18 أكتوبر 2024
لبنان والعودة إلى الحضن العربي
يستعد الرئيس اللبناني، العماد ميشال عون، بدءاً من الأسبوع المقبل، للقيام بجولة على دول عربية، زار وزراء خارجيتها أو ممثلوها القصر الرئاسي، مهنئين بانتخابه رئيساً للجمهورية، وستبدأ الجولة من المملكة العربية السعودية، ومن ثم إلى قطر، وهي تحمل، بحد ذاتها، معانٍ كثيرة، تؤكد حرص الرئاسة اللبنانية على إعادة الانفتاح نحو الحاضنة العربية، لأنها تدرك أن العمق العربي، والخليجي تحديداً، هو الرئة التي يتنفس منها الاقتصاد اللبناني، سواء في الدعم المباشر الذي تقدّمه دول الخليج إلى لبنان، أو في الدعم غير المباشر الذي يتولاه المغتربون اللبنانيون في دول مجلس التعاون. ولبنان، في هذه المرحلة، من أشد ما يكون إلى علاج أزمته المالية والاقتصادية التي وصلت إلى حدودٍ صعبة للغاية. وتعرف حكومة العهد الأولى ذلك جيداً، وتعرف أيضاً أن عودة العلاقة إلى سابق عهدها مع الدول العربية، والخليجية منها تحديداً، يفتح الباب أمام إعادة الثقة بلبنان، والدولة. وبالتالي، عودة الاستثمارات الخليجية من ناحية، والمساعدات من ناحية ثانية، وهو ما يحتاجه البلد الذي يعاني من أزماتٍ في الماء والكهرباء ومعالجة النفايات .. إلخ.
وعد الرئيس عون أن تكون أولى زياراته الخارجية إلى السعودية، وأن تبدأ بعد نيل الحكومة الثقة، وها هو يطرح على الحكومة، في أول اجتماع لها، مسألة الزيارات، وأن تبدأ من السعودية، ما يعكس حرصه على استعادة دفء العلاقة مع المملكة، ومع بقية دول الخليج، وهو الذي أدرك أن وصوله إلى كرسي الرئاسة كان بتسهيلٍ، بل وبدعم من قيادة المملكة، وهي التي وعدت، على الدوام، أن تقف إلى جانب لبنان الدولة والمؤسسات. ومن المؤكد أن انطلاق هذه الجولة الخارجية من السعودية لا يعني، بشكل جازم وقاطع، أن لبنان قد تموضع إلى جانب هذا المحور كما يحلو لبعضهم، ولكن يؤكد أنه يفضّل أن تكون علاقته مع أشقائه مقدَّمة على غيرها من العلاقات، من دون أن تؤدّي، بالضرورة، أيضاً إلى تخريب علاقات لبنان مع المحيط الإقليمي. وهنا، يراهن الرئيس عون، ومعه الحكومة التي توافقه بشبه إجماع، على استعادة العلاقات الطبيعية مع الأشقاء العرب، ومن المؤكد أن هذا التوجّه سيلقى ما هو مطلوب، وسيجد أن العرب أيضاً حريصون على لبنان، ووحدته وتنوّعه، وعلى قيام دولة المؤسسات فيه، ولا يطلبون من لبنان أكثر من أن ينأى بنفسه عن أحداث المنطقة وأزماتها، وهذه كانت سياسة الدول العربية منذ انفجرت التطورات في المحيط العربي، لا سيما في سورية، فلم يطلب العرب من لبنان أكثر مما له قدرة على تحمّله، وجل ما طلبه العرب، خلال الفترة الماضية، هو عدم الانخراط اللبناني، أو عدم التورّط في الأزمة السورية تحديداً، فضلاً بالطبع عن العراق واليمن وغيرهما.
اليوم الحكومة والعهد أمام تحدٍ جديد، فيما يتصل بإعادة ربط العلاقة مع الأشقاء العرب، وتطبيعها وعودتها إلى سابق عهدها الذي كان قائماً على الثقة والتعاون، ويتركز هذا التحدّي على إقناع الأطراف المتورّطة بالوحول السورية بالانسحاب من هناك، والاكتفاء بهذا الحجم من المآسي التي أصابت الشعب السوري، وأصابت أيضاً البيئة الحاضنة لهذه الأطراف، فضلاً عن أنها أصابت اللبنانيين بشكل عام.
الحكومة والعهد اليوم أمام تحدّي تثبيت سياسة النأي بالنفس التي أوردها رئيس الجمهورية في خطاب القسم، والحكومة بشكل ما في بيانها الوزاري، وإلا فإن استعادة ثقة العرب بلبنان لن تكون سهلةً، وهي فرصة اليوم قائمة من أجل إعادة ربط هذه العلاقة.
