لا يمكن تأكيد وجود حملة منظمة تستهدف تضخيم أزمة اللجوء السوري في لبنان قبيل انعقاد مؤتمر بروكسل الدولي، يومي غد وبعد غد، الذي يبحث تلك الأزمة وأثرها على دول الجوار، بمشاركة 70 دولة.
إلا أن "ضغط اللاجئين" بات عنوانا ملازما لأي قضية رأي عام في لبنان، من أزمة الكهرباء إلى أزمة البنى التحتية، وصولاً إلى القرارات البلدية بمنع تجوّل أو إقامة لاجئين سوريين ضمن نطاقاتها.
وقدمت بلدية الهبارية، في منطقة العرقوب جنوبي لبنان، المثال الأخير على التمييز العنصري بين اللبنانيين والسوريين، من خلال القرار الذي أصدرته، مطلع أبريل/نيسان الجاري، منعت بموجبه "استقبال أي عائلة سورية جديدة منعاً باتاً". وبررت البلدية قرارها بـ"كثرة توافد النازحين السوريين والضغط على الاحتياجات الضرورية من مياه وكهرباء"، وأيضاً "حرصاً على الوضع الأمني وسلامة المواطنين".
ولاقى القرار ردود فعل مُستنكرة؛ كون البلدة "قدمت نموذجاً في التنسيق الناجح بين المؤسسات غير الرسمية وأجهزة الدولة والأهالي لاحتواء اللاجئين الهاربين من الحرب في بلداتهم"، كما يقول عدد من سكان البلدة لـ"العربي الجديد".
وفي بلدة عرسال شرقي البلاد، تتواصل أزمة تصريف المياه الآسنة، مع استمرار منع استحداث حفر صحية على أطراف البلدة لنقل مياه الصرف الصحي إليها، وغياب أي بنى تحتية للتصريف. وهو واقع سبق أزمة اللجوء السوري، واستمر بعده. وعلى ما تقول مصادر محلية في البلدة لـ"العربي الجديد"، فإن هذا الواقع الضاغط "يأتي لحث المعارضة على قبول عرض حزب الله بنقل عشرات آلاف اللاجئين إلى بلداتهم في منطقة القلمون السورية المجاورة لعرسال، تنفيذا لرؤيته لمفهوم المناطق الآمنة".
ويؤكد مدير مستشفى "الشفاء" في عرسال، الطبيب باسم الفارس، أن أزمة المياه الآسنة تتسبب في "بطء شفاء المرضى اللاجئين من الأمراض الاعتيادية التي يعانون منها كأمراض الجهاز الهضمي والتنفسي، إضافة إلى اكتشاف حالات محدودة من مرض السل غير المُعدي"، وإن كان الوضع الطبي لا يزال مضبوطاً، إلا أن استمرار أزمة مياه الصرف الصحي مع اقتراب فصل الصيف يُنذر بـ"عواقب غير محمودة"، بحسب الفارس.
وفي محافظة عكار شمالي البلاد، نشرت صحيفة محلية مقربة من "حزب الله" موضوعا عن "معاناة المواطن العكاري نتيجة استضافة اللاجئين السوريين للعام الخامس على التوالي". وذلك في تجاوز لواقع التداخل الاجتماعي الكبير بين أهالي عكار وبين السوريين المقيمين في مدن حدودية، وانتشار حالات المصاهرة والقرابة المباشرة بينهم.
وعلى الصعيد السياسي، لا تختلف المعالجة أيضاً، مع اتهام وسائل إعلامية تابعة لـ"التيار الوطني الحر"، اللاجئين السوريين، بـ"التسبب في خسارة اللبنانيين خمس ساعات من الكهرباء يومياً". وهو التبرير الذي قدمه وزير الطاقة وأحد ممثلي التيار في الحكومة، سيزار أبي خليل، لفشل خطة حكومية سابقة في تأمين التيار الكهربائي على مدار الساعة بحلول عام 2017.
أما بالنسبة للموقف الرسمي اللبناني، فقد لاقى استحداث "وزارة دولة لشؤون النازحين"، ترؤس رئيس الحكومة للجنة وزارية معنية بشؤون اللاجئين، ترحيبا دوليا، مع بقاء التخوف قائما من تعدد وجهات النظر السياسية للأطراف الحكومية في ملف اللجوء السوري. ونقلت وسائل إعلام محلية عن محاولة وزير الخارجية، جبران باسيل "شرح وجهة نظره في ملف النزوح" لسفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان، بعد "فشله في إدخال تعديلات على كلمة رئيس الحكومة أمام مؤتمر بروكسل". ما يعني تكرار حادثة "رسالة الرؤساء الخمسة السابقين إلى القمة العربية"، ووجود ازدواجية لبنانية في التعاطي مع الملفات. علما أنه سبق لرئيس الحكومة أن أكد "وجود تصوّر موحد لأزمة النزوح سيقدمه لبنان في مؤتمر بروكسل".
وتشير إحصاءات الأمم المتحدة إلى حصول لبنان على دعم مالي بقيمة 4.9 مليارات دولار أميركي منذ بداية أزمة اللجوء عام 2011 وحتى عام 2017، منها 1.5 مليار دولار عام 2016 وحده.