لم تنجح القوى السياسية اللبنانية في إنجاز توافق على مشروع قانون انتخابي جديد، على الرغم من مرور 8 سنوات على موعد إجراء آخر انتخابات نيابية في البلاد. ومن المستبعد أن تُحقق القوى هذا الأمر خلال أيام قليلة تفصل عن موعد الجلسة التشريعية المقررة نهاية الشهر الحالي. وهي جلسة ستتناول قانون الانتخابات المُنتظر على وقع الخلافات الإقليمية التي يدور لبنان في فلكها، من التركيز الأميركي على "حزب الله" المُعرض لمزيد من العقوبات المالية، إلى جانب الموقف البحريني المُعلن من تحميل الحكومة اللبنانية مسؤولية مواقف الحزب في الشأن البحريني. وهو ما عبّر عنه وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد، الذي حمّل الحكومة "مسؤولية تصريحات شريكها حزب الله وزعيمه الإرهابي المعتوه التي تسيء لمملكة البحرين".
على صعيد موازٍ، لا تبدو علاقة رئيس الحكومة سعد الحريري بأفضل حالاتها مع السعودية التي تولّى وزيرها لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان، التسويق لتسوية انتخاب ميشال عون رئيساً، ومنح البرلمان الثقة لحكومة الحريري الثانية. وبدا ذلك في إلغاء كلمة الحريري خلال قمة الرياض التي انعقدت قبل أيام بحجة "ضيق الوقت"، وبقاء أزمته المالية معلّقة بانتظار عودة استثماراته داخل المملكة إلى قائمة مداخيله المادية.
وعلى مساحة أبعد، لا يزال الضغط الدولي قائماً من الأمم المتحدة ومن الاتحاد الأوروبي باتجاه إجراء انتخابات نيابية تستكمل بها القوى المحلية مسار التسوية السياسية، التي أفضت إلى استخدام مجلس النواب المُمدد لنفسه خارج إرادة اللبنانيين لانتخاب الرئيس ومنح الحكومة الثقة. حُيّد انتخاب عون، الزعيم المسيحي الأقوى، عن النقاش الانتخابي، وسقطت مع هذا التحييد الأسقف المرتفعة التي كان يطرحها في ملف الانتخابات. وتولى صهر عون ووريثه السياسي على رأس "التيار الوطني الحر"، وزير الخارجية جبران باسيل، المناورة من خلال طرح "القانون التأهيلي"، الذي يقوم على تفريغ النسبية التي يطالب بها جزء من اللبنانيين من مضمونها، وتحويلها إلى أداة طائفية، من خلال انتخاب أبناء الطائفة الواحدة لمرشحي الطائفة نفسها، على قاعدة النظام الأكثري، ثم انتخاب كافة المواطنين للمرشحين الفائزين من المرحلة الأولى على أساس نسبي.
اقــرأ أيضاً
وفي ظل هيمنة القوى السياسية على الطوائف، تصبح العملية أقرب إلى اختيار الأحزاب لقائمة المصوّتين لمرشحهم بدل أن يحصل العكس. كان مشروع باسيل من أواخر المشاريع التي سقطت خلال المفاوضات بين القوى السياسية خارج إطار المؤسسات الدستورية، كمجلس الوزراء. وسقط بعده مشروع رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي قدّم صيغة مختلطة تجمع بين النظامين الأكثري والنسبي، تقوم على تأهيل المرشحين داخل طوائفهم عبر الاقتراع وفق نظام أكثري، ثم التنافس في ما بينهم وفق النظام النسبي مع تقسيم لبنان إلى 10 دوائر انتخابية. وهو ما يضمن للأحزاب الكبرى حيازة مرشحيها على أكثرية الأصوات ضمن طوائفهم، لتصبح مرحلة النظام النسبي مفاضلة بين الأسماء الحزبية/الطائفية التي تأهلت في المرحلة الأولى عبر النظام الأكثري. وعلى الرغم من اختلاف عدد الدوائر الانتخابية بين المشروعين، إلا أن القاسم المشترك بينهما هو إسقاط حق بين 100 و120 ألف لبناني من طوائف ومذاهب يُقيمون في مناطق ذات أغلبيات طائفية مُختلفة. كما تحرم هذه الصيغة مرشحي الأحزاب العلمانية والمُستقلين من المنافسة في المرحلة الأكثرية من الانتخابات لصالح مرشحي الأحزاب.
عند هاتين الصيغتين توقف طرح الأفكار الانتخابية، بالتزامن مع تراجع رئيس الجمهورية عن شيطنة القانون الانتخابي النافذ حالياً والمعروف بـ"قانون الستين" نسبة لإقراره في عام 1960، أيام الرئيس الراحل فؤاد شهاب. قدّم عون مطلع الأسبوع الحالي القانون بوصفه البديل عن "ترك الجمهورية فالتة"، وهو ما يعني تفضيله إجراء الانتخابات النيابية وفق القانون الساري بدل التمديد الإضافي لولاية المجلس النيابي. وهو تمديد جاهز من الناحية التشريعية، مع بقاء مشروع قانون التمديد الثالث في أدراج الهيئة العامة للمجلس بعد أن قدّمه النائب نقولا فتوش قبل شهرين.
