لعبة الكرملين

07 نوفمبر 2014
من تظاهرة في موسكو ضد بوتين (getty)
+ الخط -
"المسير الروسي"، أي مسير المتعصبين القوميين الروس، تشهده موسكو كل عام منذ عشر سنوات. لكن السلطة سيّرته هذه السنة، في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، يوم عيد "الوحدة الشعبية"، وفق قواعد لعبة سبق أن اختبرتها في سبتمبر/أيلول الماضي في "مسيرة السلام" التي نظمتها المعارضة ضد تدخل الكرملين في أوكرانيا.

اللعبة تقول: تريدون الخروج، أهلا وسهلا، ولكنكم ستسيرون في المكان الذي نحدده، وسنقوم بنشاط شعبي مواز لنشاطكم الشعبي، وربما يشارك أنصارنا في نشاطكم. تريدون السلام، نحن أيضا نريده، تريدون العزة للشعب الروسي، نحن أيضا نريدها، وفيما أنتم تريدون السلام للبعض فنحن نريده للكل، وتهتفون بالعزة لبعض الشعب فنحن نطالب بها له كله. أمّا في الجوهر ــ والخطاب موجه للغرب الذي يرى الكرملين يداً له في كل خروج معارض ــ فأنتم تريدون الحق للبعض، أي بعض الحق، بينما نريد الحق للجميع، أي كل الحق. والمعيار هو القوانين والأعراف والمواثيق الدولية. تريدون تجزئتها، فيما نحن نريدها كاملة قابلة للتطبيق في كل مكان. تريدونها للبيض، نريدها للبيض والملونين، من شعبنا وشعوب أخرى.

هكذا، أنزلت السلطة الروسية أنصارها، فاضمحلّت أعداد المعارضين قياساً بالموالين في "مسيرة السلام"، وبدا "المسير الروسي" هامشيا بآلافه التي تقل عن خمسة آلاف قياسا بأنصار السلطة الذين فاقت أعدادهم 75 ألفا. الأدهى من ذلك، أن مسير القوميين الروس تلقّى هذه السنة ضربة أدت إلى انشقاقه إلى مسيرين. الانشقاق، حصل بين تيارين، أحدهما يدعم القوميين الأوكرانيين الذين يقاتلون ضد أنصار روسيا في إقليم دونباس، وآخر، رغم عصبيته القومية التي تظهر ضد "الملوّنين"، مع الكرملين في الجوهر في مسألة "روسيا الجديدة".

إلى ذلك، فقد تم تنظيم مسير السلطة بشارع تفيرسكوي في قلب موسكو، فيما رخّص للقوميين المؤيدين لدونباس بمسير في حي شوكينو، والموالين لكييف في حي لوبلينو، وكلاهما على أطراف موسكو. وقد سبق ذلك اعتقال ألكسندر بوتكين، أحد زعماء القوميين، ووجهت إليه تهمتان: سحب مبالغ كبيرة جدا من أحد بنوك كازاخستان عن طريق الاحتيال، والتحريض على الكراهية القومية.