لعبة الظهور والاختباء لمواجهة الإرهاب

07 أكتوبر 2015
تستغل التنظيمات الارهابية مواقع التواصل للحشد (Getty)
+ الخط -
أتاح الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي تحديدًا، العديد من الفرص للمنظمات الإرهابية لـ"التعبير عن نفسها"، وتجنيد أعضاء جدد، بالإضافة إلى التمويل المالي.

ففي الوقت الذي كانت فيه المنظمات الخارجة عن الدولة تقوم بنشر أفكارها، وخلق الدعاية أو "البروباغندا" خاصتها، والتجنيد، من خلال التواصل الشخصي المباشر، أو توزيع المنشورات، بطريقة بدائية تتضمن العديد من المخاطر الأمنية يسَّرت شبكات الإنترنت طرق عمل هذه المنظمات، وضاعفت من تأثيرها، لكن الأمر لا يخلو من مخاطرة أيضا، وإن كانت طبيعة المجازفة تختلف بسبب اختلافات تقنية.

ويشير تقرير مؤسسة "بروكينغز" حول نشاطات تنظيم "داعش" في "تويتر" "كشبكة تواصل اجتماعي"، إلى أنّ "التنظيم امتلك على أقل تقدير ما بين 46 ألفاً و70 ألف حساب داعم للتنظيم وينشر أفكاره خلال الفترة ما بين سبتمبر/أيلول وديسمبر/كانون الثاني 2014. كما أشار التقرير، والذي نشر في بدايات هذا العام، إلى أن متوسط المتابعين للحساب الواحد الداعم لداعش يقارب الألف متابع، وهو رقم كبير مقارنةً بمتوسط المتابعين للحسابات العادية في تويتر.

يعطي التقرير انطباعًا حول الحضور الفعلي لتنظيم داعش في تويتر. يحاول الموقع جاهدا إغلاق الحسابات التي تمثل تهديدا أمنيا، أو ينتمي أصحابها إلى تنظيمات إرهابية. لكن لو قارنا بين إغلاق ألف حساب في الفترة بين سبتمبر وديسمبر 2014، مقارنة بوجود 46 ألف حساب تابع أو متعاطف مع التنظيم، تبدو المعركة عصيبة.

المثير في تقرير بروكينغز، أنه يعزو نجاح التنظيم في الحشد عبر تويتر، ونشر الدعاية، إلى رقم محدود من الحسابات التابعة له، تتراوح ما بين 500 و2000 حساب. مما يعني أن كتلة صلبة محدودة (مقارنة برقم 46 ألف حساب) يمكن أن تصنع فارق التأثير في شبكات التواصل الاجتماعي.

استغل هامش الحرية على مواقع التواصل في مواجهة حكومات استبدادية، ونشر ثقافة حقوق الإنسان، كما استغلّ في ارتكاب جرائم جنسية، وأخرى تتعلق بأنشطة بيع الممنوعات وتداولها. المعضلة التي يراها مراقبون في هذا السياق، تكمن في خلق توازن بين حرية التعبير، كحق أصيل للإنسان، وبين مواجهة المنتمين لمنظمات إرهابية، وخنق دعايتهم، والتضييق على تحركهم في مواقع التواصل الاجتماعية.

في حديث لـ"العربي الجديد"، يرى الأستاذ أحمد العصيمي، المتخصص في التقنية، أن المنظمات الإرهابية تستخدم الشبكات الاجتماعية لعدة أغراض، أهمها تجنيد الأعضاء الجدد، والحفاظ على ولاء المتعاطفين، والتخطيط لشن هجمات وتبادل المعلومات عنها، بالإضافة إلى جمع الدعم المالي. لكن فائدة الشبكات الاجتماعية لا تتوقف عند تسهيل الأنشطة الإرهابية، فهي أيضا تسهل عمل السلطات الأمنية التي تواجه هذه المنظمات، بما يشبه خوض لعبة ظهور واختباء طويلة الأمد، بين الإرهابي ورجل الأمن.

اقرأ أيضاً: 10 علامات تُعرّفك إلى المغرّد الداعشي

ويرى العصيمي أن السلطات الأمنية تستطيع أن تتبع العنوان IP بالتعاون مع الشركات المشغلة لمواقع التواصل، مما يمكنها من كشف هوية الأشخاص الذين خلف الحسابات التي تدعم المنظمات الإرهابية أو تنتمي إليها. كما يمكن اختراق المنظمات الإرهابية عن طريق التقنية وسحب معلومات عن المراسلات بينها، مما يسهل القبض على المتورطين في تلك العمليات، أو منع وقوع هجمات.

ويضيف العصيمي، أن السلطات الأمنية تستطيع من خلال استخدام الشبكات الاجتماعية اختراق المنظمات الإرهابية عن طريق انتحال معرفات إرهابية تخترقهم اجتماعيا، بادعاء التعاطف مع
الأفكار المتطرفة، أو التنظيم الإرهابي. وتستطيع بحسب العصيمي، من خلال هذا الانتحال جمع المعلومات، أو خلق بعض المنازعات بين أفراد التنظيم، أو التنظيم وبيئته الحاضنة، وفي كثير من الأحيان تنعكس هذه المنازعات والمشاكل على الواقع.

تستطيع السلطات الأمنية أيضا، كما يقول العصيمي، تحليل المحتوى الذي تقوم بنشره المعرفات المنتمية أو المتعاطفة مع التنظيمات الإرهابية، وقياس التفاعل معها، لأجل معرفة العوامل التي تستطيع هذه المنظمات من خلالها التأثير على أتباعها، لفهم آليات عمل هذه المنظمات، وطريقتها في التأثير والحشد.


اقرأ أيضاً: السعودية: جدل حول دعوات لـ"الجهاد في سورية"