لبنان تحت سياط الغلاء: انفلات الأسواق

24 ابريل 2020
ارتفاع أسعار الدولار أدى إلى غلاء السلع(حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -
التدابير المشددة التي اتخذتها المصارف اللبنانية بحق المودعين الذين منعوا من إجراء السحوبات إلا بسقوفٍ محدودة، بسبب الشحّ في الدولار والنقص الحاد في السيولة، انعكست بشكل كبير على أسعار السلع، ولا سيما المستوردة في ظلّ صعوبات يعاني منها التجار لشراء المواد من الخارج وخاصة مع دخول شهر رمضان.

يقول رئيس جمعية المستهلك في لبنان، زهير برو، لـ"العربي الجديد" إنّ ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية بلغ 13.17 بالمائة بين 15 فبراير/شباط و31 مارس/آذار الماضيين، كما وصل ارتفاع أسعار السلع والخدمات ذات الاستهلاك اليومي للعائلات إلى نحو 58.43 بالمائة منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019، بسبب تجاوز سعر صرف الدولار في السوق الموازية الضعفين، فيما زادت التكلفة على المستوردين أكثر من 100 بالمائة.

وبحسب بيان الجمعية، فإنّ أسعار الخضار ارتفعت إلى 17.27 بالمائة، فيما بلغ ارتفاع سعر الفواكه 20.13 بالمائة واللحوم 17.9 بالمائة، والألبان والأجبان 11.1 بالمائة والمعلبات والزيوت.

ويؤكد الباحث في شركة "الدولية للمعلومات"، محمد شمس الدين، لـ"العربي الجديد" أنّه منذ تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا في لبنان بتاريخ 21 فبراير/شباط 2020 ارتفعت السلة الغذائية للأسرة من 5 أفراد من 450 ألف ليرة لبنانية شهرياً (300 دولار)، إلى 750 ألف ليرة لبنانية (500 دولار)، أي نسبة 66 بالمائة حتى بداية شهر أبريل/نيسان.

بدوره، يلفت نقيب مربي الأبقار في لبنان، خير الجراح، لـ"العربي الجديد" إلى أنّ التجار يعانون مشكلة في قطاع الثروة الحيوانية، لأنّ المواد الأولية بغالبيتها مستوردة من الخارج، ما يدفعنا إلى شراء الدولار من سوق الصرافين لنؤمن إرسال الأموال نقدا لشراء هذه المواد، الأمر الذي يؤثر سلباً على سعر المنتج النهائي، وهنا المستهلك هو المتضرر الأكبر من هذه المشكلة، مع ارتفاع سعر اللحمة والبيض والحليب، وغيرها من المواد الأساسية التي لا يمكنه الاستغناء عنها.

ويضيف أنّ المشكلة أيضاً تكمن في أنه حتى عند الصرافين فإنّ الدولار ليس متوفراً بكمية كبيرة، وبالتالي فإنّ هذه أمور تؤثر سلباً على السوق.

ويؤكد نقيب مستوردي المواد الغذائية، هاني بحصلي، لـ"العربي الجديد" أن الصعوبة تكمن في تأمين الدولار الكاش للمصارف لتحويل الأموال للخارج، مشيراً إلى أن هناك مواد كثيرة لم تعد مطلوبة كالسابق، نظراً لارتفاع أسعارها وصعوبة بيعها، ما تم استبدالها بمواد أخرى أقل جودة واقل تكلفة.

وتربط المديرة العامة لوزارة الاقتصاد عليا عباس، في حديثها مع "العربي الجديد" ارتفاع الأسعار بتجاوز سعر صرف الدولار الضعف مقارنة بالسعر الرسمي، ودور الوزارة يرتكز بشكل أساسي على تنظيم محاضر الضبط وتحويلها إلى القضاء، وتأخر صدور القرار فيها يؤدي إلى تمادي التجار بالمخالفات أيضاً لكسب أرباح غير معقولة. ولفتت إلى أن الناس لم تعد تشتري الكماليات بل تتجه إلى المواد الغذائية الأساسية.