وفي مؤشر واضح على ما وصفه عون خلال استقبالات رسمية بـ"تبادل الأدوار"، يبدو وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، مُتحمساً لإجراء الانتخابات النيابية وفق القانون الحالي. وهو يواصل تكرار جهوزية أجهزة الوزارة لإجراء الانتخابات "وفق قانون الستين"، وأن أي عملية إقرار لقانون انتخابي جديد ستفرض مرحلة "تمديد تقني قد تطول أو تقصر بحسب تعقيدات القانون الجديد". يبدو كلام المشنوق منطقياً وفي سياق تقني بحت، لولا أن تجربة الانتخابات البلدية التي تمت العام الماضي كشفت تراجع أداء وزارة الداخلية وتسجيل جمعيات مراقبة الانتخابات لانتهاكات فادحة أثّرت على مسار العملية الديمقراطية. يُمثّل المشنوق في الحكومة فريق الحريري، أي "تيار المستقبل" الذي اعترض إلى جانب حليفه المسيحي الأول حزب "القوات اللبنانية" على طرح بري للقانون الانتخابي. في حين كان "حزب الله" أبرز المعترضين على مشروع قانون باسيل، وهو ما يعني اعتماد لعبة تبادل الأدوار على أكثر من صعيد وفي أكثر من اتجاه طائفي وسياسي. وهي لعبة تحصر النقاش ضمن "الممكن" قبل موعد الجلسة التشريعية في التاسع والعشرين من الحالي. والممكن حالياً تثبيت الواقع السياسي باعتماد إجراء الانتخابات وفق القانون الساري، بانتظار استقرار إقليمي ما.
على صعيد موازٍ، لا تبدو علاقة رئيس الحكومة سعد الحريري بأفضل حالاتها مع السعودية التي تولّى وزيرها لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان، التسويق لتسوية انتخاب ميشال عون رئيساً، ومنح البرلمان الثقة لحكومة الحريري الثانية. وبدا ذلك في إلغاء كلمة الحريري خلال قمة الرياض التي انعقدت قبل أيام بحجة "ضيق الوقت"، وبقاء أزمته المالية معلّقة بانتظار عودة استثماراته داخل المملكة إلى قائمة مداخيله المادية.
وفي ظل هيمنة القوى السياسية على الطوائف، تصبح العملية أقرب إلى اختيار الأحزاب لقائمة المصوّتين لمرشحهم بدل أن يحصل العكس. كان مشروع باسيل من أواخر المشاريع التي سقطت خلال المفاوضات بين القوى السياسية خارج إطار المؤسسات الدستورية، كمجلس الوزراء. وسقط بعده مشروع رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي قدّم صيغة مختلطة تجمع بين النظامين الأكثري والنسبي، تقوم على تأهيل المرشحين داخل طوائفهم عبر الاقتراع وفق نظام أكثري، ثم التنافس في ما بينهم وفق النظام النسبي مع تقسيم لبنان إلى 10 دوائر انتخابية. وهو ما يضمن للأحزاب الكبرى حيازة مرشحيها على أكثرية الأصوات ضمن طوائفهم، لتصبح مرحلة النظام النسبي مفاضلة بين الأسماء الحزبية/الطائفية التي تأهلت في المرحلة الأولى عبر النظام الأكثري. وعلى الرغم من اختلاف عدد الدوائر الانتخابية بين المشروعين، إلا أن القاسم المشترك بينهما هو إسقاط حق بين 100 و120 ألف لبناني من طوائف ومذاهب يُقيمون في مناطق ذات أغلبيات طائفية مُختلفة. كما تحرم هذه الصيغة مرشحي الأحزاب العلمانية والمُستقلين من المنافسة في المرحلة الأكثرية من الانتخابات لصالح مرشحي الأحزاب.
عند هاتين الصيغتين توقف طرح الأفكار الانتخابية، بالتزامن مع تراجع رئيس الجمهورية عن شيطنة القانون الانتخابي النافذ حالياً والمعروف بـ"قانون الستين" نسبة لإقراره في عام 1960، أيام الرئيس الراحل فؤاد شهاب. قدّم عون مطلع الأسبوع الحالي القانون بوصفه البديل عن "ترك الجمهورية فالتة"، وهو ما يعني تفضيله إجراء الانتخابات النيابية وفق القانون الساري بدل التمديد الإضافي لولاية المجلس النيابي. وهو تمديد جاهز من الناحية التشريعية، مع بقاء مشروع قانون التمديد الثالث في أدراج الهيئة العامة للمجلس بعد أن قدّمه النائب نقولا فتوش قبل شهرين.