أما الحديث عن زياراتٍ إلى دول أخرى في الإقليم، فإن من حق الرئيس، ومن حق الحكومة أن تقرر ما تشاء من زياراتٍ، طالما أنها في صالح لبنان واللبنانيين، إلا أن الحديث عن زيارة إلى سورية، في هذا الوقت بالذات، قد يعيد إنتاج الأزمة داخلياً وخارجياً، ولا يظنّن أحد أن بعض الزيارات على المستوى الدولي التي حصلت إلى دمشق أعادت إلى النظام شرعيته، أو تعيده إلى الحظيرة الدولية، فلا يستعجلن أحد في لبنان هذه الزيارة، خصوصاً وأن الحديث اليوم يجري عن تسويةٍ ستنطلق من العاصمة الكازاخية (أستانة) وقد تتمخص عن نظامٍ جديد، لن يكون فيه رموز النظام الحالي.
وعد الرئيس عون أن تكون أولى زياراته الخارجية إلى السعودية، وأن تبدأ بعد نيل الحكومة الثقة، وها هو يطرح على الحكومة، في أول اجتماع لها، مسألة الزيارات، وأن تبدأ من السعودية، ما يعكس حرصه على استعادة دفء العلاقة مع المملكة، ومع بقية دول الخليج، وهو الذي أدرك أن وصوله إلى كرسي الرئاسة كان بتسهيلٍ، بل وبدعم من قيادة المملكة، وهي التي وعدت، على الدوام، أن تقف إلى جانب لبنان الدولة والمؤسسات. ومن المؤكد أن انطلاق هذه الجولة الخارجية من السعودية لا يعني، بشكل جازم وقاطع، أن لبنان قد تموضع إلى جانب هذا المحور كما يحلو لبعضهم، ولكن يؤكد أنه يفضّل أن تكون علاقته مع أشقائه مقدَّمة على غيرها من العلاقات، من دون أن تؤدّي، بالضرورة، أيضاً إلى تخريب علاقات لبنان مع المحيط الإقليمي. وهنا، يراهن الرئيس عون، ومعه الحكومة التي توافقه بشبه إجماع، على استعادة العلاقات الطبيعية مع الأشقاء العرب، ومن المؤكد أن هذا التوجّه سيلقى ما هو مطلوب، وسيجد أن العرب أيضاً حريصون على لبنان، ووحدته وتنوّعه، وعلى قيام دولة المؤسسات فيه، ولا يطلبون من لبنان أكثر من أن ينأى بنفسه عن أحداث المنطقة وأزماتها، وهذه كانت سياسة الدول العربية منذ انفجرت التطورات في المحيط العربي، لا سيما في سورية، فلم يطلب العرب من لبنان أكثر مما له قدرة على تحمّله، وجل ما طلبه العرب، خلال الفترة الماضية، هو عدم الانخراط اللبناني، أو عدم التورّط في الأزمة السورية تحديداً، فضلاً بالطبع عن العراق واليمن وغيرهما.
اليوم الحكومة والعهد أمام تحدٍ جديد، فيما يتصل بإعادة ربط العلاقة مع الأشقاء العرب، وتطبيعها وعودتها إلى سابق عهدها الذي كان قائماً على الثقة والتعاون، ويتركز هذا التحدّي على إقناع الأطراف المتورّطة بالوحول السورية بالانسحاب من هناك، والاكتفاء بهذا الحجم من المآسي التي أصابت الشعب السوري، وأصابت أيضاً البيئة الحاضنة لهذه الأطراف، فضلاً عن أنها أصابت اللبنانيين بشكل عام.
الحكومة والعهد اليوم أمام تحدّي تثبيت سياسة النأي بالنفس التي أوردها رئيس الجمهورية في خطاب القسم، والحكومة بشكل ما في بيانها الوزاري، وإلا فإن استعادة ثقة العرب بلبنان لن تكون سهلةً، وهي فرصة اليوم قائمة من أجل إعادة ربط هذه العلاقة.
أما الحديث عن زياراتٍ إلى دول أخرى في الإقليم، فإن من حق الرئيس، ومن حق الحكومة أن تقرر ما تشاء من زياراتٍ، طالما أنها في صالح لبنان واللبنانيين، إلا أن الحديث عن زيارة إلى سورية، في هذا الوقت بالذات، قد يعيد إنتاج الأزمة داخلياً وخارجياً، ولا يظنّن أحد أن بعض الزيارات على المستوى الدولي التي حصلت إلى دمشق أعادت إلى النظام شرعيته، أو تعيده إلى الحظيرة الدولية، فلا يستعجلن أحد في لبنان هذه الزيارة، خصوصاً وأن الحديث اليوم يجري عن تسويةٍ ستنطلق من العاصمة الكازاخية (أستانة) وقد تتمخص عن نظامٍ جديد، لن يكون فيه رموز النظام الحالي.