وأصبح المستهلكون الأكثر تضررا من تهاوي سعر العملة المحلية، الأمر الذي أدى إلى قفزات قياسية في الأسعار.


وتقول ريم بيصري وهي أم لثلاثة أولاد، لـ"العربي الجديد" إنّ الأسعار ارتفعت بشكل كبير بحيث باتت تشتري المواد الأساسية فقط وبكميات محدودة جداً بعدما ترى السعر الأنسب لها، خصوصاً لناحية الحليب والخبز والأجبان والألبان، فيما ابتعدت عن شراء المواد المستوردة مثل اللحوم والسمك والحلويات.

ارتفاع الأسعار لم ينسحب فقط على المواد الغذائية بل طاول كل القطاعات في لبنان، وخصوصاً التي ترتكز على البضائع المستوردة من الخارج.

ويروي كرم فخري أحد كبار مصدري المواد الصناعية المعمارية والزراعية في لبنان لـ"العربي الجديد" الصعوبات التي يعاني منها لشراء الموارد بالدولار، "حيث إنّنا لا نحصل على أموالنا من المصارف التي باتت مجمدة بالكامل واستيراد البضائع متعذّر، ما دفعنا إلى شراء المواد من السوق المحلي الذي لا يلبي حاجاتنا ومتطلباتنا، كما أن الأزمة بشكل عام أدت إلى انخفاض الطلب على بعض المواد، وارتفاعه على سلع أخرى مثل الكمامات التي أيضاً لا يمكننا استيرادها من الخارج".

ويضيف أن "المصارف لا تؤمن تسهيلات ائتمانية بالدولار للاستيراد بسعر الصرف الرسمي باستثناء القمح والوقود والأدوية، ما يضطر مستوردي باقي السلع للجوء إلى الصرافين، ويصبحون تحت رحمتهم سواء بالسعر أو الكمية".

بدوره، يقول سمير ركان الذي يملك معرضاً للسيارات لـ"العربي الجديد" إنّ قطاع بيع وشراء السيارات انعدم تماماً، مع إقفال المعارض نتيجة التعبئة العامة التي دخل بها لبنان منذ شهر تقريباً.

وأضاف: سبق أن تأثر المعرض مع بدء ارتفاع سعر صرف الدولار، حيث إننا حرصنا في البداية على بيع السيارات وفق السعر الرسمي للدولار (1507 ليرات)، في وقت وصل فيه في السوق الموازية إلى 2500 ليرة، بيد أن وصوله إلى عتبة الـ3000 صعّب علينا كثيراً عملية الشراء.

وفي هذا السياق، يعاني المواطن اللبناني ليس فقط من مسألة شراء السيارات بل عند تصليحها، إذ بات يدفع قطع الغيار والبضائع بأسعار مضاعفة لأنها جميعها مستوردة من الخارج.

قطاع الهواتف أيضاً يشمله الارتفاع الجنوني في الأسعار، لكون التجار وأصحاب المحال يشترون الهواتف الخلوية وتوابعها ومستلزماتها من الخارج، وهنا يقول جورج خوري صاحب محل لبيع الهواتف لـ"العربي الجديد" إنّ الهواتف ارتفعت أسعارها أضعافاً بسبب زيادة.

ويضيف: إننا اتخذنا إجراءات قاسية في بيع الهواتف، ومنها وقف عملية التقسيط بشكل نهائي لأننا بحاجة إلى الأموال الفورية والمباشرة لشراء الهواتف ومستلزماتها، إلى جانب تقلبات الأسعار بشكل يومي، وللأسف هذه الأمور كلها أدت إلى تراجع الطلب على الهواتف، ولا سيما الجديدة منها واتجاه الزبون إلى الهواتف المستعملة.

المساهمون