وينام ملف النفط في أدراج السياسيين وخلافاتهم منذ ما يقارب العامين، والأمور كانت عالقة عند موضوع التلزيمات وكيفية تقسيم العمل، بما يضمن بشكل أو بآخر حصص هذه الفرق المكوّنة للسلطة. لكن على ما يبدو، تلوح في أفق العلاقات اللبنانية الداخلية تسوية ما بين مكوّنات السلطة بهدف إعادة تفعيل هذا الملف الذي من شأنه أن يساعد الاقتصاد اللبناني بشكل كبير ويعيد الدولة اللبنانية إلى دائرة الاهتمام الدولي.
وبنتيجة اتفاق بري وباسيل، اللذين كانا يختلفان على تقسيم المربّعات النفطية وكيفية تلزيمها (بشكل كامل أو على دفعات)، من المفترض أن يعود ملف النفط والغاز البحري بجدية إلى طاولة مجلس الوزراء. ولا يزال التوافق الذي حصل بين بري وباسيل غير واضح في هذا الإطار، حيث من المفترض أن يبلغ الطرفان حلفاءهما بالمستجدات الحاصلة في وقت قريب.
ويقع على عاتق الحكومة اللبنانية اليوم إصدار المراسيم التطبيقية لقانوني النفط والغاز البحري، بهدف إطلاق عمليات تلزيم مهمات المسح والتنقيب وغيرها. مع العلم أنّ موضوع التلزيم قد يخضع أيضاً لتجاذبات سياسية إضافية نتيجة التركيبة اللبنانية، وما يدخلها من محاصصات بين مكوّنات السلطة.
كما أنّ إشكالية أخرى لا تزال عالقة في هذا الملف، وهي ترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي وتحديد المنطقة الاقتصادية الخاصة بلبنان، والتي كانت في الأساس محط اهتمام دولي وغربي. فمن المتوقع أن يعود النشاط إلى ملف النفط والغاز البحري في لبنان، وسط توقّعات باجتماع في البرلمان للجنة الأشغال العامة والطاقة والمياه والنقل، بهدف متابعة المستجدات، مع العلم أنه من المفترض أن يقرّ مجلس النواب اللبناني قانوناً خاصاً بالضرائب النفطية.
كل هذه المراسيم والقوانين يجب القيام بها في ظل أزمة سياسية عامة، نتيجة الشغور الرئاسي (منذ مايو/أيار 2014) وحكومة شبه معطّلة نتيجة التجاذبات والاستقالات المقدمة منها (حزب الكتائب والوزير أشرف ريفي)، وبرلمان معطّل نتيجة ممارسة القوى المسيحية الضغوط لانتخاب الرئيس ورفضها فتح أبواب التشريع في المجلس النيابي قبل انتخاب الأخير للرئيس العتيد.
وفي سياق الملف نفسه، قال الوزير جبران باسيل بعد لقائه بري إنّ هذه التطورات الإيجابية تعطي "أملاً كبيراً لمستقبل البلد، والاتفاق الذي تمّ مع الرئيس بري يؤمّن الاستقرار في البلد، واستفادة لبنان من موارده تعطيه إمكانية مواجهة المصاعب الاقتصادية".
ودعا باسيل جميع القوى إلى العمل من أجل "خلق معادلة نفطية - غازية تضعنا على الساحة النفطية والغازية في العالم تؤمّن مصلحة اللبنانيين والمسار التقني". ومن جهة أخرى، قال الوزير علي حسن خليل إنّ "التوافق كامل مع باسيل، ونتمنى من رئيس الحكومة تمام سلام دعوة اللجنة الوزارية المعنية بملف النفط بهدف بدء الاجتماعات من أجل إقرار المراسيم في أقرب فرصة".