لجنة حريات الصحافيين: 42 عاماً من النضال

25 مارس 2017
خلال انتخابات النقابة الأخيرة (العربي الجديد)
+ الخط -
في أول اجتماع لمجلس نقابة الصحافيين المصريين، عقب انتخابات التجديد النصفي الأخيرة، تم التوافق على اختيار الصحافي وعضو المجلس، عمرو بدر، مقررًا للجنة الحريات بالنقابة.
قبل هذا الاجتماع، واختيار بدر بالتوافق؛ كان هناك حالة من التربّص للجنة الحريات تحديدًا. بل إن خمسة من أعضاء المجلس كانوا سيمتنعون عن حضور اجتماع مجلس النقابة الأول، إذا لم يتم اختيار مقرري اللجان بالتوافق، واللجوء للتصويت، حسبما علمت "العربي الجديد" من مصادر داخل مجلس النقابة بتشكيله الجديد.
كانت انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحافيين في 17 مارس/آذار الحالي، قد حسمت مقعد النقيب لصالح مدير تحرير جريدة "الأهرام" القومية وعضو الحزب الوطني المنحل سابقًا، عبد المحسن سلامة، بفوزه على منافسه الأبرز والنقيب السابق، يحيى قلاش.
وفاز على مقاعد المجلس الستة، ثلاثة أعضاء فوق السن، هم محمد خراجة وحسين الزناتي من "الأهرام"، وجمال عبد الرحيم من صحيفة الجمهورية القومية، وفاز من تحت السن أيمن عبد المجيد من صحيفة روز اليوسف القومية، ومحمد سعد عبد الحفيظ من صحيفة الشروق الخاصة، وعمرو بدر رئيس تحرير بوابة "يناير" الخاصة.
كان هناك تخوّف من تكييف لجنة الحريات لأحد من أعضاء النقابة الموالين سياسيًّا للنقيب الجديد ــ مرشح الدولة ــ ما كان سيؤدي بالتبعية إلى إهدار فكرة ودور اللجنة التاريخي في الدفاع عن الحريات بشكل عام لا عن حريات الصحافيين وحدهم.
منذ البداية، أعلن عمرو بدر، الصحافي المعارض الذي برّأته المحكمة عقب حبسه عدة أشهر في واقعة القبض عليه من داخل مبنى النقابة في الأول من مايو/أيار العام الماضي، على خلفية مواقفه الرافضة لتنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير، استعداده للتكليف بلجنة الحريات خلفا لخالد البلشي، مقررها السابق، الذي خسر في انتخابات التجديد النصفي الأخيرة.
وحول بدر، كان خمسة من أعضاء المجلس يدعمون موقفه لتولي اللجنة، خشية تكليف آخر بها يضيع مهامها وطبيعة عملها ودورها التاريخي في النضال من أجل الحريات.

لماذا لجنة الحريات؟

تاريخيًا، لجنة الحريات بنقابة الصحافيين المصرية، واحدة من أهم لجان النقابة الست التي نصت عليها اللائحة الداخلية لنقابة الصحافيين، والتي نصت في البند السادس الخاص بـ"النشاط النقابي"، على: "يشكل مجلس النقابة في أول كل دورة له اللجان اللازمة ويكون مقرر كل لجنة مسؤولا عن دعوة اللجنة وسير العمل فيها، وهو الذي يعرض تقاريرها على مجلس النقابة ولا تعتبر هذه التقارير نهائية إلا بعد تصديق المجلس عليها".

واللجان هي "لجنة التسويات، ولجنة المعاشات وتختص بإدارة صندوق المعاشات، ولجنة الحريات والشؤون السياسية وتختص بمتابعة النشاط السياسي داخل النقابة وخارجها والاتصال بالتنظيم السياسي وطبقًا للمادة 47 من القانون، ولجنة العلاقات الخارجية، ولجنة الرعاية الاجتماعية، ولجنة الشؤون الثقافية"، فضلا عن "لجنة النادي وتختص بإدارة نادي النقابة وتنفيذ لائحته وإعداد أوجه النشاط الاجتماعي والفني للأعضاء وما يتطلبه ذلك من اتصالات ويرأسها مراقب النادي"، ولم يعد لها وجود بتغيير مبنى مقر النقابة حيث كانت ناديًا من قبل.
ولجنة حريات الصحافيين هي اللجنة المسؤولة عن إصدار التقارير الخاصة بأوضاح الحقوق والحريات خلال الدولة النقابية، فضلا عن تنظيم المؤتمرات والحملات الصحافية والنقابية دفاعا عن المهنة والحريات بشكل عام.

