تضيف غيتا هريهاران برواياتها نكهة جديدة إلى فن الرواية في الهند، تتمثّل بموضوعات مبتكرة تمتزج فيها أساطير الهند بوقائع حياة الناس اليومية. ويبرز هذا الابتكار بشكل خاصّ في أول رواياتها "لليل ألف وجه" (1992).
تقول إنها كتبت هذه الرواية خلال إجازة أمومة؛ حين وجدت نفسها مع طفل رضيع رائع ولكنه لا يبادلها الحديث، ومحاطة بنساء من كل المهن والمعتقدات، وفكّرت أنه حان وقت الكتابة. والنتيجة كانت رواية نسجت فيها حياة ثلاث نسوة من ثلاثة أجيال في مدارس جنوبي الهند.
تكشف مسارات الرواية عن تمزّق مشاعر النسوة بين التراث والمعاصرة في محاولتهن تشكيل حياتهن بطريقتهن الخاصة. وخلال هذه المحاولة، يستحضرن ويُعدن تفسير الأساطير الهندية الكبرى المكتوبة بالسنسكريتية، تلك التي تشكّل قوام ملحمتي المهابهاراتا والرامايانا، بهدف إظهار تغيّر العلاقة بين الجنسين.
وفي رواية "حين تسافر الأحلام" (1999)، تستكشف "غيتا" عالم أمّ رواة الحكايات، شهرزاد، بعد أن ظلّت منذ روايتها الأولى مفتونة بأحلام النساء. تقول عن هذه الموضوعة: "كان السؤال الدائر في ذهني: ماذا كانت تفعل شهرزاد وهي تروي حكاياتها. لقد تخيّلتها في فراش السلطان. أين كانت تجلس أختها وتنتظر؟ أين كان أخوها؟ ومن هنا، توسّع المدى وبدأ يضمّ شخصيات أكثر، وبدأت القصة بالنمو".
أما روايتها "في أزمنة الحصار" (2003)، فخلفيتها واقعية وشخصية. قوامها القمع والاضطهاد، وتقع أحداثها في وسط دلهي الأكاديمي والأدبي، وهو وسط مألوف بالنسبة إليها شخصياً.
شخصية الرواية الرئيسية أستاذ تاريخ جامعي أعدّ محاضرة عن "باسافانا" الشاعر من القرن الثاني عشر والمصلح الاجتماعي وناقد المجتمع الطبقي. زملاء الأستاذ، المتطرّفون في أصوليتهم، طالبوا بمنعه من إلقاء محاضرته بحجة أنها لا تأخذ في حسابها الرؤية الهندوسية الموروثة، وتخدش المشاعر الدينية.
وجاء اختيار الكاتبة لشخصية باسافانا كضحية من ضحايا الرقابة بسبب محاولة منع عرض مسرحية للكاتب شيفا براكاش للأسباب ذاتها، جرت آنذاك.
هذه الرواية ترفع مرآة في وجه المجتمع الهندي الذي تتزايد فيه "الأصولية" المتزمّتة، وتنتشر الكراهية وانعدام الثقة والرقابة. وهي حالة تصفها الكاتبة بالقول:
"الأرض التي نعيش فوقها تنهار وتتمزّق. وأفضل كلمة تصف الحالة التي نحن فيها هي كلمة "الحصار". شعبنا ينكمش يوماً بعد يوم". وعن عدم محبّتها لابتداع ميل هندوسي رسمي تقول: "يبدو هذا كما لو أن المرء يمكن أن يحصر مشهداً ثقافياً معقّداً وغنياً في زي واحد متماثل".