيس الوزراء يحاول أن يكون على الحياد في الصراع الأميركي الإيراني، إلا أن الأميركيين ينظرون إليه على أنه يميل لطهران.