لعبة "القط والفأر" بين مستخدمي تيليغرام والحكومة الإيرانية

01 يناير 2018
(ديميتري فيوكتيستوف/تاس)
+ الخط -
مع انتشار الاحتجاجات في مدن إيرانية مختلفة، ساعدت قناة على تطبيق تيليغرام، يديرها الصحافي الإيراني المنفي روح الله زام، في تأجيج مشاعر الإيرانيين المحتجين. لكن سرعان ما أغلق "تيليغرام" القناة بعد شكوى من السلطات الإيرانية على أنها تحرض على العنف. ثمّ سرعان ما حجبت السلطة في إيران التطبيق نهائياً في البلاد يوم أمس.

لكن زام عاد وأطلق قنوات جديدة تنشر رسائل حول احتجاجات مقبلة وشارك مقاطع مصورة من التظاهرات.


من الصعوبة بمكان المبالغة في تقدير قوة تيليغرام في إيران. فمن بين سكانها البالغ عددهم 80 مليون هناك ما يقدر بـ40 مليون شخص يستخدمون التطبيق المجاني الذي أسسه الروسي بافل دوروف. فمستخدموه يتشاركون المقاطع المصورة والصور، ويشتركون في مجموعات حيث يتواصل الجميع من سياسيين إلى شعراء مع زملائهم في نفس المجموعات.

وفيما تحظر السلطات مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر وتفرض رقابة على أخرى، يمكن لمستخدمي تيليغرام أن يقولوا أي شيء تقريبا. ففي الانتخابات الرئاسية الأخيرة، لعب التطبيق دوراً كبيراً في دفع الناس للإقبال على التصويت ونشر الخطب السياسية.

يروج تيليغرام لنفسه على أنه قوي التشفير ويسمح للمستخدمين بتدمير رسائلهم ذاتياً بعد فترة معينة ما يجعله مفضلاً لدى الناشطين وبعض الذين يشعرون بقلق حيال خصوصياتهم. وهذا أيضا ما يقلق السلطات الإيرانية.

استغل زام التطبيق لمشاركة الأخبار والمعلومات التي ينشرها موقعه "آمادنيوز". فالمنشورات تضمنت توقيتات وأماكن للاحتجاجات فضلاً عن مقاطع مصورة للمتظاهرين وهم يرددون هتافات استهدفت المرشد الأعلى آية الله علي خامئني والرئيس حسن روحاني، المعتدل نسبياً في الحكومة الإيرانية التي يشرف عليها رجال الدين.

ونزل آلاف إلى الشوارع في مدن عديدة في الثلاثة أيام الماضية للإعراب عن غضبهم من معدلات البطالة المرتفعة وزيادة الأسعار في أكبر مظاهرات منذ تلك التي أعقبت انتخابات متنازع عليها قبل تسع سنوات.

غير أن المسؤولين استهدفوا تيليغرام في تصريحات حديثة، فيما مضى الادعاء أبعد من ذلك وقدم اتهامات جنائية ضد دوروف.

وكتب وزير الاتصالات الإيراني محمد جواد أزاري جهرومي يوم السبت إلى دوروف على تويتر يشتكي من أن "آمادنيوز" كان "يشجع على سلوك الكراهية واستخدام قنابل المولوتوف والانتفاضة المسلحة والاضطراب الاجتماعي".



رد دوروف بالقول إن تيليغرام أوقف الحساب.

غرد دوروف "بدأت قناة على تيليغرام (آمادنيوز) في توجيه مشتركيها إلى استخدام قنابل المولوتوف ضد الشرطة وحجبت بسبب قاعدتنا "لا لمطالب العنف". احرص - هناك خطوط لا يجب على المرء تخطيها".

ونفى زام الذي كان قد قال إنه فر من إيران بعد أن اتهم زوراً بالعمل مع أجهزة استخبارات أجنبية، التحريض على العنف على تيليغرام.

أثار قرار تيليغرام انتقادات من المدافعين عن حرية الإنترنت والإيرانيين. فإدوارد سنودن، المتعاقد السابق لدى وكالة الأمن القومي الذي كشف برامج مراقبة الحكومة الأميركية في 2013، قال إن تيليغرام عليه - بدلاً من إغلاق الحساب - أن يعمل على كيفية إتاحة الخدمة بعد حظر محتمل من جانب الحكومة.

وكتب سنودن على تويتر "تيليغرام سوف يواجه ضغوطاً متزايدة مع الوقت للتعاون مع مطالب الحكومة الإيرانية لأجل هذا أو ذاك." وأضاف: "لا يمكنك أن تحافظ على خدمة مستقلة مزعزعة للاستقرار من أن تحظر في الأنظمة الاستبدادية، يمكنك فقط تأخير ذلك."

وأثبتت تلك الكلمات صدقية تنبؤاتها الأحد، حيث كتب دوروف نفسه على تويتر أن إيران أغلقت التطبيق "بالنسبة لأغلب الإيرانيين بعد رفضهم العلني لإغلاق... القنوات التي تحتج سلميا." وفي وقت لاحق نقل التلفزيون الإيراني الرسمي عن مسؤول لم يعلن هويته قوله إن التطبيق بات مقيداً لفترة مؤقتة كإجراء سلامة.




شكل ذلك أيضا ضربة لزام، ابن رجل الدين محمد علي زام، الإصلاحي الذي عمل من قبل في موقع سياسي في الحكومة مطلع ثمانينيات القرن الماضي. كتب رجل الدين خطاباً نشرته وسائل الإعلام الإيرانية في يوليو/ تموز قال فيه إنه لا يدعم ابنه في تقارير "آمادنيوز" ورسائله على قناة تيليغرام الخاصة به.

وكتب رجل الدين "وجدت أنك تتخطى الخط الأحمر"، في إشارة إلى تعليقات تداولتها القناة حول المرشد الأعلى آية الله علي خامئني. وقال "خطنا الأحمر المرشد الأعلى، لكنك تخطيت الخط الأحمر."

لم يرد زام على طلب تعليق من أسوشييتد برس الأحد رغم أنه نشر مقطعاً مصوراً في وقت متأخر السبت أن القناة حجبت.

وقال زام في رسالة إلى متابعيه "للأسف آمادنيوز حجب". وأضاف أن قناة جديدة "سوف تواصل عملها كما كانت من قبل وبمساعدة من الله، سوف نصبح ملايين مرة أخرى".

شاهد الرسالة الأولى على القناة الجديدة ما لا يقل عن 1.7 مليون شخص بحسب تيليغرام. وطالبت باحتجاجات الأحد في أماكن في أنحاء إيران قبل أن تأمر الحكومة بإغلاق التطبيق.

(أسوشييتد برس)


المساهمون