تاريخ لجنة الحريات

كان الصحافي والنقابي المصري، سامي منصور، أول مقرر للجنة الحريات بنقابة الصحافيين المصرية في مجلس النقابة التاسع والعشرين في الفترة من 1975 وحتى 1977، عندما كان عبد المنعم الصاوي نقيبًا للصحافيين حينها.
ظل منصور مقررًا للجنة في مجلسي النقابة اللاحقين الثلاثين والحادي والثلاثين، في الفترة من 1977 حتى 1982 عندما كان نقيب الصحافيين المصريين هو كامل الزهيري الذي خاض مع مجلسه، أحد أبرز وأهم المعارك التي خاضها النقابة في تاريخها، بعد زيارة الرئيس المصري الراحل، أنور السادات لـ"إسرائيل"، وألقى خطابًا في الكنيست ووقّع اتفاقية “كامب ديفيد”، وبدأ الصحافيون انتقاد نهجه وسياساته، ما أثار غضبه وقرر تحويل النقابة إلى "نادٍ للصحافيين". فقاد كامل زهيري، نقيب الصحافيين في هذا الوقت حملة معارضة لقرار السادات، فرد عليه الصحافيون بقرار "حظر التطبيع النقابي مع الكيان الصهيوني حتى يتم تحرير جميع الأراضي العربية المحتلة وعودة حقوق الشعب الفلسطيني"، وفي مارس/آذار سنة 1980 صدّقت الجمعية العمومية للصحافيين على هذا القرار وكانت أول نقابة مهنية تتخذ هذا الموقف.

ثم في أوائل الثمانينيات، ومع مجلس النقابة الثالث والثلاثين، تولى الكاتب الصحافي البارز محمود عوض، الملقب بـ"عندليب الصحافة المصرية" مهمة لجنة الحريات بالنقابة، لمدة أربع سنوات من 1983 وحتى 1987.
ثم خلفًا لعوض، تمكن الكاتب الصحافي المصري، محمد عبد القدوس، من الحفاظ على لقب "مقرر لجنة الحريات منذ عام 1987 وحتى عام 1999، حيث غاب عن مجلس النقابة للمرة الأولى بعد 12 عامًا متواصلة، لدورة نقابية واحدة عندما كان إبراهيم نافع نقيبًا للصحافيين في مجلس عام 1999 وحتى عام 2003، ثم عاد للمجلس من جديد مقررًا للجنة الحريات منذ عام 2003 وحتى عام 2013.
ثم حصل الكاتب الصحافي خالد البلشي، على لقب مقرر لجنة الحريات بالنقابة لمدة دورة نقابية واحدة من عام 2013 وحتى 2017. وأخيرا، تولى عمرو بدر منصب مقرر لجنة الحريات بالنقابة.

دور لجنة الحريات ما قبل ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 وما بعدها

كان للجنة الحريات بنقابة الصحافيين المصرية، دور بارز في فضح انتهاكات طوال السنوات التي سبقت اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني 2011. بل كان سلم نقابة الصحافيين المصرية، هو قِبلة المحتجين وملاذ المتظاهرين طوال سنوات ما قبل الثورة وما بعدها.
وكانت قاعات نقابة الصحافيين المصرية، بالتنسيق مع لجنة الحريات، تعجّ أسبوعيًا بمؤتمرات عمالية ونقابية ومهنية تتحدث عن الحقوق والحريات، وتشهد تدشين نقابات عمالية مستقلة وحملات مقاومة مثل "لا للتوريث".
كما لعبت للجنة الحريات دورًا مهمًا في الحشد والدعوة والمشاركة في الفعاليات الاحتجاجية والثورية قبل اندلاع الثورة.
وبعد الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو/تموز 2013، كانت التقارير الصادرة عن لجنة الحريات بالنقابة، وحدها تتحدث عن واقع الحريات في مصر، بعيدًا عن افتراءات الإعلام المصري الموالي للنظام.
وصدرت تقارير اللجنة تتحدث عن انتهاكات تمارَس ضد الصحافيين في السجون ووسائل الاحتجاز المختلفة، وتندد بحبس واعتقال الصحافيين، وتطلق حملات للتضامن مع الصحافيين وأسرهم، وتنظم إعاشات لذوي الصحافيين وتتابع قضاياهم بالتعاون مع محامي النقابة.
وكان آخر تقرير صادر عن الجنة عن عام 2015، قد رصد 782 انتهاكًا بحق الصحافيين خلال العام الماضي، وأكثر من 42 صحافيًا ما بين محبوسين أو مهددين بالحبس، و28 صحافيًا داخل أماكن الحبس والاحتجاز المختلفة، وسبعة أحكام بالحبس صادرة غيابيا، وثمانية صحافيين محوّلين للتحقيق، ببلاغات من وزير العدل.
كما رصدت اللجنة حتى بداية فبراير 2016 استمرار حبس أكثر من 27 صحافيًا في قضايا متنوعة.
وذكرت اللجنة أنه خلال عام 2015 والشهر الأول من 2016، نظمت عشرات المؤتمرات والندوات والمسابقات والوقفات الاحتجاجية للتنديد بالانتهاكات التي يتعرض لها الصحافيون سواء بالحبس والسجن أو الفصل التعسفي، كما أطلقت حملة "هنعالجهم ونخرجهم.. الصحافة مش جريمة" لتحسين الأوضاع الصحية للزملاء المحبوسين، وأنها نظمت يوم احتجاج الصحافيين (حماية نقابية، أجور عادلة، لا للفصل، لا للحبس).

المساهمون