تحت عنوان "تشتيت ذهني"، أقيم مؤخّراً في عمّان معرض للفنان لطفي زايد، الذي ضمّ 16 عملاً تنتمي إلى الرسم التعبيري. جاءت اللوحات في مجموعتين؛ الأولى ترتبط بأمثال شعبية ومقولات (إفّيهات) متداولة بين أفراد المجتمع، والثانية تعتمد على التركيز على الوجوه بشكلٍ ينزع نحو التجريد؛ إذ تظهر بأبعادٍ غير منطقية، وتُعاد قولبتها بأسلوب ساخر.
ورغم الاختلاف بين المجموعتين، إلّا أنّ رابطاً مُشتركاً أساسياً يجمع بينهما؛ هو ذلك النَّفس الكاريكاتوري الذي يؤثّر فيهما. في حديث مع "العربي الجديد"، يوضّح زايد هذه النقطة: "الكاريكاتور من الفنون المهمة التي أثرت على عملي بشكل كبير، سواء من الناحية البصرية أو من الناحية الفكرية".
ويضيف زايد: "تستهويني تلك القدرة الكبيرة لبعض الخطوط البسيطة شكلاً، والعميقة مضموناً، بإيصال الرسائل والأفكار"، مشيراً إلى أنّ الكاريكاتور يبقى مُرتبطاً براهنٍ آني ولحظي، وسياسي غالباً: "في حين أحاول أن تكون أعمالي أكثر عموماً وشمولاً من أن تظلّ مرتبطة بمتغيّرات سريعة".
عودةً إلى المجموعتين، يشير الفنان إلى أن الأولى "تحاكي أفكاراً مباشرةً نوعاً ما، مُستقاة من عبارات مألوفة لدينا، لكن هذا لا يعني أن طريقة تلقّي العمل ستكون مباشرة أيضاً؛ أحاول أن يظلّ قابلاً للتأويل والتفسير بعدّة طرق".
يفرّق زايد بين المجموعتين من ناحية المضمون، فبينما يحاول في الأولى أن تكون الفكرة هي الجاذب الأساسي والمكوّن الرئيسي للعمل، يذهب في الثانية إلى "الاحتفاء بالتكوينات الغريبة لتتماشى جنباً إلى جنب مع تلك الأفكار"، لافتاً إلى أن المجموعتين تكمّل كل واحدة منهما الأُخرى.
يعرف العنصر الشعبي في أعمال زايد حضوراً لافتاً؛ إذ يستند كثير منها إلى رموز ومُنتجات ومقولات متداولة. كما يُلاحظ فيها أيضاً التلاعُب اللفظي على معنى المفردة الواحدة، التي يُمكن قراءتها في اتجاهين، مثل Boat، التي تعني في الإنجليزية قارب، وتوازيها في العربية لفظة "بوط"، التي تعني حذاء. يقول: "أُعيد تدوير هذه العبارات والمُنتجات، وأُخرجها من حيّزها "الخام"، محاولاً أن أقاربها كعنصر بصري يُحاكي الشارع ومفرداته".
من هنا، في ما يبدو، جاء اسم المعرض أيضاً، من خلال قلب وإعادة تدوير هذه العناصر، وتوظيفها في سياقٍ آخر: "تشتيت ذهني هو نافذة لتأمل الأشياء من حولنا بمنظور مختلف. ولا يقتصر الأمر فقط على المستوى الذهني بالنظر إلى الأشياء والحُكم عليها، بل يتعداه ليشمل أبسط التفاصيل التي اعتدنا رؤيتها خلال حياتنا اليومية، والتي لم نكن نلقي لها بالاً أو انتباهاً كبيرين".