لقاء سلمان-الحريري يبدّد شائعات الإقامة الجبرية: العودة قريبة

07 نوفمبر 2017
التقى الملك السعودي بالحريري أمس (واس)
+ الخط -
لا تزال القوى السياسية اللبنانية تعمل على تحليل شكل استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري وتوقيتها من الرياض، يوم السبت الماضي. وواصلت قناة العربية ممارسة مهمة إطلاق الأخبار المتعلقة بالحريري، وآخرها الأخبار العاجلة التي بثّتها أمس، الإثنين، ومفادها بأن التشويش الذي تقول إن موكب الحريري تعرض له في بيروت قبل أيام من تقديم استقالته، مصدره أدوات إيرانية الصنع، مع أن الأجهزة الأمنية اللبنانية الثلاثة سبق أن نفت علمها بأي معطيات عن محاولة اغتيال للحريري.
ورغم جو الصدمة الذي أحدثته استقالة سعد الحريري، إلا أن الكشف عن استقبال الملك سلمان بن عبد العزيز للحريري في قصر اليمامة أمس، الإثنين، بدد موجة الشائعات التي لاحقت طبيعة إقامة الحريري في المملكة ووضعه القانوني، كونه يحمل الجنسية السعودية إلى جانب الجنسية اللبنانية. وتزامنت الاستقالة وبقاء الحريري في الرياض مع موجة التوقيفات السعودية، التي طاولت أمراء من أحفاد الملك المؤسس، وشخصيات سياسية ومالية رفيعة المستوى في المملكة. ولم تقتصر موجة الإشاعات هذه على المُحللين السياسيين الذين يدورون في فلك "حزب الله" - المعني الأول باستقالة الحريري كونها كانت موجهة ضده - بل شملت الأمين العام للحزب حسن نصر الله، الذي أبدى حرصاً مُستغرباً على سلامة وكرامة الحريري، وذلك في خطابه الذي اتهم فيه المملكة بـ"الإساءة لكرامة لبنان ولكرامة رئيس الحكومة من خلال إجباره على تقديم الاستقالة من الرياض عبر خطاب مكتوب لا يُعبّر عن الحريري وإنما عن المفردات السعودية في التعاطي مع الحزب".
وتنبع غرابة اهتمام نصر الله بمصير الحريري، من تاريخ الخصومة الطويل بين الطرفين ولجوء الحزب إلى خيارات عسكرية وأمنية عديدة في مُختلف محطات الخلاف السياسي مع الحريري ومع "تيار المستقبل".


عادت ساعة "آبل"

تبّدل شكل الحريري بين خطاب الاستقالة الذي ألقاه، وبين مجموعة الصور المُتنوعة التي نشرتها وكالة الأنباء السعودية الرسمية "واس"، وظهر فيها الحريري بكامل أناقته ونشاطه مُرتديا الساعة الحديثة (ساعة آبل) التي تتميز إطلالاته بها بعد أن فقدها المُتابعون في صورة سابقة نشرها الحريري قبل يوم من لقاء الملك، عند استقباله السفير السعودي المعين في لبنان وليد اليعقوب. أظهرت الصور استقبال الملك للحريري بحضور مجموعة مسؤولين رسميين، بينهم وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ووزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان. ولكلا الرجلين علاقات مميزة مع الحريري على الصعيد الشخصي وعلى الصعيد السياسي أيضاً. وكما نفى استقبال الملك السعودي للحريري خبر وضع الأخير قيد الإقامة الجبرية، قطعت الصور التي نشرها الحريري على موقع "تويتر" كل الأحاديث عن "اختفائه" عن مواقع التواصل الاجتماعي. أظهرت الصورة الأولى اجتماع الحريري بالسفير السعودي المُعيّن في لبنان وليد اليعقوب، والثانية لقاءه بالملك سلمان.

وقد توقعت مصادر في "تيار المستقبل" أن يعود الحريري إلى بيروت خلال الساعات المُقبلة لتسليم استقالة مكتوبة إلى رئيس الجمهورية، بعد أن قرر عون انتظار عودة الحريري ولقائه للبت في مسألة الاستقالة. وقد ألمح وزير الداخلية اللبناني، نهاد المشنوق، أمس الإثنين، إلى قرب عودة الحريري، بقوله أمس إن لديه انطباعاً بأن رئيس الوزراء المستقيل سيعود الى بيروت في غضون أيام.

ومن شأن تسليم الاستقالة بشكل رسمي إلى عون من قبل الحريري أن يُحرّك المفاعيل الدستورية لها. ومن المُفترض عندها، أن يُكلّف الرئيس عون الحريري بتسيير الأعمال في الحكومة بانتظار إجراء استشارات نيابية وتكليف شخصية جديدة بتشكيل الحكومة الثانية في عهد عون.

ولا ينص الدستور اللبناني على وضع أي مُهلة أمام رئيس الجمهورية للقيام بالدعوة للاستشارات النيابية أو لتكليف رئيس جديد لتشكيل الحكومة. وقد نفى رئيسا الحكومة السابقان نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة أي نية لهما لقبول تكليف بتشكيل حكومة جديدة، وذلك في إطار الاصطفاف السني خلف الحريري عبر دار الفتوى، التي زارتها العديد من الشخصيات السياسية السنية للقاء المفتي عبد اللطيف دريان، تأكيداً على "وحدة الطائفة".

كما استقبل ميقاتي الوزير السابق عبد الرحيم مراد ورجل الأعمال فؤاد المخزومي، وهما من أبرز حلفاء "حزب الله" السُنّة في لبنان. وفي الوقت عينه، بدا من لهجة خطاب الأمين العام لـ"حزب الله"، حسن نصر الله، يوم الأحد، أنه ليس في وارد اختيار شخصية سنية ذات تمثيل ضعيف ضمن الطائفة لتشكيل حكومة ومواجهة السعودية بها.

وفي هذا الوقت يواصل رئيس الجمهورية عقد عشرات اللقاءات السياسية والأمنية لتدارك الفراغ الذي أحدثته استقالة الحريري.

وفي السياق نفسه، قال وزير العدل اللبناني سليم جريصاتي، أمس الإثنين، إن عون أكد على أن الاستقرار "خط أحمر" بعد استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري المفاجئة، وذلك في أعقاب اجتماع عون بوزراء ومسؤولين أمنيين في قصر بعبدا، أمس، لتقييم الوضع الأمني. ولفت جريصاتي، في مؤتمر صحافي بعد الاجتماع، إلى أن عون لن يتخذ أي إجراء يتعلق باستقالة الحريري قبل عودة الحريري من الخارج. وأضاف جريصاتي أن الرئيس اللبناني "ممسك بناصية القرار وأنه شدد على أن الاستقرار السياسي والأمني والمالي والاقتصادي خط أحمر في لبنان". وتابع أن عون قال إنه ينتظر عودة الحريري كي يستمع منه بشكل شخصي، وإن الاستقالة يجب أن "تكون طوعية بكل المفاهيم".

 

المساهمون