تقرر اليوم الأربعاء في المصلحة الوطنية لنهر الليطاني في العاصمة اللبنانية بيروت، تشكيل شبكة متابعة وملاحقة مؤلفة من رئيس المصلحة سامي علوية، وإعلاميين وجمعيات من المجتمع المدني وناشطين من مناطق لبنان كافة، لتنسيق الجهود الرامية لإنهاء تلوث الليطاني.
وأكد الناشطون، بعد الاجتماع الذي عقد في مبنى الإدارة المركزية للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني، دعم جهود المصلحة لرفع التعديات والتلوث عن نهر الليطاني، ومتابعة الإجراءات القضائية والإدارية المتعلقة بالمؤسسات المخالفة.
وخلص الاتفاق إلى صياغة خطة مبنية، تمثلت بتشكيل شبكات قانونية وقضائية ومدنية، لمواكبة عمل مصلحة الليطاني ودور القضاء والإعلام والمجتمع المدني في ملاحقة الملوثين، وردعهم والإسراع في تنفيذ المشاريع الرامية لرفع التلوث. واتفق المجتمعون على عقد لقاءات دورية وتشكيل لجان عمل مشتركة مع مهندسين وخبراء من المصلحة.
لا ضابطة بيئية ولا شرطة مياه
واعتبر علوية في الاجتماع، أن "تلويث نهر الليطاني هو الجريمة الأبشع والأسوأ"، وقال: "إن النهر لم ينتحر بل قتل والقتلة معلومون، ويجب أن ينتهي مسلسل تجهيل الفاعل".
وأوضح علوية أن "آليات المصلحة العامة لنهر الليطاني، تحاول التعامل مع مجموعة من التعديات والمخالفين في الحوض الأدنى على حرم قناة الري في منطقة القاسمية (...) بمساعدة القضاء الذي يتجاوب ضمن حدود وإجراءات معينة، لأن المشكلة الأساس عدم وجود ضابطة قضائية بيئية، وعدم وجود شرطة مياه".
واعتبر أن "من يعتدي على الموارد المائية في نهر الليطاني فإنه يعتدي على سيادة لبنان. وإن الموارد المالية ليست حقاً للمؤسسات العامة بل حق للمواطنين. وإن المجتمع المدني شريك في رفع هذه التعديات وفي مواجهة تلك التحديات"، مؤكداً خطورة تلك الاعتداءات التي ترتكبها المؤسسات على النهر. وقال: "لو صرفت المليارات على إنشاء محطات للتكرير واستمر الصرف الصناعي في التدفق إلى النهر فالتلوث لن يزول"، واعتبر أن "على البلديات التوقف عن النظر إلى الموارد المائية كسلعة انتخابية، وعن توزيع رخص البناء المزورة يميناً وشمالاً".
وقالت الناشطة نعمت بدر الدين، أن الهدف من اللقاء تشكيل شبكة ضغط إعلامية وحقوقية وشعبية مع رئيس المصلحة، تؤكد "أن لدينا أسماءً وعناوين وتفاصيل وملفات بالمخالفين والتعديات". واعتبرت أن الموضوع أصبح "خطاً أحمر". وأكدت الاستمرار باللقاءات والجلسات "حتى نصل ليوم رفع التلوث عن نهر الليطاني".
خلال جلسة نقاش مطولة، استمع علوية إلى أسئلة واقتراحات الحاضرين، ووضع المستندات والتقارير بين أيديهم. وانتقد تعامل الوزارات والبلديات والإدارات المعنية مع الملف. واعتبر أن الحديث عن غطاء سياسي ينعم به الملوثون حجة تتمسك بها الجهات المعنية كي لا تقوم بواجباتها، لافتاً إلى رفض هؤلاء اعتبار تلوث نهر الليطاني خطراً داهماً يهدد صحة اللبنانيين، ويقللون من أهمية زيادة حالات السرطان بسببه.
643 مؤسسة غير مرخصة تلوّث الليطاني
في إجابة عن سؤال "العربي الجديد"، بشأن كيفية التعامل في ظل عدم امتلاك القضاء خبرة في قضايا البيئة، أجاب علوية: "الأمر ممكن عبر إنشاء هيئة بيئية، وتدريب القضاة على التعامل مع هذه القضايا، فهناك 107 بلديات معنية بتلوث الليطاني، وعلى حوض النهر 251 مؤسسة مرخصة ادعينا عليها فتبين أن 81 منها تلوث النهر ومعظمها في قضاء زحلة، بعضها بدأت باتخاذ إجراءات لتحسين وضعها. وهناك 643 مؤسسة غير مرخصة كشفنا على نحو 80 منها، فيما القضاء لم يبدأ بالكشف".
وعن دور المحافظين أجاب: "محافظ زحلة لم يتخذ أي إجراءات، ومحافظ البقاع يعتبر أن اتخاذ إجراءات هو من صلاحيات وزير الصناعة، ولم يقتنع بوجود خطر داهم".
وأشار علوية إلى خطورة المهل القضائية، التي تمنح للمؤسسات المخالفة لتسوية أوضاعها، وشدد على رفضه لها، مؤكداً توجيه طلب لوزير البيئة الحالي طارق الخطيب، كي يكف عن منح المهل. ولفت إلى أن سلفه محمد المشنوق قام بالأمر عينه، ومنح مؤسسات مهلاً حتى عام 2020.
وكلاء المؤسسات الدولية "سماسرة"
وانتقد علوية المؤسسات الدولية، متهماً وكلاءها بـ "السمسرة" في قضية تلوث الليطاني، وفي قضية محطات ضخ المياه. وقال: "هي تقترح مشاريع لمحطات ضخ دون أن تدرس أثرها على البيئة. يجب تحديد كمية المياه المستهلكة لضبط حجم مياه الصرف الصحي، فازدياد كمية المياه المستهلكة يؤدي إلى ازدياد مياه الصرف. حتى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تقوم بسحب المياه المبتذلة من الجور الصحية في المخيمات وترميها في نهر الليطاني".
واتهم علوية منظمات أخرى بمكافأة الملوثين بدل معاقبتهم، من خلال اقتراح دراسات مجانية تجريها لهم، وتتبعها بطلب قروض مدعومة من مصرف لبنان لصالح هذه المؤسسات لتسوية أوضاعها.
كما أشار إلى "عدم القدرة على محاسبة رؤساء البلديات، فوفقاً للقانون لا يمكن ملاحقتهم دون إذن من وزير الداخلية"، لافتاً إلى أنه سيطلب من الأخيرة "عدم تحويل أموال للبلديات المتهمة بتلويث النهر للضغط عليها، خصوصاً أن حجتها الدائمة عدم امتلاكها المال لمعالجة التلوث، مع ضرورة الكشف عن موازناتها".
وقال: "البلديات لا تريد التوصل لحل بديل، إذ يمكن زراعة الأراضي حول النهر بالقصب الذي ينقي المياه الملوثة بنسبة 80 في المئة".
وأكد علوية أن المصلحة ستتابع الدعاوى القضائية، للتأكد من إيصال التبليغات إلى أصحابها، لافتاً إلى أن جلسة السابع من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، وصل التبليغ إلى 4 مؤسسات مخالفة من بين 31 مدعىً عليها. فيما الجلسات المقبلة حددت في 18 و20 ديسمبر/ كانون الأول المقبل في قصر العدل في زحلة. وقال علوية: "سنتقدم بطلب لإقفال المؤسسات المخالفة، وسنتعاون مع الإعلام من أجل الضغط ولتبقى قضية الليطاني قضية رأي عام".