واصلت الأزمات المعيشية ملاحقة اللبنانيين في ظل استمرار الاضطرابات وفشل السلطة في حل معضلة فراغ رئاسة الوزراء وعدم قدرتها على الاستجابة لمطالب الشارع الساخط.
وتواجه مختلف القطاعات في لبنان أزمة بسبب عدم توفر الدولار وشح السيولة الخانق الذي تعاني منه البلاد.
وفي هذا السياق، ناشد رئيس الحركة الشعبية اللبنانية، النائب مصطفى حسين، جميع المسؤولين "وخصوصا حاكم مصرف لبنان المركزي النظر إلى مآسي المزارعين" مشيرا إلى دخول الموسم الزراعي وخصوصا البطاطا، ما يستوجب استيراد البذور من الخارج، وكذلك الأسمدة والأدوية الزراعية، وبالتالي الدفع بالدولار أو اليورو.
واعتبر حسين في تصريحات أمس، أن "تسهيل أمور المزارعين عبر فتح اعتمادات خاصة، خطوة ضرورية جدا من أجل استمرارية هذا القطاع الاقتصادي أولاً، وكي لا ترتفع أسعار المحاصيل ثانيا، وبالتالي يصبح جميع اللبنانيين مهددين في غذائهم".
وشدد حسين على ضرورة دعم القطاع الزراعي بشكل حقيقي نظرا لأهميته، "من أجل تحويل اقتصادنا إلى اقتصاد منتج بدلا من الاتكال فقط على قطاعات الخدمات، وهي سياسة أثبتت فشلها"، حسب النائب البرلماني.
ومنذ أن تفجرت الاحتجاجات في أرجاء لبنان في 17 أكتوبر/ تشرين الأول، تزايدت الضغوط على النظام المالي، وتعمق شح العملة الأجنبية مما جعل الكثير من المستوردين غير قادرين على جلب البضائع، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار وتزايد المخاوف من انهيار مالي. وهبط سعر العملة اللبنانية إلى مستويات قياسية إذ وصل الدولار إلى 2450 ليرة نهاية الأسبوع الماضي قبل أن يتراجع إلى أقل من 1750 ليرة، في السوق السوداء.
وفي إطار المساعي الحكومية لحل أزمة الوقود، دعت إدارة منشآت النفط، أمس، إلى فض عروض استيراد مادة البنزين، في حضور وزيرة الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال ندى البستاني، المقرر له صباح اليوم الاثنين، في مبنى المنشآت بالحازمية.
وشهد لبنان، يوم الجمعة الماضي، ازدحاما خانقاً في عدد من محطات الوقود، مع مضي نقابة أصحاب المحطات في البلاد في إضرابها المفتوح قبل تعليقه. وقال نقيب أصحاب محطات الوقود، سامي البراكس في بيان، إن تعليق الإضراب جاء "بعد المشاهد المؤلمة التي شهدها الوطن يوم الجمعة، وتحديدا في محيط محطات المحروقات والتي ترجمت حجم معاناة المواطنين نتيجة عدم توفر المشتقات النفطية ولا سيما البنزين".
وفي إطار الأزمات الاقتصادية المتصاعدة، أطلق ميريل لينش بنك أوف أميركا تحذيرات الأسبوع الماضي من تدهور المؤشرات الاقتصادية في لبنان، مؤكدا أنه من المرجح أن تكون عملية إعادة الهيكلة للديون، إذا حدثت، عملية معقدة بالنظر إلى مدى تداخل الميزانية العمومية للقطاعين السيادي والقطاع المصرفي والبنك المركزي، وسط المزيد من عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي بسبب تداعيات التقشف والإمكانات المحتملة لعمليات تخفيض قيمة العملة والاقتطاع من الودائع.
ولفت البنك إلى أن الدين الحكومي اللبناني هو واحد من أكبر الديون في العالم. ويمكن أن يصل إجمالي الدين الحكومي لعام 2019 إلى 88.4 مليار دولار (154.5% من إجمالي الناتج المحلي).